البشير يزور أديس أبابا بإجراءات أمنية مخففة.. واتفاق بين شريكَي الحكم على قانون أمن جديد

دبلوماسيون غربيون يقاطعون مأدبة عشاء بسبب زيارة الرئيس السوداني إلى إثيوبيا

متظاهرون يطالبون بالعدالة لدارفور خارج مقر الأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ب)
TT

في تحدٍّ خامس لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه بادعاء ارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور، زار الرئيس السوداني عمر البشير أمس العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على رأس وفد السودان المشارك في اجتماعات اللجنة العليا السودانية الإثيوبية، ولاحظ الصحافيون أن الزيارة لم تخضع لأية إجراءات أمنية مشددة، كما حدث في الزيارات السابقة، حيث أعلنت الزيارة رسميا قبل أيام في وسائل الإعلام المحلية، كما بثت ذات وسائل الإعلام نبأ مغادرته للبلاد، الشيء الذي لم يحدث في زياراته السابقة.

وكان أول تحدٍّ للبشير للقرار زيارة قام بها إلى العاصمة الإريترية أسمرة، ثم إلى العاصمة الليبية طرابلس، والثالثة إلى العاصمة المصرية القاهرة، والرابعة إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث شارك في القمة العربية. وكانت مغادرته الخرطوم متوجها إلى تلك العواصم تتم في تكتم شديد، فيما تنقل وسائل الإعلام مراسم وصوله لها والعودة منها مباشرة من مطارات تلك العواصم أو مطار الخرطوم.

واستقبل البشير في مطار أديس أبابا رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زناوي ووزير الخارجية سيوم مسفن وعدد من المسؤولين الإثيوبيين، بجانب سفير السودان بأديس أبابا وأعضاء السفارة والجالية السودانية، وعدد من السفراء المعتمدين لدى إثيوبيا.

وقال أنس الطيب الجيلاني المفوض في سفارة السودان لدى إثيوبيا في تصريحات صحافية، إن موقف إثيوبيا رافض لقرار المحكمة الجنائية في حق البشير، وأضاف أن إثيوبيا على علم تام بأن السودان تمارس عليه ضغوط خارجية تستهدف استقراره وأمنه، وبالتالي هي ضد هذا القرار الذي تعتبره قرارا مزيفا وغير قانوني. وذكر الوزير المفوض أنه من المقرر أن يتضمن الاجتماع التوقيع على 17 اتفاقية في مجالات مختلفة، وقال الجيلاني إنه سبق وأن وقع البلدان اتفاقيات عدة في إطار الشراكة التنموية بينهما، مشيرا إلى أهمية الاجتماعات التي قال إنها تدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

وضم وفد البشير إلى أديس أبابا الفريق بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، والفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، وإبراهيم محمود حامد وزير الداخلية، ومناي مقايا وزير العمل، والدكتور التجاني صالح فضيل وزير التعاون الدولي، والسماني الوسيلة وزير الدولة للخارجية.

ومن جهة أخرى قررت غالبية البعثات الدبلوماسية الغربية في أديس أبابا مقاطعة مأدبة عشاء تقيمها إثيوبيا مساء أمس الثلاثاء بمناسبة زيارة البشير. وقال دبلوماسي غربي رفض الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «بعض الدول تلقت تعليمات واضحة من عواصمها تقضي بعدم المشاركة في مأدبة عشاء أو بعدم الذهاب لاستقبال الرئيس البشير لدى وصوله إلى المطار، الذي دعي إليه القسم الدبلوماسي». ولم تكن أي بعثة دبلوماسية دولية حاضرة في مطار أديس أبابا صباح أمس لدى وصول البشير، وأفادت مصادر متطابقة أن بعثات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لن تشارك أيضا في العشاء الذي يقام بهذه المناسبة في فندق فخم في العاصمة الإثيوبية.

ومن ناحية أخرى كشف الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية الشريك الثاني في الحكم في السودان، عن اتفاق مبدئي توصل إليه هو مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، حول مشروع قانون جديد للأمن في البلاد، منح الجهاز سلطة الحبس والاعتقال لمدة شهر دون إذن القضاء والنيابة. وظل الخلاف بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وشريكها الحركة الشعبية حول قانون جهاز الأمن لأشهر طويلة. وقال مشار إن سلسلة الحوارات الممتدة مع المؤتمر الوطني حول تمسكه بمنح الجهاز سلطة الحبس والاعتقال لمدة سنتين كأقصى حد للحبس، استطاعت تقليص تلك المدة لشهر فقط، ومن ثم استئناف إجراءات النيابة. وأضاف أن الاتفاق الذي توصل إليه مع طه لم يجد الترحيب من الحركة التي رأت فيه خرقا للدستور، وذكر مشار أن اجتماع المكتب السياسي اقترح وضع الاختلاف كنقطة خلاف والدفع بالقانون لمجلس الوزراء والبرلمان ليقرر فيه حسب صلاحياته، وأكد أن الاتفاق الأخير الذي تم حول مشروع قانون الأمن أقر وجود نائب أول للجهاز بالإضافة إلى نواب آخرين لم يحدد عددهم، وذكر أن القانون حدد كيفية عمل المدير والنائب الأول والنواب الآخرين عبر التشاور والتوافق.

من ناحية أخرى اعترف مشار بمشاركة الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني في صياغة قانون جديد للصحافة، مثير للخلافات الشديدة بين الصحافيين والحكومة أودع لدى البرلمان، وقال: «صغنا قانون الصحافة باستشارة مجموعة من قادة العمل الصحافي»، وأكد أن «الغرامة الواردة في القانون بـ50 ألف جنيه، بغرض وجود قلم مسؤول وحكم راشد»، ودافع مشار بشدة عن العقوبة التي وردت في قانون الصحافة بالنسبة للصحافيين، واعتبرها ضمانة لصحافة راشدة.

وقال إن القانون وضعته لجان الحركة والمؤتمر الوطني واستشارت فيه رجالات الصحافة، وقال إن «هدفنا أن تكون الصحافة سلطة رابعة تراقب نفسها وحدها»، وذكر أن الغرامة المضمنة في القانون تمثل نوعا من الترشيد، ومضى: «إذا تحدثنا عن حكم راشد لا بد من صحافة راشدة على الأقل، والصحافي يكون مسؤولا عن قلمه».