محمد بن راشد: محاولات خبيثة لاختلاق تباينات بين دبي وأبوظبي

رئيس  وزراء الإمارات في حوار إلكتروني مع : «الشرق الأوسط» لا توجد حساسية بين الإمارات السبع

TT

في تاريخ دبي، لم تواجه الإمارة أزمة كما واجهتها في هذه الأزمة المالية العالمية، وفيما تتسارع وتيرة التقارير العالمية بقرب «سقوط دبي» و«انهيار الفقاعة»، اختار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، أن يرد على هذه التقارير، فجاء رده على أسئلة «الشرق الأوسط» عبر الموقع الخاص برئيس مجلس الوزراء، الذي تلقى أسئلتنا إلكترونيا أيضا.

وحينما أعلن أن الشيخ محمد بن راشد سيتلقى أسئلة الإعلاميين عبر صفحته الخاصة على الشبكة العنكبوتية، كانت التوقعات تشير إلى أن هذه الأسئلة ستخضع لـ«الفلترة» قبل أن يرد عليها، إلا أن جميع الأسئلة التي تم توجيهها (حرفيا) عادت إلكترونيا مصحوبة بردود رئيس الحكومة الإماراتية.

وفي مايلي نص الحوار:

* قضية التركيبة السكانية تؤرق المواطنين في الإمارات.. كما تؤرقكم بكل تأكيد، أعلنتم عن مبادرات بهذا الشأن، وكشفتم عن عدد قليل منها.. هل لكم أن تكشفوا لنا عن المزيد من هذه المبادرات؟

مسألة التركيبة السكانية مهمة لتشعبها وتداخل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد حدد صاحب السمو رئيس الدولة (الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان) سياستنا في هذه المسألة، بأننا ننظر إلى التركيبة السكانية من منظور إيجابي يجسد قدرة شعبنا ودولتنا على صهر هذا الكم والتنوع البشري في إطار إنساني، قادر على إعطاء نموذج لقدرة التفاعل الإنساني في عملية البناء والنهوض بدولتنا، لتتبوأ مكانة متقدمة على الصعيد الحضاري والتنموي مع اكتساب احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والعالمية لتعاملنا الإنساني والحضاري مع جميع المقيمين في بلادنا، وخلق وإيجاد الحوافز أمامهم للمساهمة الفاعلة في عملية التنمية التي تشهدها الإمارات.

وهذه الرؤية، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة، لا تخفي عن أعيننا ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية. ومن هذا المنطلق جاء تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية للتعامل مع مشكلة التركيبة السكانية، ونحن نقدر عالياً عمل هذه اللجنة التي وضعت العديد من المبادرات للتعامل مع هذه القضية واتخاذ الإجراءات الفعالة في هذا الشأن. ونحن بصدد إجراءات وقرارات أخرى في إطار سياستنا المعلنة والشفافة للتعامل مع مسألة التركيبة السكانية بشكل حضاري، ومن دون الإخلال بالتزاماتنا الإنسانية والدولية وبما يحقق الهدف من تنويع التركيبة السكانية في بلادنا.  وبطبيعة الحال، يبقى أبناؤنا وبناتنا وأجيالنا الجديدة مفتاح الحل الاستراتيجي لمسألة التركيبة... من هنا، يظل تطوير التعليم وتنمية قدرات وإمكانيات الكادر الوطني الإماراتي في مقدمة اهتماماتنا، ونحن متفائلون بأجيالنا الشابة، ومعتزون بروح الانتماء الوطني التي تملأ جوارحهم، وبإدراكهم المتنامي لأهمية الاعتماد على الذات، والمشاركة بفعالية في بناء الوطن، وأنا أتابعهم وأنتظر منهم الكثير، وأدعوهم إلى مضاعفة الجهد والتحصيل المعرفي وتعزيز القدرات الذاتية في مختلف المجالات، ليكونوا باقة متميزة تتسابق عليها مؤسسات القطاعين العام والخاص.

* قبل عام تقريبا قمتم بتعديل وزاري واسع.. وذكرتم بأن أي وزير عرضة للتغيير.. هل هناك أي خطط لتعديل وزاري قريب؟

هناك قاعدة ننطلق منها، وهي أن الحكومة خادم الشعب... وأن الخدمة يجب أن تكون على أعلى مستوى، وأن يحصل عليها الناس بسهولة ويسر. والتعديل يتم إذا ما اقتضته الضرورة، وبما نراه مناسبا للتعاطي بفعالية مع متطلبات العمل الوطني، وبما يعزز قدرة الحكومة الاتحادية على تحقيق الأهداف المحددة في إستراتيجيتها وما يستجد من أهداف جديدة تبعاً للتطورات على أرض الواقع. ولم أزل عند قولي بأن أي وزير أو مسؤول لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه سيكون عرضة للتغيير ليفسح مكانا لمن هو أجدر بتحمل المسؤولية... والمرجعية الأساسية لأي قرارات بهذا الخصوص هي معايير الأداء ومستوى إنجاز مشاريع خطط التطوير.

* بصراحة من هم خارج الإمارات يعتقدون بوجود حساسية بين الإمارات السبع.. استنادا للنظام الفيدرالي الذي تنتهجه الدولة، بماذا تردون؟

لا أعرف ماذا تعني بكلمة حساسية، وما علاقة هذه الكلمة بالنظام الاتحادي. لكني أقدر أن سبب سؤالك، هو التقارير الإعلامية التي حاولت في تناولها لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على دولة الإمارات، وضع فواصل واختلاق تباينات بين أبوظبي ودبي، وهي محاولات خبيثة تغافلت عن الكيفية التي تصدت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعن الأداء الرائع لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة. كان الأداء اتحادياً بامتياز، وقدم دليلا جديداً على كفاءة وقوة الدولة الاتحادية وأظهر مجدداً قدرتها على مواجهة أصعب التحديات.  على أي الأحوال، ما دمت قد فتحت هذا الموضوع، فمن المفيد التذكير بأن الإمارات السبع اختارت النظام الاتحادي عن وعي وإدراك بأنه أنسب النظم القابلة للحياة والبقاء والتطور. كان الآباء المؤسسون حكماء وذوي بصيرة وأصحاب رؤية مستقبلية. ومن يعرف تاريخ المنطقة وواقعها السابق على قيام الاتحاد، يدرك عظمة إنجاز الاتحاد وإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وإذا كانت العبرة بالنتائج كما يقولون، فانظر إلى مكانة وتقدم وإنجازات وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة بعد نيف وسبعة وثلاثين عاماً من قيام الاتحاد. دولة الإمارات دولة مؤسسات تحتكم في كافة شؤونها إلى مرجعية دستورية، بما في ذلك توزيع الاختصاصات بين السلطات المحلية والسلطة الاتحادية. ومثل كل الدول الاتحادية تختص السلطة الاتحادية بكافة الشؤون السيادية سواء تعلقت بالسياسة الدفاعية أو بالقوات المسلحة أو بالأمن العام أو بالسياسة الخارجية أو بالسياسة المالية أو بالتشريعات الكلية الخاصة بالقضاء والاقتصاد والعمل وإقامة الأجانب.

ولعل من أهم الإنجازات التاريخية التي نعتز بها، بناء الهوية الوطنية الإماراتية التي لم تكن موجودة قبل قيام الدولة الاتحادية، وهذه الهوية تستقر عميقاً في نفوس جميع أبناء الإمارات، وتسري في عروقهم مسرى الدم، وتملأهم بمشاعر العزة والكبرياء والولاء والانتماء لوطنهم الإمارات.  كل مسؤول ومواطن في الإمارات يعلي انتماءه الوطني الإماراتي على انتمائه لمنطقته. وأساساً لا تعارض بل تكامل. وحين يقدم شخص نفسه على أنه من أبوظبي أو الفجيرة أو دبي، فإنه لا يختلف عن المصري الذي يقدم نفسه بأنه من القاهرة أو أسيوط أو الإسكندرية، أو السعودي الذي يقدم نفسه بأنه من الرياض أو مكة المكرمة أو الدمام. مع الأسف، بعض الذين لا يعرفون الإمارات وحقائق الحياة فيها، يفتون في ما لا يفقهون. نحن كما قال أخي الشيخ خليفة: أعضاء في كيان واحد وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك.  لا توجد أي حساسيات بين الإمارات، بل تكافل وتعاضد في إطار الدولة الواحدة، والهوية الوطنية الواحدة، وفي الوقت ذاته، وفي إطار هذه الدولة الواحدة، توجد مساحة فسيحة للتنافس على الخير والإنجاز والامتياز وخدمة الوطن والمواطنين... وهذا تنافس حميد، وهو أحد أهم أسس نهضة الإمارات وتقدمها.

* هل أنتم من أنصار إعطاء صلاحيات أكثر للحكومة الاتحادية، مقابل تقليل دور الحكومات المحلية لصالح الدولة؟

لا يوجد تنازع على الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية. توجد اختصاصات اتحادية وأخرى محلية محددة بوضوح وفي دستور الدولة. وكما أشرت فإن كافة الشؤون السيادية هي من اختصاص الاتحاد، ممثلا بصاحب السمو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي.  الحكومة الاتحادية تحظى بكافة الصلاحيات التي تمكنها من أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور. ومسألة الصلاحيات الأكثر أو الأقل ليست موضوعاً نظرياً، علماً بأن التوسع في اللامركزية ومنح سلطات الحكم المحلي صلاحيات أوسع هو اتجاه عالمي حتى في الدول المكونة من إقليم واحد. فقد ثبت أن اللامركزية تؤمن فعالية أكبر في التعاطي مع شؤون التنمية، وترفع من كفاءة الخدمات الحكومية، وتزيد من إنتاجية المؤسسات العامة.  ونحن في الإمارات حريصون على تحقيق التكامل في الأدوار والمهمات والأداء بين الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر والمؤسسات المحلية، وصولا إلى أرقى مستويات الأداء الحكومي في دولة الإمارات بشكل عام.

* عندما تحدث الأزمات.. يلتفت العالم إلى دبي.. هذه المرة كانت الأزمة المالية العالمية.. هل يضايقكم التركيز العالمي الكبير على سلبيات دبي في ظل الظروف الحالية؟

نحن نعرف حجمنا ولا نغالي في دورنا. دبي نالت شهرة عالمية لنجاحها في بناء نموذج تنموي ونهضوي فريد. وقد تحدثت لأحد زملائك عن بعض ملامح هذا النموذج. وأنت تعرف أن لشهرة النجاح ضريبة لا مناص من دفعها، واهتمام العالم بما تفعله دبي لتخطي انعكاسات الأزمة العالمية أمر طبيعي، ليس لأن الناس يركزون على الناجحين فقط، بل لأن الأزمة أدخلت نموذج دبي التنموي، وما رافقه من إنجازات ونجاحات ذات أفق عالمي، في امتحان الأزمة العالمية الصعب. البعض راهن على فشل دبي في الامتحان لأنه لا يعرف الإمارات، ولا يعرف أن ما حققته دبي مبني على أسس قوية وتراكم مهم من الخبرات والإنجازات وعلاقات الأعمال عبر العالم، وهو جزء مما حققته دولة الإمارات من تقدم وازدهار.  والبعض من خارج منطقتنا، تمنى لو أن الأزمة تغرق نموذج دبي، أعرف تماماً أن دوائر مالية واقتصادية لم تكن سعيدة بسياقات التنمية الشاملة والاستثمار والمنافسة عالمياً في إدارة الأسواق المالية والموانئ وفي صناعة النقل الجوي وفي إتاحة أحدث منجزات التكنولوجيا وخبراتها لأبناء المنطقة.

الإمارات أجابت بنجاح عن الأسئلة الصعبة في امتحان الأزمة المالية العالمية، ولن يطول الوقت الذي يتحول فيه التركيز الإعلامي على ما وصفته بالسلبيات، لصالح دبي ودولة الإمارات.

* قبل نحو عام تقريبا، وفي زيارة لكم إلى القارة الآسيوية.. حذرتم من هذه الأزمة.. لماذا لم تحتاطوا للأزمة حتى لا تتأثر دبي خصوصا، والإمارات عموما من تبعات هذه الأزمة ؟

حجم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها على كل دول العالم كان مفاجئاً للجميع. ما حذرت منه آنذاك هو الفوضى العارمة في أسواق المال والسلع، وتهميش دور المؤسسات المالية الدولية وعجزها عن أداء أدوارها المفترضة في عالم تحولت فيه الأسواق الدولية إلى سوق واحدة، لكنها لا تخضع لأي قواعد أو تنظيمات أو مراقبة دولية. وطالبت دول الاقتصاديات الكبرى بالتحرك السريع وبإعادة النظر في دور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما فعلته مجموعة العشرين في مطلع هذا الشهر.  أما لماذا لم نحتطْ حتى لا نتأثر من تبعات الأزمة، فإن أي احتياطات اتخذناها أو اتخذتها أي دولة في العالم، لم تكن لتوفر حصانة من آثار الأزمة، ولولا أننا في الإمارات نجحنا في بناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة، ومزجنا من الأساس بين سياسات مصرفية متحفظة بإشراف المصرف المركزي وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي التي ننتهجها، لما استطعنا مواجهة انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادنا، ولكنت شهدت إفلاسات في المصارف والشركات الكبرى. وطأة الأزمة علينا في الربع الأخير من العام الماضي كانت شديدة، لكنها أقل بكثير مما أصاب دول الاقتصادات المتقدمة.

* بالرغم من نفي مسؤولي حكومة دبي الدائم بعدم وجود خطة لبيع حصص في الشركات لإمارة أبوظبي، إلا أن التكهنات في هذا المجال لا تتوقف.. أليس من الطبيعي أن تتعاون الإمارات بعضها بعضاً في مثل هذه الأزمات.. لو حدث مثل هذا الأمر؟

الإمارات لا تنتظر الأزمات لتتعاون. والشراكات أساساً عديدة بين أبوظبي ودبي. ومؤسسو جميع الشركات المساهمة العامة ومكتتبوها في غالبيتهم العظمى من أبوظبي ودبي، واستثمارات أبناء أبوظبي في دبي وأبناء دبي في أبوظبي ضخمة. ودبي كانت ومنذ القدم وما زالت مفتوحة لاستثمارات وأعمال جميع أبناء الإمارات.  أما عن التكهنات الواردة في سؤالك، فهي مجرد تكهنات، وهي ليست بريئة، وجاءت في سياق حملة مغرضة على نموذج دبي. ولم ينف هذه التكهنات مسؤولو حكومة دبي فقط، بل تفضل صاحب السمو رئيس الدولة ونفاها في شهر مارس (آذار) الماضي.

* في تقديراتكم هل سيجنح الاقتصاد الإماراتي للركود في العام الحالي.. أم أنه سيكون هناك شيء من النمو؟ وكم نسبته؟

نحن متفائلون بقدرة المؤسسات الوطنية والإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها على تحقيق نمو اقتصادي بمعدلات أقل بطبيعة الحال من المعدلات التي حافظ عليها اقتصادنا في الأعوام السابقة. المؤسسات الدولية المتخصصة تتوقع نمواً طفيفاً في اقتصاد الإمارات هذا العام، وهناك تقديرات أخرى بنمو في الإمارات بنسبة 3%..

* هناك من يرى أن رب ضارة نافعة.. فالأزمة المالية أعادت الأمور إلى طبيعتها بعد سنوات من التضخم الذي كان يهدد اقتصاد دبي والإمارات.. في رأيكم هل يمكن اعتبار التصحيح القاسي الذي شهده قطاع العقار، مثلا، حلا لمشكلة ربما كانت ستكون أسوأ مستقبلا؟

الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة. الإجراءات التي تم اتخاذها سواء على الصعيد الاتحادي أو على الصعيد المحلي في مواجهة الأزمة، إجراءات مدروسة تضمن الخروج من تأثيراتها بأقل الأضرار. وقد أثبتت دولة الإمارات قدرة على تجاوز أزمات سابقة وستثبت مجدداً نجاحها في تجاوز هذه الأزمة. وتقوم لجان متخصصة برصد ومتابعة تطورات الأزمة على المستوى العالمي وتأثير هذه التطورات علينا. وتضع الخطط وتقدم المقترحات الملائمة للتعاطي مع كافة التطورات.

* أخيراً.. القصص الخيالية والإشاعات لا تتوقف عن دبي وأنها أصبحت مدينة أشباح.. وأن عشرات الألوف يسرحون أسبوعيا من وظائفهم.. وغيرها من القصص، ألا يحزنكم طريقة التعاطي هذه مع أزمة دبي على وجه الخصوص؟

لقد تعودنا ألا نعير اهتماما للشائعات، وردنا عليها يكون دائماً بالعمل والإنجازات. هذه الإشاعات والقصص المُختلقة تدهش كل من يزورنا في هذه الأيام. وقد قابلت الكثير من الزوار في الآونة الأخيرة الذين أبدوا دهشتهم من زحمة الفنادق والشوارع والأسواق. إن نجاح دبي هو السبب الحقيقي في تلك القصص المختلقة، فالأزمة في دبي هي أزمة نجاحها الذي حافظت عليه لعقود عدة. هل غاب عن مروجي تلك الإشاعات أن عالمية دبي تجعلها أكثر تأثراً من غيرها بتطورات الاقتصاد العالمي؟ نحن مع حرية التعبير ولكن في إطار من النزاهة والموضوعية والدقة.  أمر مؤسف أن نرى صحفاً تعتمد في تقاريرها على الإشاعات والأقاويل والتكهنات، على الرغم من أنها تفاخر دائماً بدقتها وموضوعيتها. نحن ندرك شدة المنافسة الاقتصادية بين دول العالم، ودائماً ما وجدت الحروب الاقتصادية غير المعلنة بين أصحاب النشاط الاقتصادي الواحد، وحين تتحول إلى لاعب دولي في بعض الأنشطة الاقتصادية عليك أن لا تنتظر دروباً مفروشة بالورود والرياحين... هل تعرف عدد شركات الطيران الدولية الكبرى المتربصة بطيران الإمارات؟ وهل تظن أن شركات الخدمات الدولية ذات الصلة سعيدة بنجاح موانئ دبي في إدارة عشرات الموانئ في أوروبا وآسيا وأفريقيا؟ وهل تتوقع أن تكون أسواق المال الدولية سعيدة بنجاح سوق دبي المالي الدولي ومشاركته في ملكية بعض أهم أسواق المال الدولية؟

* كلام سموك صحيح، وما تحدثت به لا يخطر على بال كثيرين؟

أزيدك من الشعر بيت... طيران الإمارات على سبيل المثال لم تحقق نجاحها المشهود على المستوى الدولي فقط، بل حفزت إلى إنشاء شركات طيران عربية تسير على نهج طيران الإمارات، ودفعت جميع شركات الطيران العربية إلى تحسين أساطيلها وخدماتها... وهذا كله ضاعف من حصة شركات الطيران العربية في صناعة النقل العالمي... اليوم باتت طيران الإمارات مقياساً لكفاءة الخدمة والتشغيل ليس على المستوى العربي فقط، ولكن على مستوى العالم. العالم يعترف بك لأنك ناجح ومتميز ومبادر وقادر على المنافسة، لكنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الاعتراف عن رضا وقبول.