مصادر أمنية: استخبارات حزب الله أجرت مسحا جغرافيا لقرى مصرية على حدود إسرائيل

متهمان من سيناء اعترفا بتحرير معلومات لـ شهاب وقبلان عن خمس قرى منها الناسورة ونجع شبانة والمراسة

حسن نصر الله خلال احد خطاباته على قناة المنار (أ.ف.ب)
TT

في وقت أعلن فيه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس، أن تسوية قضية تنظيم حزب الله في مصر ليست خاضعة لأي مسائل سياسية أو محاولات لاستخدام السياسة والوساطة، وأنها «مسألة سوف تخضع للقضاء المصري»، قالت مصادر قريبة من التحقيقات في قضية تنظيم حزب الله، المتهم فيها 49 شخصا بزعامة عضو الحزب اللبناني سامي شهاب: إن اثنين من المتهمين الرئيسيين في القضية اعترفا بتحرير معلومات لـ«شهاب» وقيادي آخر هارب من حزب الله يدعى محمد قبلان، عن خمس قرى منها «الناسورة» و«نجع شبانة» و«المراسة».

وأوضحت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن استخبارات حزب الله أجرت مسحا جغرافيا وخدميا واجتماعيا، بواسطة قبلان، لعدد من القرى المصرية الأخرى على حدود إسرائيل، ورفضت المصادر إعطاء رقم محدد عن تلك القرى وأسمائها، مشيرة إلى ما وصفته بالعلاقة الوثيقة بين قبلان وقيادات في جهاز استخبارات حزب الله في لبنان.

وأضافت المصادر القريبة من التحقيقات، أن نمر فهمي، وناصر أبو عمرة، مرجح أن يكونا المتهمين الثاني والثالث الرئيسيين، من بين المقبوض عليهم في خلية حزب الله في مصر، وهما من فلسطيني 1948، وتقيم أسرتاهما في سيناء منذ عقود طويلة، ويتحدثان اللهجة السيناوية «العريشية». وأوضحت المصادر أن نمر وناصر هما أكثر اثنين التقيا بشهاب وقبلان، وأن الأخير، مع المتهم الرئيسي، طلبا منهما إجراء مسح شامل للقرى والمدن المطلة على الحدود المصرية مع كل من إسرائيل وقطاع غزة، على أن يشمل المسح الجوانب الجغرافية والاجتماعية والخدمية، وأن البداية كانت بخمس قرى تطل على حدود مصر مع إسرائيل.

وذكرت المصادر أسماء ثلاث من خمس قرى، قالت إن المتهم «نمر» اعترف بأنه أجرى مسحا عليها، لصالح شهاب وقبلان، وهي قرى «الناسورة»، و«نجع شبانة»، و«المراسة»، وأشارت المصادر أن هذه القرى تعتبر منافذ لتهريب متسللين أفارقة عادة إلى داخل إسرائيل عبر سيناء، وتابعت قائلة: إن «نمر» اعترف بأنه تسلم ذاكرة حاسب آلي متنقلة (فلاش ميموري) محملا عليها استمارات خاصة بعملية إحصاء للمناطق السكنية القريبة من الحدود مع إسرائيل، وطلب جمع معلومات عن عدد الوحدات الصحية وعدد المدارس، وعدد السكان، وطبيعة كل قرية، ومداخلها ومخارجها، وأبرز الأشخاص الذين يعيشون فيها.

وتابعت المصادر أن نمر قال في التحقيقات، التي جرت معه الليلة قبل الماضية، إنه وناصر بدآ يرتابان في طبيعة المهمة المكلفان بها، وأنهما توقفا عن رصد المواقع السكنية والجغرافية والخدمية عند هذا الحد، وأنهما حين التقيا بشهاب وقبلان، قالا إنهما كانا يعتقدان أن عملية المسح سوف تقتصر على مواقع الأكمنة الأمنية المصرية في سيناء، والدروب والطرق التي تصلح لتهريب مؤن وأسلحة ومقاتلين لقطاع غزة. وأضافت المصادر أن نمر، قال في التحقيقات إنه توقف عند هذا الحد في عملية الرصد، إلا إنه استمر في العمل مع سامي شهاب ومحمد قبلان.

وأضافت المصادر أن نمر قال في التحقيقات: إنه وناصر كانا قد قاما بعمل مسح عام لعدد من القرى، وأن قبلان أخبرهما أن الغرض من المسح، هو لكي يتم حفظ «هذه المعلومات المهمة، حتى إذا جاء آخرون، من بعدكما، للعمل في المنطقة لدعم المقاومة، يستفيدون منها، في الجهاد».

وتابعت المصادر أن من ضمن اعترافات نمر فهمي أيضا، أنه تلقى أموالا من محمد قبلان، أثناء لقاء حضره شهاب وناصر أبو عمرة، في شقة استأجرها قبلان في ضاحية المنيب في محافظة الجيزة، (جنوب غربي القاهرة)، بغرض شراء سيارة ربع نقل مستعملة (شاحنة صغيرة)، وأن قبلان سدد من ثمن السيارة 5 آلاف جنيه، فيما سدد نمر من ثمنها 6 آلاف جنيه، بغرض استخدامها في تيسير عملهم «الداعم للمقاومة»، بحسب ما نقلته المصادر عن المتهم نمر. وأضافت المصادر أن محمد قبلان، جاء لمصر أكثر من مرة، وكان على اتصال بالثلاثة (نمر وناصر إضافة لشهاب)، وأنهم كانوا يلتقون في شقة بمنطقة المنيب لترتيب تحركاتهم، وقالت المصادر: إن نمر أوضح في التحقيقات أن آخر مرة التقى فيها محمد قبلان بمصر كانت منذ نحو عام ونصف العام. وأضافت المصادر، أن عدد من تم التحقيق معهم يصل لحوالي 15 شخصا، وأن التحقيقات تجري بشكل مكثف، متوقعة أن يتم الإعلان عن الانتهاء من التحقيقات اليوم (الأحد)، لكن مصادر أخرى قالت مساء أمس: إن مجموعة جديدة (لم يتحدد عددها بعد) من المتهمين بدأت التحقيقات معها لأول مرة في وقت متأخر من الليلة الماضية.

وقالت المصادر أيضا: إن كلا من محمد رمضان، ونضال أحمد، اعترفا في التحقيقات بأنهما ينتميان لحركة فتح، من قطاع غزة، وأنهما كانا سيجريان عمليات داخل إسرائيل، وأنهما أكدا في التحقيقات أن غرضهما دعم المقاومة الفلسطينية، بمساعدة المتهم شهاب.

وبحسب ما نقلته مصادر التحقيقات، فإن محمد رمضان، الذي كان يتم تحضيره لتنفيذ عملية داخل إسرائيل، قال للمحققين: إنه كان من التعليمات الموجهة إليه، أنه في حالة القبض عليه داخل إسرائيل عليه أن يقول إنه قادم من الضفة الغربية، وليس من مصر، وأنه وزميله الفلسطيني قالا للمحققين أيضا: إنه ليست لهما علاقة بالمذهب الشيعي، أو بحزب الله، وأن هدفهما الوصول إلى إسرائيل، وقالت المصادر: إنهما قالا ذلك للمحققين على الرغم من إقرارهما بأن حزب الله يوجد في آخر الحبل (الخلية).

وعلق سيد فتحي، المحامي عن عدد من المتهمين في القضية، من مؤسسة الهلالي للحريات، إن اعترافات «نمر» بأنه توقف هو وزميله عن إجراء المسح، تنفي عنه وعن زميله ناصر تهمة التخابر. بينما قال رضا مرعي، المحامي عن جانب من المتهمين، لـ«الشرق الأوسط»: إن الشبان الذين يدافع عنهم أنكروا أي علاقة لهم بحزب الله أو الفكر الشيعي، وأن كل ما قاموا به كان من أجل دعم المقاومة الفلسطينية، وأن المتهمين الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، أقرا بعضويتهما في حركة فتح، وأقرا أيضا بتهمة واحدة، هي التسلل إلى الأراضي المصرية عبر الأنفاق الحدودية. وتوقع مرعي، استمرار التحقيقات لمدة أسبوع على الأقل بسبب كثرة عدد المتهمين على حد قوله. وعلى الصعيد السياسي، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس: إن مسألة تسوية وضع التنظيم التابع لحزب الله الذي حاول أن يعمل على الأرض المصرية، واعترف به أمين عام حزب الله، ستتم عندما يتخذ القضاء المصري أمره. وأضاف في تصريحات للصحافيين نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس، أن هذه (القضية) ليست خاضعة لأي مسائل سياسية أو محاولات لاستخدام السياسة والوساطة، بل هي مسألة سوف تخضع للقضاء المصري، وسوف يقوم النائب العام المصري أو النيابة المصرية، بتوجيه الاتهام، وإحالة القضية إلى القضاء المصري عندما ينتهي من تحقيقاته بشكل كامل. وتابع قائلا، بشأن ما تردد عن وجود وساطات من بعض الأطراف العربية في قضية تنظيم حزب الله: إنه لا مجال لأي مناقشات أو محاولة إقامة مقارنات مع أوضاع سابقة اتضح أن حزب الله كانت له يد فيها في هذه الدولة أو تلك.