اليمين في مليلية متشبث بإبقاء تمثال فرانكو في إحدى ساحاتها أو نقله لمكان لائق

الاشتراكيون والمنظمات الحقوقية يعتبرونه تمجيداً للديكتاتورية

عمال يزيلون تمثال فرانكو في مدينة سانتاندر، بشمال إسبانيا، بهدف نقله إلى متحف، في 18 ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

يستمر الجدل السياسي منذ أيام، في مدينة مليلية المحتلة، بين الحزب الشعبي الحاكم فيها والمعارضة الممثلة في الحزب الاشتراكي العمالي، بخصوص الإبقاء على تمثال بإحدى ساحات المدينة يمجد ذكرى الديكتاتور الراحل الجنرال فرانسيسكو فرانكو. وبينما يعتبر الاشتراكيون ومعهم منظمات اليسار والهيئات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، الإبقاء على صورة رمز القمع الدموي والاستبداد السياسي، عارا سياسيا يجب التخلص منه بأسرع وقت ممكن، كما حدث في سائر المجتمعات الأوروبية، التي انتقلت من طور الاستبداد إلى الديمقراطية، يقول أتباع الحزب الشعبي المحافظ، وعلى رأسهم خوان خوصي إيمبرودا، رئيس الحكومة المحلية لمليلية، إن التمثال المعترض عليه يشير إلى فترة من التاريخ الوطني والعسكري لبلاده، يجب عدم محوه من وجهة نظره.

وفي محاولة للفصل بين مراحل السجل العسكري للديكتاتور فرانكو، يرى إيمبرودا، أن التمثال المقام في مليلية، إنما هو اعتراف بالدور البطولي الذي قام به الجنرال الدموي، عام 1921 في الدفاع عن المدينة، والتصدي للهجمات المغربية، التي حاولت استعادتها، مضيفا أنه ليست لذلك أية علاقة بالفترات اللاحقة حينما دبر الجنرال فرانكو، عام 1936 تمرده ضد النظام الجمهوري الشرعي انطلاقا من المدينة نفسها، ما أدى إلى اندلاع أشرس حرب أهلية في التاريخ الأوروبي المعاصر، دامت ثلاث سنوات، وخلفت أعدادا مرتفعة ومجهولة من الضحايا، تعدت مئات الآلاف طبقا لأغلب التقديرات، من دون نسيان التصفيات والمحاكمات الجماعية التي أعقبت الحرب.

ولمح إيمبرودا إلى إمكانية تليين موقفه من استمرار تمثال فرانكو، شاخصا، رامزا إلى التاريخ المرير، إلى أنه قد يقبل أن يزاح التمثال من مكانه بشرط أن ينقل إلى متحف حربي تابع لوزارة الدفاع، باعتباره جزءا من التاريخ العسكري لبلاده. ولتلك الغاية طلب ايمبرودا من وزيرة الدفاع الإسبانية، كامي شاكون، أن تدبر مكانا يليق بماضي الديكتاتور، ليعاد نصب التمثال فيه، وإذا عجزت الوزيرة والوزارة عن توفير المكان، فإن التمثال سيظل في مكانه.

ولا يجد الملاحظون تفسيرا لتشدد أتباع الحزب الشعبي في مليلية برموز الماضي، وعدم انخراطهم في الحركة السياسية، التي شملت جميع المناطق الإسبانية التي تخلصت بهدوء أو بضوضاء سياسة من بقايا العهد الديكتاتوري، لما تسببه ذكراه من آلام لعدد كبير من العائلات والأسر في إسبانيا، وذلك بموازاة مع الجهود التي قامت بها الدولة، خاصة الحكومات الاشتراكية المتتالية من أجل صيانة الذاكرة الوطنية وإنصاف ضحايا فرانكو، عبر تعويضهم أو عائلاتهم عن الأضرار التي أصابتهم، كما أعيد لهم الاعتبار في صفحات التاريخ الوطني، بواسطة عدد من الإجـراءات من قبيل كشف المقابر السرية الجماعية، والكشف عن الأرشيف السري الرسمي، الذي يحتوي على معلومات عن معارضي فرانكو، سواء الذين قضى عليهم في الداخل أو من أفلتوا بجلدهم وبقوا في المنافي إلـى أن سقط نظامه القاسي.