الأمم المتحدة تقدم مقترحاتها حول المناطق المتنازع عليها.. وتؤكد على وحدة كركوك

مسؤول في المنظمة يتحدث عن «تجاوب على نطاق واسع» من طالباني والمالكي وبارزاني

TT

طالبت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق في تقرير قدمته أمس، حول المناطق المتنازع عليها، بالحفاظ على وحدة مدينة كركوك الغنية بالنفط، على الرغم من حدة التوتر هناك. إلى ذلك توقع عرب وتركمان كركوك أن لا يلبي التقرير تطلعاتهم.

وقالت البعثة في بيان «إن الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان دي ميستورا، قدم أمس لرئيس الوزراء العراقي ومجلس الرئاسة العراقي ورئيس حكومة إقليم كردستان، مجموعة من التقارير حول الحدود الداخلية المتنازع عليها في شمال العراق». وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن التقارير تضمنت ورقة تناقش مستقبل كركوك، بتحليل أربعة خيارات ترجع جميعها إلى الدستور العراقي كنقطة لبداية التعامل مع كركوك».

وأكد البيان أن التقارير «تستلزم اتفاقا سياسيا بين الأطراف ثم إجراء استفتاء تأكيدي، بالإضافة إلى ذلك تتعامل الخيارات الأربعة مع محافظة كركوك على أنها كيان واحد ولا ينطوي أي منها على تقسيم الأقضية والنواحي».

إلى ذلك، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول من الأمم المتحدة، طلب عدم نشر اسمه، قوله، إن دي ميستورا أطلع بالفعل الرئيس جلال طالباني، ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، على التقرير وان رد فعلهم المبدئي «ايجابي على نطاق واسع». وبعد تقديم التقرير إلى الحكومة العراقية ستتمكن الأطراف المعنية من مناقشة نقاط يعتقدون أنها خاطئة. بعد ذلك تأمل الأمم المتحدة أن يجتمع مسؤولون كبار ليبحثوا الخيارات. وقال المسؤول «نحن لا نضغط كي يكون لنا دور في الحوار، لكننا جاهزون للمساعدة إذا طلبت منا الأطراف ذلك». وحال خلاف على تقاسم السلطة في كركوك (255 كلم شمال بغداد) دون إقرار قانون الانتخابات ما أدى إلى إرجاء انتخابات مجالس المحافظات في المحافظة، فيما جرت في 14 محافظة في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي. ويطالب الأكراد بإلحاق كركوك الغنية بالنفط بإقليم كردستان، في حين يعارض العرب والتركمان ذلك. وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على «تطبيع الأوضاع وإجراء إحصاء سكاني واستفتاء في كركوك وأراض أخرى متنازع عليها لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 ديسمبر 2007». ويطالب العرب والتركمان بتقسيم كركوك إلى أربع مناطق انتخابية بواقع 32% لكل من العرب والتركمان والأكراد و4% للمسيحيين، الأمر الذي يعارضه الأكراد.

وتحضيرا لاقتراحات الأمم المتحدة، يعمل فريق من 15 دبلوماسيا وجامعيا ومؤرخا ومفاوضا منذ مارس (آذار) الفائت، ويدرس خصوصا مجموع القرارات الإدارية التي أصدرتها السلطات العراقية منذ الاستقلال عام 1932.

وفي كركوك أظهرت جهات تركمانية وعربية عدم تفاؤلها حيال فحوى التقرير. فقد أكد الدكتور طورهان، المفتي القيادي في حركة التركمان المستقلين وعضو مجلس محافظة كركوك عن كتلة الجبهة التركمانية، أن التركمان لا يتوقعون الشيء الكثير من التقرير، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «إن الأمم المتحدة ومنذ انبثاقها، وحتى الآن تفسد أي قضية تتدخل فيها أو تمنى بالفشل، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك بدءا بفلسطين وصولا إلى سراييفو وغيرها، أضف إلى ذلك أن الأنباء المتسربة عن مضمون التقرير، تشير إلى أنه سيتضمن خمسة مقترحات من بينها الإدارة المشتركة في كركوك التي يقبل بها التركمان شريطة أن تبقى مقترحات الأمم المتحدة مجرد مقترحات، لأن القرار الدولي 1770 ينص على أن دور الأمم المتحدة ولجنة اليونامي سيبقى استشاريا فقط في العراق، بمعنى أن مقترحاتها ليست ملزمة». وتابع المفتي قائلا «ليست لجنة الأمم المتحدة حيادية في الموضوع ولا تقف على مسافة متساوية مع جميع الأطراف، فهي تميل إلى هذا الطرف وتغازل الطرف الآخر. عليه فإننا لا ننتظر الشيء الكثير من هذه اللجنة، وهنا أود التأكيد على أن قضية كركوك لا يمكن حلها إطلاقا بالاعتماد على طرف أو طرفين وإهمال الطرف الثالث، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح». وأردف المفتي قائلا «ما كان على دي ميستورا أن يكثر من زياراته إلى الإقليم الكردي، خصوصا أنه على وشك تقديم تقريره، كي لا يؤخذ عليه هذا المأخذ، سيما وأنه تعود على زيارة ذلك الإقليم قبل تقديم أي تقرير أو مقترح».

أما كاكه رش صديق، رئيس لجنة تنفيذ المادة 140 في كركوك، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمتلك أي معلومات بخصوص التقرير وفضل عدم التعليق المسبق عليه. من جهته، أعرب محمد خليل، رئيس كتلة الوحدة العربية في مجلس محافظة كركوك، عن اعتقاده أن التقرير سيتضمن حلولا مرضية لجهة معينة على حساب الجهات الأخرى، في إشارة إلى الجانب الكردي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعتقد أن تقرير دي ميستورا سوف لن يرضي الجميع، وذلك استنادا إلى مناقشاتنا المسبقة معه بهذا الخصوص، ومع ذلك لن نسبق الأحداث وننتظر لحين الإعلان عن مضمون تقريره رسميا».

وأكد خليل أن التقرير قد يتضمن مبدأ تقاسم السلطة بالتساوي بين جميع القوميات في كركوك، وهو المطلب الرئيسي بالنسبة للعرب. ومضى يقول «هل سيقتنع الأخوة الأكراد بمثل هذه الطروحات؟ لا سيما وأننا حاليا بصدد التقاسم، وقد تشكلت لجنة مختصة من أجل ذلك، لكن الأخوة الأكراد لا نية لهم في تثبيت مبدأ التقاسم»، مشددا على أن دي مستورا ليس خاضعا أبدا لتأثيرات القوى الكردية، وهو محايد ومستقل في طروحاته على حد تعبيره.

هذا ومن المؤمل أن يتناول التقرير حلولا آنية للمناطق التي يسميها الجانب الكردي بالمستقطعة عن إقليم كردستان في عهد النظام السابق، فيما تسميها بغداد بالمناطق المتنازع عليها أو المختلف بشأنها مع أربيل، التي تشمل كلا من خانقين ودوز خورماتو وجلولاء ومندلي وزرباطية وكفري ضمن محافظة ديالى وسنجار وشيخان والحمدانية ومخمور وغيرها في محافظة الموصل وداقوق وآلتون كوبري وغيرها في محافظة كركوك.