التقاليد الاجتماعية تحول دون استخدام الدراجات الهوائية في إقليم كردستان

مواطنون ردا على دعوة وزارة البيئة باستخدامها: لماذا لا يبادر المسؤولون ويتركون سياراتهم الفارهة؟

TT

تباينت ردود الأفعال بين فئات الشباب من الطلبة والموظفين، على دعوة وزير البيئة في إقليم كردستان، دارا محمد أمين، الذي دعا المواطنين في الإقليم إلى استخدام الدراجات الهوائية في تنقلاتهم داخل المدن والقصبات، بغية الحفاظ على نقاوة البيئة، التي تسهم عوادم السيارات في تلويثها، لا سيما بعد الازدياد المطرد في أعدادها في عموم أرجاء الإقليم.

وقال آزاد محمد، 21 عاما، والطالب في كلية طب الأسنان، انه قرر أن يكون أول من يلبي دعوة استخدام الدراجة الهوائية في التنقل من البيت إلى الجامعة، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، قائلا ،«أنا استخدم دراجتي الخاصة منذ عامين مع عدد من زملائي، ولكن أثناء الليل وطوال فصل الصيف فقط لممارسة الرياضة البدنية، حيث يكون ازدحام السيارات اقل، وسأعمل على كسر الحواجز النفسية والاجتماعية، التي تحول دون أن يستخدم الشباب الجامعيون الدراجات في التنقل، سيما أن معظمهم يرغب في ذلك، ولكنهم بحاجة إلى من يكون البادئ أو المبادر». لكن شاخوان كريم 32 عاما، مدرس مادة الرياضيات في إحدى ثانويات البنين بالسليمانية، قال إن «الأعراف الاجتماعية السائدة في المجتمع الكردستاني عموما وخصوصا في السليمانية، تصف مع الأسف الشديد مستخدمي الدراجات الهوائية في خانة من هم دون المستوى، بخلاف التقاليد السائدة في الدول المتحضرة، التي ترى في الدراجة وسيلة للرياضة والرشاقة البدنية، وعليه فلن استطيع شخصيا أن استخدم الدراجة في ذهابي إلى المدرسة وأمام أنظار التلاميذ، الذين لن يتفهموا الأمر، ما لم يلقنوا دروسا توضح لهم أهمية ذلك».

أما افين جمال صابر، 33 عاما، الموظفة في مؤسسة إعلامية، أكدت أنها لن تستخدم الدراجة حتى لو أصبح الأمر عرفا اجتماعيا سائدا في الإقليم، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرجال والشباب يخجلون من استخدام الدراجات فكيف الحال بالنسبة للنساء؟ أما المسؤولون الكبار، الذين يطالبون المواطنين باعتماد الدراجات الهوائية في تنقلاتهم فليبادروا هم باستخدامها ويتركوا سياراتهم الفارهة، التي تتبعها عدة سيارات مماثلة تقل طواقم حماياتهم، وعندها فلن يخجل المواطن البسيط، إذ اعتمد الدراجة في تنقلاته».

لكن ملكو عباس شريف، 23 عاما، ويعمل في متجر لبيع الأبواب والشبابيك المصنوعة من الألمنيوم في شارع حمدي بالسليمانية، أكد انه ضجر من تعليقات الآخرين له، عندما كان يستخدم دراجة هوائية في تنقلاته إلى مواقع العمل، ما دفعه إلى صرف كل مدخراته على شراء سيارة حديثة، وقال «لقد تغيرت معاملة الزبائن معي منذ اشتريت سيارتي، ولست مستعدا إطلاقا لمعاودة استخدام الدراجة، وينبغي للحريصين على البيئة في الإقليم أن يعمموا أمر استخدام الدراجات الهوائية على كبار المسؤولين أولا ليكونوا قدوة لغيرهم من المواطنين».

ويقول عمر أحمد، 38 عاما، صاحب متجر لبيع الدراجات الهوائية، إن الشباب، خصوصا طلبة الإعداديات والجامعات صاروا يقبلون على شراء الدراجات، خاصة الرياضية منها، لا للتنقل بل لممارسة الرياضة أثناء الليل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، قائلا، «اعمل على تصليح الدراجات وبيعها منذ عشرين عاما، وانتقل باستمرار بدراجتي الخاصة لقضاء كل مشاويري الخاصة، ولا أستقل سيارات الأجرة إلا عندما أرافق أسرتي، لأنني أرى في الدراجة وسيلة ممتازة لممارسة الرياضة، وأتمنى أن يفهم الجميع أهميتها ويعتمدوها في تنقلاتهم الداخلية وقطع المسافات القصيرة، لأن الزحام الشديد الذي تشهده السليمانية ومدن الإقليم الأخرى بسبب كثرة أعداد السيارات، أصبح لا يطاق علاوة على مخاطره على البيئة عموما وصحة الإنسان خصوصا».

وتابع أحمد، «أتوقع أن يستجيب الشباب كثيرا لدعوة وزارة البيئة، باعتماد الدراجات الهوائية في تنقلاتهم، لأن الشباب الجامعيين والطلبة عموما واعون ومثقفون في كردستان، ويدركون أهمية المحافظة على سلامة البيئة التي يعيشون فيها».

وكانت وزارة البيئة قد احتفلت بيوم البيئة، الذي صادف الخميس الماضي، في أجواء ملبدة ووسط موجة من العجاج والضباب، التي اجتاحت الإقليم في الأيام الماضية، وقد أقيم في مدينة أربيل احتفال خاص بهذه المناسبة، شارك فيه عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومة الإقليم وحشد كبير من سكان المدينة، وقد نظمت وزارة البيئة في الإقليم سباقا للدراجات الهوائية، انطلق من أمام جامعة صلاح الدين، اشترك فيه الدكتور إدريس هادي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وطه البرواري وزير الرياضة والشباب وعدد من المسؤولين.

وقال دارا محمد أمين وزير البيئة، إن «مسابقة من هذا القبيل لها أهمية خاصة، كونها محاولة للخروج عن المألوف وكسر حواجز الخجل، التي تحول دون استخدام طلبة الجامعة والمواطنين بشكل عام الدراجات الهوائية في تنقلاتهم».