الرئيس الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: لا أخشى الاغتيال ولدي ثقة فيما أقوم به لخدمة مصالح بلادي وشعبي

الشيخ شريف: القرصنة نتاج لسفن الصيد الأجنبية وإلقاء النفايات النووية والسامة على سواحل الصومال

الشيخ شريف شيخ أحمد (ا.ب)
TT

اعتبر الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس السلطة الانتقالية في الصومال أن «المجتمع الدولي لم يقم أولا بواجبه لدعم السلطة والحكومة الانتقالية الصومالية لمكافحة القراصنة»، مؤكدا أن «بإمكانه القضاء على هذه الظاهرة التي أربكت حركة الملاحة التجارية والبحرية في منطقة خليج عدن والمحيط الهندي إذا حصل على الدعم المالي واللوجستي اللازم».

وقال الشيخ شريف الذي يزور مصر حالياً، في مقابلة خاصة لـ«الشرق الأوسط» من مقر إقامته في قصر الأندلس بالعاصمة المصرية القاهرة، التي وصل إليها قادما من تركيا في طريقه إلى العاصمة البلجيكية بروكسل إن «لديه شكوكا في حقيقة الحشد العسكري الموجود لمختلف أساطيل العالم العسكرية قبالة السواحل الصومالية».

وأوضح الشيخ شريف أن ظاهرة القرصنة سببها الرئيسي انتهاك السفن الأجنبية لقواعد الصيد على سواحل الصومال والإضرار بمصالح الصيادين المحليين، لافتا إلى أن القراصنة أيضا نتيجة ورد فعل إلقاء النفايات النووية والكيماوية في المياه الإقليمية للصومال.

وقال الشيخ شريف لـ«الشرق الأوسط» إن السيطرة على البر والبحر معا هي الوسيلة الأمثل لكبح جماح القراصنة، لافتا إلى أن حكومته تحتاج إلى تعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية وإنشاء قوات خفر سواحل مدربة ومسلحة جيدا للتصدي للقراصنة.

وبدأ الشيخ شريف في حواره لـ«الشرق الأوسط» أنه غير مقتنع أو مرتاح للدعم المالي الذي أعلنت القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي في العاصمة القطرية (الدوحة)، تقديمه للصومال بقيمة 3 ملايين دولار أميركي شهريا.

وأكد أن هذا المبلغ الذي وصفه ساخرا بـ«المبلغ الكبير جدا»، كان أقل من مستوى توقعاته من قمة الدوحة، ومع ذلك شدد على أن ثمة دورا حيويا ومهما يتعين على العالم العربي أن يلعبه لإنهاء الأزمة الحالية في الصومال.

وقال الشيخ شريف إنه لا يخشى تعرضه للاغتيال نتيجة ترؤسه السلطة الانتقالية في بلاده، معتبرا أن هذه المهمة هي لخدمة الصومال وشعبه.

وكشف النقاب عن مساع يقوم بها لدى الإدارة الأميركية ومنظمة الأمم المتحدة لطب أسماء قيادات صومالية بارزة حاليا في المعارضة المناوئة له، مدرجة على قوائم الإرهاب.

كما كشف عن أن المفاوضات الجارية مع مناوئيه حققت خطوات متقدمة بما في ذلك مع حليفه السابق الشيخ حسن طاهر أويس رئيس تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له.

واعتبر أن الدور السعودي مهم لحل الأزمة الصومالية، معربا عن أمله في أن يبدأ هذا الدور قريبا على حد تعبيره، معلنا أنه يعتزم القيام بزيارة في وقت لاحق للسعودية.

وفيما يلي نص الحوار:

* كيف أناديك الشيخ شريف صديقي الذي أعرفه سابقا عبر الهاتف أم فخامة الرئيس؟

ـ كما يعجبك.

* لم يفرق معك كونك أصبحت الرئيس؟

ـ مزيد من المسؤولية.

* تدرك أنك مستهدف ألا تخشى عفوا من الاغتيال مثلا؟

ـ أنا أقول لك أولا الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى وأنا مؤمن بأن هذه القضية، تستأهل أن يضحي من أجلها، وأنا ليس لدي أي تخوف، وأنا بالفعل واثق أن كل ما أقوم به يساعد الصومال أو على الأقل ينهي فترة طويلة حالكة أريقت فيها دماء الكثير من الأبرياء.

* كثير من الصوماليين يراهنون عليك على اعتبار أنك مستقبل الصومال.. هل تعتقد أن على العالم العربي يفعل المثل؟

ـ لا شك أن العالم العربي عليه مسؤولية سواء، مسؤولية عربية وإسلامية وتاريخية تجاه هذا الشعب وهذه الحكومة الصومالية وطالما هناك حكومة راغبة في أن تقوم بعملها بوجه أفضل وهناك مساندة شعبية وتأييد دولي واسع، فانا أعتقد أن المجتمع العربي أو الدول العربية ستقوم بعمل لصالح الصومال.

* قيل إنك غضبت من القرار الذي اتخذته القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي في الدوحة.. ما القصة؟

ـ يعني هنا نعيد قمة الدوحة من جديد.. أوانها فات خلاص.

* نريد أن نشرح للناس وقيل إنك غاضب؟

ـ لا لست غاضبا.

* أو أنك ترى المبلغ أقل من احتياجات البلد؟

ـ لا ليس هذا.

* قيل إن المبلغ قليل..

ـ أنا لا أقول المبلغ قليل إنه مبلغ كبير جدا.

* ثلاثة ملايين دولار؟

ـ أليس كبيرا..

* لا ليس على احتياجات الصومال؟ أليس كذلك؟

ـ دعنا من موضوع المال والقمة وإذا كان لدينا أي شيء سنقوله خلف الأبواب المقفلة أو المرصودة.

* دعنا نشرح للناس ماذا حدث في قمة الدوحة، سمعت أنك مستاء أو مصدوم.

ـ الصحيح أن الاستجابة كانت دون مستوى ما كنا نتوقعه.

*وما الذي تأملونه مستقبلا؟

ـ أن يراجع العالم العربي قضاياه وهناك قضايا كثيرة كما تعلم، ليس فقط الصومال والفشل في جميع القضايا سيكون نكسة وفي الصومال يمكن أن يحقق إنهاء الأزمة، على الأقل إذا كان للعرب أن يقوموا بدور فعال في الصومال.

* هل ستلتقي عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية؟

ـ نعم ولكن ليس هنا إنما في بروكسل.

* كيف ترى الدور العربي تجاه الصومال؟

ـ ممتاز جدا.

* هل لديك تصور للحصول على قوات حفظ سلام عربية؟

ـ شوف لم نجد لحد الآن دولة عربية راغبة في أن تبعث قوات إلى الصومال.

* وزير خارجية جيبوتي قال لي منذ فترة إن هناك مشروعا لتدريب 10 آلاف مقاتل بدعم مالي ولوجستي عربي؟ إلى أين وصل المشروع؟

ـ لا يزال قائما.

* هل تلقيتم وعودا من دول عربية معينة بالمشاركة؟

ـ نعم ولكن سنعلن عنها لاحقا.

* البرلمان الصومالي وافق على تطبيق الشريعة الإسلامية.. ما الذي يعنيه ذلك؟ هل هي ورقة لاستمالة المعارضين؟

ـ الشريعة هي شريعة الشعب والمجتمع والدولة في الصومال ولا يوجد هناك مشكلة بالنسبة للشريعة، وأعتقد أنها تلبي مطالب الشعب الصومالي الآن لأن هناك مجموعات مسلحة تقتل وتقوم بأعمال خارجة، لذلك نحن على الأقل نمنعهم من الاستمرار في هذا الاتجاه.

* وكيف تعتزمون تطبيق الشريعة؟

ـ سيكون هناك فقهاء قانونيون واجتماعيون وسياسيون تتشكل منهم لجنة ويقومون بتقديم رؤى لتطبيق الشريعة.

* فهمت أن تحالف أسمرة يعتزم العودة إلى العاصمة مقديشو هل بينكم اتصالات؟

ـ نحن نرحب بأن يعودوا إلى البلد.

* بما في ذلك الشيخ حسن طاهر أويس زعيم التحالف؟

ـ الكل نرحب بهم ليس هناك مشكلة.

* يعني ليس صحيحا أن ثمة طلاقا سياسيا قد وقع بينكما؟

ـ لا لم يكن هناك أي طلاق.

* وهناك اتصالات تجرى بالفعل؟

ـ نعم وتجرى عبر وسطاء صوماليين.

*إلى أي مدى وصلت؟

ـ إلى درجة متقدمة جدا.

*هل وصلت إلى درجة انضمام الشيخ أويس إلى السلطة الانتقالية التي تترأسها؟

ـ طبعا لما نرجع للبلد ونجلس مع الإخوة سنعرف إلى أين توصلوا.

* أنت تقول إنك منفتح على الحوار هل يشمل ذلك حركة الشباب المجاهدين؟

ـ كصوماليين نرحب بأي إنسان يرغب في الحوار ونحن مستعدون.

* قيل لي إنك التقيت بعض القيادات مثل الشيخ مختار روبو؟

ـ لا لم يحدث ذلك؟

* فهمت أنك تسعى لإقناع الإدارة الأميركية والأمم المتحدة بإلغاء أو شطب أسماء المدرجين على قوائم الإرهاب بعضهم قيادات بارزة في المعارضة المسلحة؟

ـ يمكن نأخذ القائمة على شقين فيها ناس تجار ورجال أعمال الآن يدعمون عملية السلام في الصومال، والجزء الثاني هو الجزء المسلح والكل سيكون له علاجه على حدة.

* أنت قلت في تركيا إنك قادر خلال عام شريطة الحصول على الدعم اللازم أن تقضي على القراصنة؟

ـ نعم بل أقل من ذلك.

* ما هو سبب القراصنة في تقديرك؟

ـ الموضوع أن القراصنة بدأوا عملهم في البداية، عندما كانت هناك سفن الصيد الأجنبية وكانت تقوم بنهب ثروات الصومال السمكية ودفن النفايات، وكانوا يتعرضون للصيادين الصوماليين الذين يصطادون في المياه الصومالية وكانوا يرشون عليهم المياه الساخنة، ثم بعد ذلك صار رد فعل ضد هذا الاعتداء وتطورت المسألة.

* هل هنالك معلومات عن إلقاء نفايات نووية؟

ـ نعم.

* هل تتهم جهات غربية؟

ـ لا.. أنا لا أتهم أي جهة ولكن هذا موجود.

* كلما حدثت عملية خطف أو قرصنة، اتجهت الأنظار إلى الحكومة الصومالية ثم يكتشف العالم أنها إلى حد ما حكومة عاجزة؟

ـ (مقاطعا) لا بل قل إن المجتمع الدولي لم يقدم شيئا حتى تقوم هذه الحكومة بواجبها، نحن مستعدون للقيام بإنهاء القرصنة وأيضا لدينا القدرة على فعل ذلك مثل أيام المحاكم وربما أفضل، لكن على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم.

* حسنا وما المطلوب تحديدا؟

ـ طبعا هذا العمل يحتاج إلى مال لقوات الشرطة التي يجب أن تبسط سيطرتها على مناطق وجود القراصنة، والنقطة الثانية قوات خفر السواحل يجب أن تتدرب وتنشأ سريعا والاثنان طبعا يحتاجان إلى معدات وتسليح وتدريب، أعتقد أن هذا أقل تكلفة من البواخر الموجودة في سواحل لصومال.

* كيف ترى هذا الحشد العسكري لمختلف أساطيل دول العالم، ألا يقلقك هذا ويجعلك تشعر أن هناك خطرا ما؟

ـ لا شك أن هذا يعني انزعاجا عندما تكون هناك سفن أو بواخر حربية موجودة في شواطئ الصومال دون علم ودون ترخيص ودون تحديد المهمة نفسها، لكن الإنسان يحاول بقدر الإمكان أن لا يستعدي ويحاول بقدر الإمكان أن يبحث عن الحل وهذا الوجود ولا شك لم يحل المشكلة.

* هل تساورك شكوك في دوافع هذا الوجود؟

ـ لا أريد أن أبتعد كثيرا إلى هذا الحد.

* ثمة حديث عن تورط غربي في إلقاء نفايات نووية وكيماوية سامة وأن الصومال تحول إلى مكان للنفايات النووية؟ ألا يزعجك ذلك؟

ـ طبعا يزعجنا كثيرا لأن هذا خطر على المنطقة بأكملها.

*ما الذي تنويه حكومتك تحديدا في هذا الصدد؟

ـ قبل كل شيء السيطرة على البر والبحر هي التي تستطيع أن تحد من هذه المشكلة.

* وما الذي يحتاجه الصومال؟

ـ نحن، ما نفكر فيه هو أن الإمكانيات المتواضعة الموجودة لدى الحكومة إذا وجدت المساندة والدعم من المجتمع الدولي، ببساطة ستنتهي المشكلة.

* الأميركيون قالوا إنهم لا يفكرون في شن غارات على معاقل القراصنة، هل هناك تنسيق؟

ـ لا.

*هل اطلعتم على المبادرة الأميركية؟

ـ لا.

* ألا يثير ذلك الشكوك؟

طبعا ونحن في مؤتمر بروكسل سنناقش معهم هذا الموضوع.

* وقعتم مذكرة تفاهم مع كينيا بشأن المياه الإقليمية تراها المعارضة انتقاصا من سيادة الصومال؟

ـ أعتقد أنهم يفتقدون الرؤى الصحيحة ولم يطلعوا على هذا المذكرة وتلك هي المشكلة؟

* أنت تؤكدا لنا أن هذه المذكرة ليس فيها ما يخيف أو يقلق؟

ـ أبدا.. أبدا، فحوى المذكرة أن كل دولة من الصومال وكينيا تجدد دعوتها في حقها في مياهها الإقليمية وأيضا الحدود بين البلدين.. هناك خلاف لكن يجب حله في إطار المفاوضات.

* كيف ترى مستقبل علاقات الصومال مع دول الجوار الجغرافي؟

ـ نحن حكومتنا تنتهج سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل.

* دعنا نرجع إلى ما قاله أسامة بن لادن ضدكم وتحريضه للشعب على الإطاحة بكم؟ هل تعتقد أن ثمة وجودا لتنظيم القاعدة في الصومال؟

ـ نحن في علمنا ليس هناك تنظيم قاعدة في داخل الصومال لكن قد يكون هناك من لهم تعاطف في كلام أسامة بن لادن، أو طريقة تفكيره أو عمله، وأسامة كرجل مسلم ما كان ينبغي أن يحرض بلدا يتعافى من المشكلات.. أن يحرض أبناءه على التقاتل وهو يعلم موقف الشريعة الإسلامية في ذلك.

* ماذا عن جدول أعمال لقائك مع الرئيس المصري حسني مبارك؟

ـ الوضع في الصومال والعالم العربي وما يمكن أن تقوم به مصر.

* هل أنت متفائل بجود أوباما في البيت الأبيض؟

ـ نعم.

* كيف ترى الدور السعودي في القضية الصومالية؟

ـ الدور السعودي مطلوب جدا وأتمنى أن يبدأ.

* هل تعتزم القيام بزيارة قريبا للسعودية؟

ـ إن شاء الله.

*هل هناك موعد محدد؟

ـ لا.. ليس بعد.