القاضي رياشي لـ«الشرق الأوسط»: عندما أبدأ بالعمل لا يعود الخوف عاملا موجوداً.. وتسييس المحكمة في المجتمع اللبناني فقط

نائب المحكمة ينتقل إلى لايشندام بشكل دائم في يونيو.. ويعيش مع رجال الشرطة

رئيس المحكمة (يسار) ونائبه القاضي اللبناني رالف رياشي (الشرق الأوسط)
TT

لم ينتقل القاضي اللبناني رالف رياشي إلى مقر المحكمة الخاصة في لبنان إلى لايشندام، بشكل نهائي بعد، ولكنه يقضي حوالي أسبوع في الوقت الحالي هناك، تحضيراً للانتقال النهائي في يونيو (حزيران) المقبل. المخاوف الأمنية تبدو أيضاً بعيدة عن همومه، رغم أنه سيكون عليه التنقل كثيراً بين هولندا ولبنان في الفترة القليلة المقبلة. يقول إنه ليست هناك تهديدات مباشرة له بعد. وحتى الآن يشعر بأمان في ظل حماية فريقين من رجال الأمن، فريق مؤلف من هولنديين يتولون حمايته عندما يكون في لاهاي، وفريق آخر من رجال أمن لبنانيين يتولون حمايته في لبنان. «أعيش مع رجال الشرطة»، يقول ممازحاً. ويضيف: «لديّ فريقيْ حماية هنا وفي بيروت، وأعيش مع رجال الشرطة. لديّ عدد كاف من رجال الأمن لحمايتي، أشعر أنني محمي بطريقة جيدة».

يضحك عندما نسأله إذا كان هو الذي طلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يبقى اسمه سراً، ويبدي تعجبه من القرار لأن اسمه معروف منذ مدة. ولكن عندما نذكّره بأن القضاة في لبنان استُهدفوا في الماضي، وكان من بينهم القاضي ناظم الخوري، الذي نجا من محاولة اغتيال عبر تفجير سيارته في العام 2005، يجيب بجدية: «عندما أبدأ بالعمل لا يعود عامل الخوف، والخوف الجسدي، موجوداً في ذهني... متل ما الله يريد».

يحضر رياشي، مثل رئيس قضاة المحكمة أنطونيو كاسيزي، إلى مقر المحكمة كل يوم في التاسعة صباحاً، ويقضي وقته حالياً بتأدية بعض الأعمال الإدارية، بانتظار انتقاله النهائي في يونيو (حزيران) المقبل. يقول إن كونه نائب الرئيس، يتوجب عليه أن يكون حاضراً بشكل دائم في المحكمة. وبانتظار ذلك، ينهي أعماله في بيروت ويتحضر للانتقال.

يدافع القاضي المعروف في لبنان بكفاءته واستقلاليته وعدم انحنائه للضغوط السياسية، عن قرار القضاء اللبناني اعتقال الجنرالات الأربعة في سجن رومية بلبنان لثلاث سنوات وثمانية أشهر من دون محاكمة، ويقول: «عندما تكون هناك جريمة ضد الدولة، يمكن للقضاء اللبناني أن يعتقل أشخاصاً متهمين بها، حتى من دون أن توجَّه إليهم تهم، لأي فترة ضرورية».

ولا يبدو رياشي قلقاً من خلافات محتملة بين اللبنانيين وتأثيرها على المحكمة، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية تعهدت بتأمين 49 في المائة من تكاليف المحكمة. ويقول إن الحكومة اللبنانية دفعت حصتها للسنتين الأوليين، لذلك هذا الأمر لن يشكل مشكلة على الأقل للسنتين المقبلتين. ولكنه يشير إلى أنه حتى في حال عجز اللبنانيون عن الاتفاق على ميزانية المحكمة، فإن القرار 1757 الصادر عن مجلس الأمن، يوصي بأنه في هذه الحالة، يمكن للأمين العام أن يتخذ قراراً بإيجاد تمويل بديل من دول أخرى.

ثقة رياشي بالمحكمة الخاصة بلبنان كبيرة، وهو يستند بذلك إلى أن المحاكم الدولية لم تفشل يوماً. يقول: «قد تكون هناك بعض الملاحظات على عمل بعض المحاكم، ولكن لا يمكن القول إنها فشلت في القضايا التي تعاطت معها». ويشير إلى أن هذه المحكمة مؤلفة «بدرجة عالية من العلم والموضوعية ولديها جهاز إداري منتقى من أهم الأشخاص كفوئين، لا سيما الذين يعمل منهم في محكمة يوغوسلافيا السابقة ومنهم في المحكمة الجنائية». ولذلك، يعتبر رياشي أنه ليس هناك من سبب يدعو إلى تصور فشل هذه المحكمة. ويذكّر بأن الدول المشاركة أمّنت ميزانية المحكمة اللازمة لسنتين، السنة الأولى دُفعت، والسنة الثانية هناك التزامات ستُدفع. ويرفض القاضي اللبناني أن يعتبر أن تغيير الإدارة الأميركية، ومقاربتها للشرق الأوسط، سيكون له تأثير على عمل المحكمة. ويقول: «هذه المحكمة أنشئت بإرادة دولية نابعة من مجلس الأمن، ومجلس الأمن لا يتألف من فريق واحد أو توجه سياسي واحد، بل من 5 دول أعضاء دائمين لكل واحد منها توجه مختلف... لا يمكن القول إن هذه المحكمة أنشئت بإرادة دولية لرئيس معين، بل بإرادة دولية من قبل مجلس الأمن». لذلك فالحديث عن تسييس المحكمة، برأي رياشي، ليس إلا «فكرة موجودة في المجتمع اللبناني». يقول إن كل شيء مسيّس في لبنان، حتى الأمور الشخصية. «إذا تزوج اثنان يقولون إنه من 14 آذار وهي 8 آذار أو إنهما لم يتفقا لأنهما ينتميان لحزبين مختلفين».