المحامي جاكوب زوما على مشارف الرئاسة في جنوب أفريقيا

انتخابات أمس تثير مخاوف من «بلد الحزب الواحد»

TT

أدلى سكان جنوب أفريقيا بأصواتهم أمس في انتخابات عامة يتوقع أن توصل الزعيم الشعبي والمثير للجدل في آن جاكوب زوما إلى سدة الرئاسة في بلد يعاني من فقر شديد، بعد 15 عاماً على سقوط نظام الفصل العنصري.

وفيما يصور بعض المعلقين الأوروبيين زوما نموذجاً للزعيم الأفريقي متعدد الزوجات والفاسد، يرى فيه بعض البيض دكتاتوراً ناشئاً. لكن أغلبية سكان جنوب أفريقيا تعتبره من صفوفها.

ويتوقع انتخاب رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي يسيطر على الحياة السياسية في البلاد منذ أول انتخابات متعددة الأعراق جرت عام 1994، في البرلمان المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي جرت أمس، وكان من المتوقع الإعلان عن نتائجها مساء أمس.

وسيكون الرئيس الرابع المنتخب في جنوب أفريقيا وأكثرهم إثارة للجدل، لأنه لا يترك مجالا للغموض حيال الثقافة التي يعلن انتماءه إليها. وسيطرة الحزب تثير تساؤلات ومخاوف في جنوب أفريقيا من أن تصبح البلاد «بلد حزب واحد».

ويظهر زوما، الذي يبلغ 67 عاماً، في المناسبات بلباس الزولو التقليدي المصنوع من جلد الفهد. ويصرح عن حبه لنسائه كافة، من بينهن زوجاته الأربع، وأبنائه الـ18.

ويعمد في اجتماعات المؤتمر الوطني الأفريقي إلى الرقص وإنشاد أغاني النضال ضد «الأبارتايد» (الفصل العنصري)، ومن بينها «هات رشاشي» الذي بات نشيداً يميزه. ولم تمر محاكمته عام 2006 بتهمة الاغتصاب مرور الكرام، حيث صدم الرأي العام عندما أوضح لهيئة المحكمة أنه أخذ حماماً لغسل الإيدز عنه بعد علاقة بلا حماية مع المدعية عليه وهي شابة تحمل فيروس الوباء.

كما انطبعت مسيرته بحرب إجراءات شعواء في إطار ملاحقته بتهمة الفساد، مما أثار الشكوك حوله، بالرغم من رفع التهمة قبيل الانتخابات نتيجة حالات استغلال السلطة التي تخللت التحقيق. وارتقى راعي البقر في قرية الزولو نكاندلا، سلم المسؤوليات في الدولة رغماً عن أنف الرئيس السابق للبلاد ثابو مبيكي، فالأخير عمد إلى إقالته في 2005 من منصب نائب الرئيس لإدانة مستشاره المالي بالفساد. لكن ابتسامة زوما الدائمة تخبئ صبر مفترس، اكتسبه في زنزانات الفصل العنصري التي أمضى عشر سنوات من شبابه فيها، ثم صقله في رئاسة استخبارات المؤتمر الوطني الأفريقي في المنفى.

واعتبر جيريمي غوردين، الذي كتب أخيراً سيرة لزوما، أن الحزب ملّ من مواقف مبيكي النخبوية. وعلى نقيضه، يعمد الزعيم العصامي الزولو إلى التصادم مع المثقفين «المتشبثين بأفكار مسبقة» بحسب المحلل زوليلا مانغكو. وقال غوردين مؤيداً «زوما يبعث الخوف، لا سيما لدى البيض» لأنه يحيل جنوب أفريقيا إلى صورة عنها «تفضل تجاهلها».

وأفاد استطلاع أجرته شركة «إيبسوس» أن زعيم المؤتمر الوطني يتمتع بحظوة لدى السود، حيث نال تأييد 77 في المائة منهم، لكنه غير محبوب لدى البيض، إذ حصل على 19 في المائة فقط من تأييدهم. وسيظهر مدى تأييد الناخبين الـ23 مليوناً الذين كان بإمكانهم المشاركة في عملية التصويت التي بدأت صباح أمس. واصطف عشرات الأشخاص وسط أجواء من البهجة في صفوف انتظار طويلة تشكلت قبل ساعات الفجر أمام مكاتب التصويت العشرين ألفاً الموزعة في أنحاء البلاد وقد جلس بعضهم على كراسي قابلة للطي جلبوها معهم وحملوا معهم القهوة.

وبالرغم من سعي مختلف أحزاب المعارضة لاستغلال نقاط فشل المؤتمر الوطني الأفريقي والشكوك المحيطة بنزاهة جاكوب زوما، إلا أنها ستضطر ـ على ما يبدو ـ إلى الاكتفاء بأدوار ثانوية، إذ يتوقع حصول الحزب على 60 في المائة على الأقل من أصوات الناخبين.