نسيب لحود مرشح 14 آذار السابق للرئاسة.. أحرجه حلفاؤه فانسحب من المعركة النيابية

مقربون منه يقولون إن الجميل وجعجع والمرّ دفعوه لاتخاذ القرار

TT

أثار انسحاب الوزير نسيب لحود من المعركة الانتخابية عن دائرة المتن الشمالي أسئلة كثيرة وحساسة وحرجة في لبنان، حول تحالف 14 آذار. وبمعزل عن التجاذبات الانتخابية أو التطرف وفبركة الشائعات للنيل منه، يبقى الإجماع على أن لحود هو من السياسيين القلائل الذين يتميزون بطينة خاصة ومكانة خاصة لدى اللبنانيين والعرب والأوساط الدولية. فالرجل الذي بدأ حياته المهنية في مجال الأعمال، أبعد شركته وكل ما يتعلق بمصالح عائلته عن لبنان، لدى قراره الانخراط في الشأن العام.

انسحاب لحود لم يقتصر على الإعلان، إنما سحب ترشيحه للانتخابات النيابية رسميا من وزارة الداخلية، في خطوة تأتي مباشرة بعد قراره عدم المشاركة في هذه الانتخابات، ليقطع بذلك أي احتمال للتفاوض على عودته. وكان لحود، ورداً على طرح للنائب ميشال المر بشأن تأليف لائحة المتن، قد أوضح في 15 مارس (آذار) الماضي أن إمكان التقارب مع «خصمه السياسي» لا يعني إعطاء المر وكالة من أجل أن يحدد هو صيغة التحالف والمعركة الانتخابية في المتن». وكان قد حذر من أن «هذه المعركة الانتخابية لا تقوم على المحاصصة ومنطق الاقتسام». كما شدد على أنه لا يشارك إلا في لائحة يساهم في تأليفها وفي وضع بيانها الانتخابي.

الملاحظة الأولى على انسحاب لحود، تتعلق بخصوصية هذه الدائرة التي تضم ثمانية مقاعد، مما يكفي لتمثيل الأحزاب السياسية ضمن 14 آذار والشخصيات المستقلة. لذا يرى القريبون منه أن الرجل أُحرِج كثيرا فأُخرج. ويوزعون المسؤولية في ذلك على كل من الرئيس أمين الجميل والنائب ميشال المر ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الذين أعلنوا عن حصصهم من الكراسي وكأنهم يضعونه أمام الأمر الواقع».

المعلقون على خبر الانسحاب من قوى «8 آذار» أشاروا إلى أن لحود هو «الضحية الكبرى» التي استوجبها تأليف اللوائح لدى فريق «14 آذار». كما أن الأسلوب كانت له دلالة أكثر من واضحة على أن ما بعد الانتخابات لن يشبه ما قبلها. و«14 آذار» ستذهب لتحل محلها تحالفات جديدة.

أجواء لحود تشير إلى أن «انسحابه لم يأت بسبب تطور محدد، إنما جاء نتيجة مسار خاطئ لم يكن موافقاً عليه». وقال مقربون منه إنه «حذّر من هذا المسار في وقت مبكر، على أمل أن يستدركوا الأمر. فهو وعلى رغم ترحيبه بالتحالف مع المر، كان ولا يزال مقتنعا بأن المفروض هو بقاء 14 آذار في قواعدها ليأتي المر وغيره إليها وليس العكس».

وقال مصدر قريب منه لـ«الشرق الأوسط»: «لحود لا يرى نفسه في معركة تقليدية قوامها الزعامات التقليدية المحلية التي تتناحر على النفوذ. هو يريد انتخابات حقيقية قوامها مشروع 14 آذار، ولها أهدافها وروحيتها. لكن المشهد مخزٍ». وردا على سؤال عن مدى تأثير هذا الانسحاب على قوى «14 آذار» قبل فترة وجيزة من الانتخابات، قال المصدر: «المشهد الحالي في دائرة المتن يؤثر في هذه القوى أكثر من الانسحاب. نلاحظ أن المعركة تخاض تحت شعار القوى التقليدية والعائلات. وهذا ما لم يكن ينتظره جمهور 14 آذار». ويضيف: «فلسفة الانتخابات خاطئة لا علاقة لها بثورة الأرز وأهدافها. إلا أن ما يجري في المتن لا يشبه بالضرورة واقع الحال في الدوائر الأخرى. الأمور تتفاوت».

ولا يجد المقرب من لحود أي داعٍ للاستغراب، «لأن لحود بدأ منذ شهر ونصف الشهر يضع النقاط على الحروف بشأن الأخطاء التي تتراكم. إلا أن الأهم هو انعدام الثقة بينه وبين الحلفاء المفترضين. وهذا الأمر يجب ألا يغير واقع المعركة في الدوائر الأخرى». وقال المنسق العام لقوى «14 آذار» المرشح عن دائرة جبيل في جبل لبنان فارس سعيد: «لا مسؤولية لقوى 14 آذار في انسحاب لحود من الانتخابات. فهو كان مرشحنا لرئاسة الجمهورية. وهو الذي نفضل أن يمثلنا في الحكومة وأينما كان. لكن الواضح أن لديه هواجس من المر والجميل ولم يجد ما يطمئنه حيالها». وأضاف: «لكن الأهم هو مدى حاجتنا كلبنانيين إلى لحود في مجلس النواب. والأكيد أن انسحابه يؤثر في المعنويات في المتن وكنا نتمنى أن يبقى». وقال رئيس الحكومة السابق عمر كرامي في تصريح له إن «لحود، ومع اختلاف نظرتنا السياسية، هو شخصية محترمة وتغني الحياة النيابية. وفي الحياة الديمقراطية لا تستطيع إجبار كل الناس على الأخذ برأيك أو أن تذهب مع رأيهم. لذلك أعتقد أن انسحابه خسارة للحياة السياسية في لبنان». وأضاف: « كنت أتوقع حصول هذا الأمر لأن لحود يحترم نفسه وكرامته. فالكلام الذي جرى بينه وبين الأخ ميشال المر يؤدي إلى هذه النتيجة، فكيف يتعاونان؟ أعتقد أن الذي حصل أمر طبيعي».