توتر يسود العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية.. وهناك عدة أسباب

سفير إسرائيل القادم في واشنطن معادٍ لأوباما.. وليبرمان يعتبره «في الجيب».. ونتنياهو يتلكأ

TT

قبل أن تطأ قدما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أرض البيت الأبيض، تتراكم القضايا الخلافية بين الطرفين لدرجة أن أوساطا أميركية عليا صارت تتحدث عن «استفزازات متعمدة» توجهها حكومة نتنياهو، وخصوصا وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، إلى الرئيس باراك أوباما وإدارته.

وحسب مصدر إسرائيلي من ذوي العلاقات المتينة في واشنطن، فإن آخر هذه الاستفزازات يكمن في نية نتنياهو وليبرمان تعيين مايكل أورن، سفيرا جديدا لإسرائيل في واشنطن، علما بأنه معروف بعدائه لأوباما وكان نشر مقالا خلال معركة الانتخابات الأميركية يؤيد فيه انتخاب جون ماكين ويظهر فيه أن أوباما سيئ لإسرائيل ولليهود. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس تصريحا لمسؤول كبير في البيت الأبيض يتساءل فيه عن الغرض من هذا التعيين ويقول إنه استفزاز واضح. وأورن هاجر من الولايات المتحدة عام 1979 ويعتبر من المؤرخين الإسرائيليين الخبراء في السياسة الأميركية ويعمل حاليا محاضرا ضيفا في جامعة جورج تاون. وبرز خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة مدافعا ومبررا للقتل والتدمير.

ولم يقرر نتنياهو بعدُ تعيينَه، ولكنه واحد من أقوى المرشحين. وكان نتنياهو قد أغاظ الأميركيين بتعيين عوزي أراد مستشارا سياسيا أساسيا ورئيسا لمجلس الأمن القومي، مع أنه شخصية غير مرغوب فيها في الولايات المتحدة ورفضت السفارة الأميركية في تل أبيب منحه تأشيرة دخول منذ سنة 2007، بسبب تورطه في قضية تسريب معلومات إلى إسرائيل في فضيحة «إيباك» اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون الخارجية.

وهذه الفضيحة أيضا تصدرت عناوين الصحف مجددا في واشنطن هذه الأيام، حيث اكتشفت المخابرات الأميركية أن الإسرائيليين لا يزالون يتلاعبون فيها. وكانت هذه الفضيحة قد تفجرت في زمن إدارة الرئيس جورج بوش، حيث تبين أن موظفا كبيرا يُدعى لاري فرانكلين سرّب معلومات إلى إسرائيل عن النشاطات الأميركية في العراق. وأدين قضائيا بهذه التهمة. وأرسل هذه المعلومات عبر رئيس الدائرة السياسية في «إيباك»، ستيف روزين ومسؤول آخر هو كيث فايسمان. وهما يمثلان اليوم أمام المحكمة. وكُشف في الأيام الأخيرة أن إسرائيل زادت من تورطها في هذه القضية، حيث إن شخصية سياسية إسرائيلية كبيرة حاولت التأثير على محاكمة روزين وفايسمان، فعرضت على عضو لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ جين هيرمان، أن تسعى لتخفيف بنود الاتهام مقابل دعمها من طرف نواب يهود للفوز برئاسة لجنة المخابرات. وتم تسجيل محادثة هاتفية حول الموضوع في المخابرات الأميركية. وعادت القضية لتصبح حديث الساعة في واشنطن.

في الوقت نفسه نُشر في الولايات المتحدة تقرير للجنرال بول سلفا السكرتير العسكري لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وأحد كبار مستشاري رئيس أركان الجيوش الأميركية، يقول فيه إن إسرائيل لا تنفذ التزامات المرحلة الأولى من خريطة الطريق، وإنها تتعمد خداع الإدارة الأميركية في هذا الشأن ولا تقول الحقيقة حول الاستيطان، وتخادع في موضوع إزالة البؤر الاستيطانية والحواجز العسكرية. وعندما سُئل إسرائيليون عن هذا التقرير هاجموا الجنرال سلفا بدلا من الرد على اتهاماته بشكل موضوعي وقالوا إن الرجل «عسكري متغطرس ومغرور ويتصرف بفظاظة وعدائية واستعلاء».

وصب ليبرمان الكاز على النار في تصريحات لصحيفة «موسكوبسكي كومسومولتس» الروسية وأظهر فيها إدارة الرئيس أوباما وكأنها في الجيب الإسرائيلي. فعندما سأله الصحافي عن تلكؤ حكومته عن عرض برنامجها السياسي ورد فعل إسرائيل على رسائل أوباما الحازمة ضد هذا التلكؤ، أجاب ليبرمان: «صدقني، إن الولايات المتحدة تقبل كل قرار إسرائيلي».

ويرى المراقبون أن هذه القضايا تخيم على العلاقات الإسرائيلية الأميركية وستترك أثرها على لقاء القمة بين أوباما ونتنياهو في مايو (أيار) المقبل. ومع أن الإدارة الأميركية لا تنوي تفجير صدام بينهما، فإنه سيكون من الصعب عليها إخفاء امتعاضها.