وزير لبناني سابق يؤكد من دمشق اعتقال محمد زهير الصديق «الشاهد الملك» في اغتيال الحريري

قال إنه اعتقل في دولة عربية والإنتربول لم يؤكد.. ومصدر لبناني يقول إنه بحماية المحكمة الدولية

TT

فاجأ الوزير اللبناني السابق ميشيل سماحة حضور الجلسة الختامية لمؤتمر العلاقات السورية ـ اللبنانية، بإعلانه نبأ توقيف محمد زهير الصديق الذي لقب بـ«الشاهد الملك» في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ثم تحول إلى مشتبه به. وقال سماحة أمام جمهور من الباحثين الأكاديميين من البلدين، وعدد كبير من الإعلاميين وبحضور نائب رئيس الجمهورية نجاح العطار، أنه «تم توقيف الصديق في إحدى الدول العربية أول من أمس (الخميس) بمذكرة إنتربول صادرة عن سورية». وأضاف: «سنكون في مواجهة الحقيقة الحقيقية وتفكيك الكذبة».

ولم يذكر سماحة اسم الدولة العربية، ولم يؤكد الإنتربول خبر اعتقال الصديق، وقالت متحدثة باسم منظمة الشرطة الدولية في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» من لندن، إنه إذا تم اعتقال الصديق، فإن قرار تأكيد الخبر يجب أن يصدر عن الدولة التي اعتقل فيها. وأضافت أن الاعتقال إذا تم، يكون قد تم عبر الشرطة المحلية، وليس شرطة الإنتربول. وفي بيروت أيضا، قال مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط» إن القضاء اللبناني لا يملك معلومات حول مكان الصديق، وقال «إن هذا الشخص لم يعد مطلوبا من القضاء اللبناني بعدما استرد المحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي صقر صقر مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حقه، خصوصا أن القضاء رفع يده عن القضية متنازلا عنها لمصلحة المحكمة الدولية». إلا أن المصدر استدرك قائلا: «المعلومات التي سبق أن توافرت عند انطلاق عمل المحكمة الدولية مطلع آذار (مارس) الفائت مفادها أن زهير الصديق موجود في إحدى الضواحي الفرنسية ويخضع لحماية مشددة وفق برنامج حماية الشهود، وأن لجنة التحقيق الدولية عاودت استجوابه في فرنسا في التاريخ المذكور. وهو أحد الأشخاص الموجودين تحت رقابة أجهزة المحكمة الدولية، وهو، بحسب المعلومات، شاهد أساسي في القضية، بغض النظر عن تشكيك أحد أطراف القضية في شهادته. كما أن المحكمة الدولية ومجريات المحاكمة هما من يقرران مدى صدق أقواله أو عدم صدقها». وأشار المصدر إلى أن «الصديق لم يكن ملاحقا في الأساس من جانب المحكمة الدولية ليصار إلى استرداده أو توقيفه بواسطة الإنتربول». والصديق مطلوب من السلطات السورية بموجب عدد من مذكرات التوقيف الغيابية في لبنان وسورية، بجرم الإدلاء بإفادات كاذبة. وكان أقام في فرنسا بعد اغتيال الحريري، ثم اختفى من هناك العام الماضي. وراجت معلومات غير مؤكدة عن تواجده في بلد أوروبي قريب من فرنسا.

وقد تقدم أشقاؤه في أبريل (نيسان) العام الماضي بمذكرة إلى السفارة الفرنسية في دمشق، تطالب الحكومة الفرنسية بالكشف عن مصير زهير الصديق وولديه وزوجته اللبنانية. وكان الصديق قد تحول من شاهد ملك في قضية اغتيال الحريري إلى مشتبه فيه، لدى هروبه إلى فرنسا وتضارب المعلومات حول صدقية ما أدلى به أمام لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري، ما دفع القضاء اللبناني إلى إصدار مذكرة استدعاء بحقه. لكن فرنسا رفضت تسليمه إلى السلطات اللبنانية، وشككت لجنة التحقيق الدولية برئاسة سيرج براميرتس بمصداقية الصديق، وبالمعلومات التي أدلى بها إلى رئيس اللجنة السابق، ديتلف ميليس. وجاء إعلان سماحة لنبأ اعتقال الصديق في دولة عربية، ليعيد إلى الواجهة هذا الاسم الذي أثار الكثير من اللغط والشكوك، وأعطى زخما لمؤتمر يعتبر الأول من نوعه فيما يخص العلاقات السورية ـ اللبنانية، التي شهدت توترا كبيرا على خلفية اتهام سورية بالضلوع في اغتيال الحريري، وبدأ سماحة مداخلته أثناء الجلسة الأخيرة في المؤتمر الذي حرص المشاركون فيه أن يكون نقاشهم هادئا بأننا «على عتبة ظهور الحقيقة الحقيقية، وليست الحقيقة التي تناسب هذا الفريق أو ذاك».

وتحدث عما جرى وكيف ساءت العلاقات السورية ـ الفرنسية، وكيف ولد قرار 1559، فقال: «أتى موفد فرنسي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2003 من قبل الرئيس جاك شيراك وقابل الرئيس الأسد حاملا رسالة من رئيس إسرائيل موشيه كاتساف يدعو فيها الأسد لزيارة تل أبيب على غرار زيارة السادات وأن يعلن انتهاء مرحلة الصراع وبدء مرحلة التطبيع باعتبار أن سورية يجب أن تكون قد تغيرت كما تغير العالم بعد 11 سبتمبر (أيلول). وتغير المنطقة بعد احتلال العراق، لكن عندما سمع الموفد الفرنسي الرد القاسي من الأسد وعاد خائبا أصيبت العلاقات السورية الفرنسية بانتكاسة كبرى».

وأضاف سماحة المقرب جدا من سورية: «إننا نريد الحقيقة في قضية اغتيال الحريري ونصر عليها ولسنا خائفين منها ونريد للمحكمة أن تستمر إلى النهاية». وقال إن «توقيف الصديق المزور سيؤدي إلى القبض على المزورين، وسنذهب جميعا إلى المحكمة الدولية لمعرفة الحقيقة». ووصف الذين اغتالوا الحريري بأنهم «ليسوا شيعة أو سنة أو مسيحيين أنهم خارجون عن هذه الأديان».

وقال سماحة أيضا إنه «في صيف عام 2004 عقدت في لبنان أربع حلقات تحضير إعلامية على يد إعلاميين أتت بهم السفارة الأميركية ببيروت لتدريبهم على كيفية إدارة الأزمة، علما أن لبنان لم يكن في أزمة ولم يكن هناك أي حديث عن أزمة وظهر ذلك (موضوع التدريب) في نصف الساعة التي تلت اغتيال الحريري». وتابع الوزير اللبناني السابق يقول: «بعد الانتقال إلى المحكمة الدولية ونقل صناديق العدالة من لبنان إلى لاهاي، يتبين اليوم أن الدولة اللبنانية لم ترسل كل معلوماتها عن التحقيق كما تعهدت بذلك. تم توقيف الصديق في إحدى الدول العربية أول من أمس بمذكرة إنتربول صادرة عن سورية، وسنكون في مواجهة الحقيقة الحقيقية وتفكيك الكذبة».

من جهتها، دعت العطار إلى «تأسيس واستكمال سريع (لمثل هذا النشاط في إقامة المؤتمر) لأن هناك وقائع آتية وعاصفة في لبنان». ودعت إلى أن يكون «التأسيس على العقلانية الداعية لبحث العلاقات والتأسيس لها» معتبرة أن هذا الأمر مهم جدا «لمواجهة ما هو آت إلينا بعد فشل المشروع الصهيوني الغربي في المنطقة».