تصاعد الصراعات القبلية في جنوب السودان بسبب سرقة الماشية والأطفال

وزير السياحة: ما يحدث انفلات أمني.. الناطق باسم الحركة: إنه تهويل إعلامي

راع ينتمي لقبيلة الدنكا السودانية يقود ماشيته شمالا بعد أن اغرقت الفيضانات مراعيهم التقليدية (أ. ف. ب)
TT

أعلن في الخرطوم عن مقتل 314 شخصا، وأصيب نحو 225 آخرين في صدامات جديدة بين قبيلتي «المورلي والدينكا»، في الجنوب السوداني، ليرتفع بذلك عدد القتلى بين الصدامات، التي وصفت بأنها عمليات «ذبح للنساء والشيوخ والأطفال»، بين القبليتين خلال أقل من 3 أشهر، إلى أكثر من 1000 شخص. وعبر دبلوماسيون غربيون يراقبون اتفاق السلام الشامل «اتفاق نيفاشا»، الذي أنهى الحرب الطويلة في جنوب البلاد، عن بالغ قلقهم حيال ما يصفونه بتصاعد الصدامات القبلية في الجنوب، فيما ترفض الحركة الشعبية وصف ما يحدث في الجنوب بين القبائل من صدامات بأنه تصاعد «للصراعات القبلية»، وترى أن الأمر فيه الكثير من «التهويل الإعلامي». غير أن وزير السياحة السوداني جوزيف ملوال، وصف الصدامات القبلية في الجنوب بأنها «انفلات أمني»، قال: إنه ناتج عن فشل إداري للحركة الشعبية بعد توليها زمام الأمور في الجنوب، على خلفية توقيع اتفاق السلام الموقع بينها وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير، في سنة 2005. ويعيش في جنوب السودان نحو 153 مجموعة اثنية تنتمي إلى نحو 63 مجموعة قبلية كبرى، أكبرها قبائل: «الدينكا» المعروفة بأنها واحدة من أكبر قبائل أفريقيا، و«النوير»، «والشلك»، و«الباريا»، و«الزاندي». وحسب تقارير رسمية من جنوب السودان، فإن الصدامات القبلية تدور الآن بين بطون قبيلة الدينكا بعضها بعضا في ولاية بحر الغزال الكبرى، وبين مجموعات مختلفة داخل قبيلة «النوير» في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وبين قبيلتي «النوير والشلك» حول منطقة «ملكال». وتشير التقارير إلى أن أعنف هذه الصدامات تلك التي تدور بين قبيلتي «المورلي والنوير»، حيث بلغ عدد القتلى بين الطرفين نحو 1000 شخص خلال 3 أشهر، ثم صدامات بين قبيلتي «الدينكا و المورلي». وتنبه التقارير إلى أن الاشتباكات القبلية في الجنوب صارت تخلف في كل حادثة عددا كبيرا من القتلى، وترد التقارير ذلك إلى حدة المواجهات، فضلا عن الاستخدام الواسع للسلاح الناري، الذي صار متفشيا في الجنوب، حسب التقارير.

وتقول التقارير التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»: إن منطقة البحيرات «وسط جنوبي السودان» تعتبر بؤرة الصراعات القبلية القائمة الآن في جنوب السودان. وتشير التقارير إلى أن الاشتباكات القبلية تتركز حول مناطق «جونقلي، والبيبور، اكوبو، وبروكاميل، وبور، وشيبان، وجيكول، وكوني، وابو، رويت وكيوشار».

ويقول جيمس روت، وهو مسؤول محلي في منطقة اكوبو: إن الهجمات من المسلحين من القبيلتين تقع في أي وقت في تلك المناطق. وقال روت: إن «الصراعات القبلية في السابق كان سببها سرقة الماشية من هذه القبلية أو تلك، ولكن الآن اتخذت طابعا آخر في مناطق جونقلي على وجه التحديد»، وأوضح أن «ما يتم هو ذبح للنساء والأطفال والشيوخ»، ومضى أنهم يذبحون من قبل المليشيات القبلية، ولفت بأن الجيش الشعبي وهو الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تسيطر على الجنوب لا يستخدم قوته في مناطق اكوبو، عندما تندلع اشتباكات بين المورلي والسكان، ورفض المسؤول المحلي توجيه اللوم إلى حكومة ولاية جونقلي، التي يتبع لها بالبطء في نزع السلاح، لأن الجيش الشعبي تحت سلطة جنوب السودان. ووصف مسؤولون في جونقلي الوضع في مناطق الصراع بين المورلي والنوير بأنه يتسم بالتصاعد والهدوء من يوم لآخر، ويقول جودي جونقلي، رئيس المجلس التشريعي لولاية جونقلي، لـ«الشرق الأوسط»: إن عمليات نهب الماشية هي السبب في إشعال الحروب القبلية في الجنوب، وأضاف أن وجود السلاح الكثيف في أيدي السكان ساعد في تصعيدها لأقل الأسباب، وحسب جونقلى، فإن لم ينزع السلاح غير المشروع في أيدي المواطنين فإنه من الصعب الحديث عن علاج للصراعات القبلية في ولاية جونقلي على وجه التحديد، ولكن أشار إلى أن «هذه الخطوة هي التالية لخطوة أولى تتمثل في جمع الأطراف المتصارعة على طاولة للتهدئة ومن ثم البحث عن الحلول الدائمة للمشكلة». غير أن مسؤولين في الجنوب طلبوا عدم ذكر أسمائهم قالوا لـ«الشرق الأوسط»: إن الأسباب الأساسية للنزاع بين «المورلي والنوير» هو قيام مجموعات من قبيلة المورلي بسرقة الأطفال من قبيلة النوير لتبنيهم، حيث تعاني قبيلة المورلي ضعف خصوبة في الإنجاب لدى الرجال والنساء، وحسب المسؤولين فإن «عدد القبيلة في تناقص مستمر ومخيف بسبب قلة الإنجاب»، ويقولون: «إن أسرا في قبيلة المورلي لتلك الأسباب تلجا إلى سرقة الأطفال من القبائل الأخرى وتبنيها»، ويشيرون إلى أن هذه «الظاهرة قديمة ولكنها تطورت بعد انتشار السلاح، الذي شجع على ممارسة العنف».

ولا يتفق الناطق باسم الحركة الشعبية، ين ماثيو، مع من يصفون الصدامات القبلية في الجنوب الآن بأنها في تصاعد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «ما يحدث تحرشات بين القبائل يقوم الإعلام بتهويلها»، وقال إن الصراعات أسبابها قديمة تتركز حول الأبقار والأغنام، وهي في حال تصاعدها محليا، وحسب ماثيو، فإن المتعلمين الفاشلين من أبناء هذه القبائل في الجنوب هم الذين يثيرون المشكلات بين الأهالي، وتتحول إلى صدامات، تحاشى ماثيو، الإدلاء بأسماء بعينها، ولكنه قال: إن «هؤلاء يبحثون عن مواقع سياسية وسلطة، فيثيرون المشكلات بين الناس ويحرضونهم كي تتحول القضايا الصغيرة إلى صدام مسلح بين القبائل أو بين قبيلتين».