رئيس البرلمان الموريتاني: المعارضة بين خياري الحوار أو النزول للشارع

بولخير في حوار مع «الشرق الأوسط»: قلت للقذافي.. أنتم لا تصلحون للوساطة

TT

أكد رئيس البرلمان الموريتاني مسعود ولد بولخير أن جبهة الدفاع عن الديمقراطية المعارضة للمجلس العسكري لا تزال مصرة على النزول إلى الشارع لإفشال «المسار الأحادي». وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الزعيم الليبي معمر القذافي فشل في الوساطة التي بدأها قبل أسابيع، مضيفا أنه خاطبه في نهاية زيارته لموريتانيا قائلا: «سيدي القائد أنتم بالنسبة لنا لا تصلحون للوساطة». انتخب ولد بولخير رئيسا للبرلمان في مايو (أيار) 2007 بإجماع من قوى المعارضة والموالاة بعيد تنصيب سيدي ولد الشيخ عبد الله رئيسا لموريتانيا إثر فوزه بالانتخابات الرئاسية في مارس (آذار) 2007. حصل على أكثر من 10% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 مارس 2007. ودعم خلال الجولة الثانية من تلك الانتخابات الرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الذي ظل حليفا له، ودخل حزبه «التحالف الشعبي التقدمي» حكومات ولد الشيخ عبد الله. ويعد ولد بولخير اليوم من أبرز قادة معارضة المجلس العسكري الذي يحكم موريتانيا منذ السادس من أغسطس الماضي. وفيما يلي نص الحوار:

* هل ما زلتم في المعارضة مصرين على النزول إلى الشارع في حال إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها المحدد في 6 يونيو (حزيران) المقبل؟

ـ ما زلنا مصرين على النزول للشارع، مع أن التفسير الذي أعطي لنزولنا للشارع لم نقصده أصلا، وإن كنا لا نتهرب من أي تفسير له. النزول للشارع لمن أراد ممارسة الديمقراطية أمر طبيعي، فالمظاهرات السلمية والاحتجاجات حق دستوري، والانقلابيون لم يعلقوا الدستور، ونحن متمسكون بحقوقنا التي تمنح لنا حق الاحتجاج السلمي بما فيها النزول إلى الشارع و(تنظيم) المهرجانات والاعتصامات وسنستغل كافة حقوقنا المشروعة. هذا هو تفسيرنا للنزول إلى الشارع ولن يمنعنا منه أي شيء، وعلى من لا يريدنا أن ننزل للشارع أن يلبى دعوتنا، أو يقبل بالحوار معنا.

* هل صحيح أنكم وافقتم على الاجتماع في داكار في إطار المبادرة السنغالية، وما هو الفرق بين المبادرة الليبية والسنغالية، وهل تدخلان في نطاق المبادرة الأفريقية لحل الأزمة الموريتانية؟ ـ حقيقة هناك مبادرة سنغالية مع أننا نعتبر السنغال من أوائل الدول التي أيدت الانقلابيين، فالرئيس عبد الله واد هو أول رئيس صرح علنا أنه يدعم العسكريين في موريتانيا. وزيارة وزير خارجيتهم الأولى جاءت لجس نبض الفرقاء السياسيين ولمعرفة إمكانية القيام بحوار شامل بين الأطراف. قلنا للسنغاليين إنه ينبغي أولا أن نتيقن من حيادكم قبل الوساطة التي تزمعون القيام بها، حتى نتأكد من وجود وسيط نزيه. وبعد عودة وزير الخارجية السنغالي قال لنا لقد جئت بمبادرة تتضمن البدء بشبه حوار وطني وذلك بجمع الأطراف المعنية، في مكان لم يتم تحديده وإن كنت فهمت أن الرئيس السنغالي عبد الله واد كان ينوى زيارة موريتانيا صحبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى جان بينغ. تحفظت حينها على زيارته لموريتانيا خوفا من أن تكون نوعا من إعطاء الشرعية للانقلاب، ورفضنا الدخول في حوار من دون شروط واضحة أهمها إظهار صدق العسكريين في البحث عن حل للخروج من الأزمة، وإبداء حسن نياتهم اتجاهنا وذلك يتمثل في نقطيتين أولاهما تعليق المسطرة الأحادية التي تتضمن إجراء الانتخابات الرئاسية، والثانية إطلاق سراح السجناء السياسيين الذين نعتبرهم نحن سجناء رأي ممن يسميهم العسكريون بـ«المفسدين».

أما الليبيون فلم يأتوا بمبادرة أصلا بل تبنوا أجندة العسكر، وهو ما رفضناه بالطبع، وخلال لقائي مع القائد القذافي بعد انسحابنا من (الاجتماع الذي عقده في) قصر المؤتمرات، استدل الليبيون على حياد موقفهم بأنهم لم يأتوا بمبادرة لحل الأزمة، لكني قلت لهم أنتم لا تحتاجون لها بعد تبنيكم مبادرة العسكريين ولحد الساعة لم نلاحظ ما يدعونا إلى الدخول في حوار.

* بعد انسحاب رؤساء الجبهة المناوئة للمجلس العسكري من اللقاء الذي عقده الزعيم الليبي القذافى التقيتم به شخصيا لكن اختلفت الأخبار حول من اعتذر لمن؟. هل اعتذرتم للقذافي عن انسحابكم عنه أم هو الذي اعتذر لكم عن دعمه لانتخابات السادس من يونيو المقبل؟ ـ كل ذلك وقع، في الحقيقة القائد القذافي هو من طلب لقائي ولم أمنعه. عندما جئت للقائه وجدت أمامى بعض معاونيه. دخلت ومعي نائبي الخليل ولد الطيب، فصافحني القذافي واقفا وقال لي: «أنت دعوتني وجئتك في بيتك ثم انسحبت عني». قلت له من باب البروتوكول: «أنا متأسف رغم أن انسحابي عنك آخر ما كنت أريده، لكنكم أرغمتموني عليه». ثم بدأ القذافي ينفي تحيزه إلى أي طرف ضد الآخر (في الأزمة)، وقال: «إذا كنت منحازا لطرف فهو موريتانيا، كلما قلته أسيء فهمه». غير أن ما قال كذبته الوقائع بعد ذلك، وقلت له وبالحرف الواحد: «سيدي القائد أنتم بالنسبة لنا لا تصلحون للوساطة». وهذا هو موقفي الشخصي من وساطة القذافي وهو موقف الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وفي الأخير نصحت القائد بأن يلتقي قادة الجبهة للتباحث حول الموضوع.

* هل صحيح أنكم رفضتم الدخول في المجلس الأعلى للدولة الحاكم غداة انقلاب السادس من أغسطس(آب) بعد عرضه عليكم من قبل العسكريين؟

ـ غير صحيح. لم يتم الاتصال بي على هذا الأساس، بل أخبرت بذلك من طرف أشخاص عاديين وأنا في الطريق إلى نواكشوط قادما من منطقة داخلية بعيدة، وبعد وصولي وعندما كنت في مكتبي بالجمعية الوطنية يوم الخميس طلب لقائي السيد محمد ولد التيجانى موفدا من الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وحاول خلال اللقاء معرفة موقفي الحقيقي من الانقلاب وهو ما فهمه منى قبل مغادرته ثم أخبرني أن الجنرال يريد لقائي، وضرب لي موعدا مع الجنرال عبد العزيز صبيحة السبت في القصر الرئاسي، وأثناء اللقاء وبعد سماع مبرراته التي دفعته للقيام بالانقلاب قلت له: لقد احتفظت بموقفي حتى ألتقيك، أنا أرفض ما قمت به وأنصحك بالتراجع، مع إعطائك كافة الضمانات التي تريد وإذا كنت مصرا على الانقلاب فعليك أن تعلق العمل بالدستور وأن تحل البرلمان وتحظر النشاط الحزبي، وأما المزج بين الحكم المدني والعسكري فلا أقلبه إطلاقا ولن أقبل الدخول فيه، وسأخبر مكتب الجمعية الوطنية بموقفي ثم أصرح به علنا عبر وسائل الإعلام وهو ما قمت به.