السودان: الحكم بإعدام 11 من «العدل والمساواة» بتهمة الهجوم على مدينة أم درمان

البشير يؤكد أن القوافل التي تعرضت للغارات الإسرائيلية في الشرق لم تكن تحمل أية أسلحة

TT

حكمت محكمة مختصة بقضايا الإرهاب في الخرطوم، أمس، بالإعدام شنقاً حتى الموت على 11 من منسوبي حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور، بعد أن أدانتهم بالتورط في الهجوم الذي شنته قوات الحركة على مدينة «أم درمان» في مايو (أيار) العام الماضي، أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة المئات، إلى جانب خسائر مادية في مختلف أحياء وأسواق «أم درمان». كما أحالت المحكمة أحد المتهمين إلى محكمة الأحداث لصغر عمره (17 عاماً)، وبرأت 4 متهمين، وأرجات محاكمة أحد المتهمين إلى حين التعافي من مرض ألّم به قبل جلسة النطق بالحكم.

وأحيطت الجلسة، التي تمت في محكمة الخرطوم شمال وسط الخرطوم، بإجراءات أمنية مشددة، اشتركت فيها سيارات مدججة بالسلاح، وأغلقت بعض الشوارع المحيطة بالمحكمة. ووصف محامي المتهمين الأحكام بأنها «غير عادلة». وتمت إدانة المتهمين بجملة تهم منها: الاشتراك والاتفاق الجنائي، وإثارة الحرب ضد الدولة، وارتداء شارة عسكرية بدون إذن رسمي، ومعارضة السلطة، وإدارة منظمات إرهابية، والإتلاف، ومخالفة قانون الأسلحة والذخيرة، وممارسة الإرهاب.

ويجيء هذا الحكم في حق منسوبي «العدل والمساواة» بعد أسبوعين من الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت على 10 من منسوبي الحركة ذاتها. وقال القاضي في حيثيات الحكم إن المتهمين مجموعات إرهابية أثارت الرعب والهلع، وأطلقت النار على المدينة بهدف الاستيلاء على السلطة، وتقويض النظام الديمقراطي، وقال إن الاعترافات القضائية والتقارير ووجود المتهمين في مسرح الجريمة، فضلا عن تصريحات صدرت من رئيس حركة العدل والمساواة بأنه في مدينة أم درمان مع جيشه بهدف إقامة نظام ديمقراطي، وكذلك تصريحات الأمين السياسي للعدل والمساواة قال فيها إنه لابد من إسقاط النظام، كل ذلك تعزز ويبين للمحكمة غرض المجموعة، وكان لابد من وضع أقصى العقوبة على المتهمين. وعلق محامي المتهمين «آدم أبكر» للصحافيين بعد النطق بالحكم إنه سيقوم باستئناف الحكم الصادر في حلق موكليه في «مرحلة واحدة»، وقال «لا أتفق مع المحكمة لأنها ليست عادلة».

وبالحكم الصادر أمس في حق منسوبي العدل والمساواة، يرتفع عدد المحكومين في أحداث «أم درمان» إلى أكثر من 70 شخصاً، فيما ينتظر محاكمة 3 مجموعات أخرى من منسوبي الحركة بالتورط في الأحداث ذاتها. من ناحية أخرى، قال الرئيس عمر البشير إن القوافل التي تعرضت للغارات الإسرائيلية في شرق السودان بالقرب من الحدود المصرية في يناير (كانون الثاني) الماضي، لم تكن تحمل أية أسلحة سوى الأمتعة الشخصية، واتهم إسرائيل بأنها ظلت تتعامل مع السودان كعدو وتدعم كل عمل معادٍ، وقال إن السودان سيتعامل معها بالتوجه ذاته.

وأكد البشير في تصريحات صحافية أطلقها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي يزورها الآن، أن دعاوى الجنائية أدت إلى تعزيز موقف السودان إقليمياً ودولياً، بجانب توحيد الجبهة الداخلية. وشدد على أن السودان سيستمر في رده على المحكمة الجنائية بمزيدٍ من مشروعات التنمية والخدمات. واعتبر البشير أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه كانت ايجابية. وحول العلاقات مع الولايات المتحدة، قال البشير، الذي يرأس وفد بلاده لاجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين السودان وإثيوبيا، إن هناك نهجاً جديداً لإدارة الرئيس أوباما يختلف عن أسلافه، واستشهد على ذلك بمباحثات المبعوث الأميركي الخاص سكوت غرايشن ومباحثات رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جون كيري في السودان. وتعهد البشير في لقاء مع الجالية السودانية في أديس أبابا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة يشهد لها كل العالم في مواعيدها المعلنة، وأكد أن حزبه (المؤتمر الوطني) سيقبل بنتائجها.

ومن جهته حذر الوسيط الأفريقي الأممي المشترك لسلام دارفور «جبريل باسولي» من أن تكون مباحثات الدوحة «أبوجا 2»، في شارة إلى اتفاق السلام الموقع بين الحكومة وأحد فصائل دارفور في أبوجا النيجيرية عام 2006، لم ينه الاضطراب في الإقليم، ونقل مصدر حكومي في الخرطوم عن باسولي تشديده على أهمية ضم كافة الفصائل الدارفورية المسلحة إلى المفاوضات، ووعد بالعمل على توسعة دائرة اتصالاته للوصول إلى هذا الهدف. وكشف المصدر أن باسولي أبدى تخوفاً قبيل مغادرته إلى كل من تشاد وليبيا من أن تصل مفاوضات الدوحة للنتيجة ذاتها التي وصلت إليها أبوجا.

في السياق، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، علي الصادق، في تصريحات صحافية، إن الخرطوم لمست طريقة مختلفة من جانب الولايات المتحدة الأميركية. وذكر أن زيارتي المبعوث الأميركي الخاص ومسؤول الشؤون الخارجية بالكونغرس أخيراً للسودان أوضحتا بجلاء رغبة حكومتهما في استئناف الحوار مع السودان. وفي الوقت نفسه ذكرت مصادر إعلامية في الخرطوم، أمس، أن أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، الوسيط في مفاوضات الدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، تلقى اتصالا هاتفياً من سكوت غرايشن المبعوث الأميركي الخاص للرئيس الأميركى باراك أوباما للسودان، وجرى خلال الاتصال بحث آخر المستجدات حول قضية دارفور، وقد أعرب غرايشن خلال الاتصال عن دعم الولايات المتحدة الأميركية ودعمه شخصياً للجهود التي تقوم بها دولة قطر بالتنسيق مع جبريل باسولي الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للأزمة في دارفور.