الإمارات: تجنيس دفعة أولى ممن لا يحملون أوراقاً ثبوتية

في خطوة نحو إقفال نهائي لملف «البدون»

TT

خطت الإمارات أمس خطوة مهمة في سبيل إقفال ملف عديمي الجنسية في الدولة، وأعلنت السلطات أنها جنّست تسعة وعشرين فرداً عدلوا أوضاعهم وأعلنوا عن جنسياتهم السابقة، ضمن الدفعة الأولى من الآلاف ممن يعيشون على الأراضي الإماراتية ولا يحملون أوراقاً ثبوتية.

وقالت وزارة الداخلية الإماراتية أمس، إنها سلمت جوازات السفر الإماراتية الجديدة لنحو 29 شخصاً ممن لا يحملون أوراقاً ثبوتية، وذلك بعد أن عدلوا أوضاعهم ممن تم حصرهم كدفعة أولى لنتائج تسجيل الفئة عبر مراكز التسجيل، التي بدأت أعمالها في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتسعى السلطات الإماراتية إلى إغلاق نهائي لملف (البدون)، وتحقيق رؤية واضحة للمجتمع يصنف خلاله إلى ثلاث فئات رئيسية، هي: المواطنون، والزائرون والمقيمون الشرعيون، والمخالفون.

وفتحت الإمارات ملف عديمي الجنسية من جديد وللمرة الأخيرة، في سبتمبر(أيلول) الماضي، بعد أن أغلقت العام قبل الماضي الباب أمام أية طلبات جديدة لتعديل أوضاع ملف ما يعرفون بـ«البدون»، وتم تشكيل لجنة جديدة للنظر في قضية عديمي الجنسية، غير أن هذه اللجنة ستعطي الفرصة الأخيرة والنهائية للمطالبين بالجنسية الإماراتية من هذه الفئة. وأعلن اللواء ناصر الخريباني النعيمي رئيس اللجنة العليا المكلفة بمعالجة ملف من لا يحملون أوراقاً ثبوتية عن تمكن المجنسين هؤلاء من إتمام كافة الشروط الواردة في المرسوم السامي لقرار التجنيس والمتضمن إظهار جنسياتهم السابقة. واعترف المسؤول الإماراتي بأن اللجنة التي يتولى رئاستها كشفت عن حالات من التلاعب والتزوير في البيانات المقدمة عبر طلبات التسجيل، مضيفاً أنه سيتم الكشف عن تفاصيلها لاحقاً، مؤكداً في الوقت ذاته أن اللجنة ستتمكن في نهاية الأمر من إغلاق ملف عديمي الجنسية «بشكل نهائي وعادل وفقاً لمعايير الاستحقاق وضمن نطاق سيادة العدل والقانون».

وكانت الإمارات قد أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، رسمياً تجنيس 1294 فرداً ينتمون إلى 296 أسرة. وقالت اللجنة المعنية بدراسة وضع عديمي الجنسية، حينها، إنها أغلقت الباب أمام أية طلبات جديدة لتعديل أوضاع تلك الفئة، بعد أن فتحت الباب لاستقبالهم على مدى نحو 18 شهراً. وخلال الأشهر الماضية، قامت اللجنة العليا المكلفة بمعالجة ملف التجنيس، التي تضم في عضويتها ممثلين عن وزارتي الداخلية وشؤون الرئاسة وجهاز الأمن، بفتح باب التسجيل أمام كافة الفئات المنضوية تحت مسمى «من لا يحمل أوراقاً ثبوتية»، سواء ممن يحملون مراسيم أو جوازات سفر من دون خلاصة قيد أو غيرهم، وذلك للفصل والتصنيف النهائي لهذه المشكلة وضمن آليات جديدة لإيجاد الحلول الناجعة وفي ظل التطورات الأخيرة التي شهدها هذا الملف. ووفقاً لمصادر، فإن عديمي الجنسية في الإمارات ينقسمون إلى قسمين رئيسين؛ الأول يشمل أولئك الأشخاص الذين لديهم وثائق وأوراق قبل قيام اتحاد الإمارات (عام 1971) مصدقة وموثقة وأن هؤلاء يتم اعتماد أسمائهم، وتصدر مراسيم بالجنسية من قبل وزارة شؤون الرئاسة، أما القسم الثاني فهم أولئك الأشخاص الذين لا تتوافر لديهم أي وثائق مصدقة قبل الاتحاد، وهؤلاء يجب عليهم استخراج جوازات سفر من بلادهم الأصلية حتى تصدر لهم إقامات، وقد تجاوب عدد كبير منهم وتم تعديل أوضاعهم تبعاً لذلك. ومنح جوازات السفر وخلاصات القيد حق أصيل للحكومة الاتحادية، والقاعدة في قانون الجنسية أن جواز السفر لا يدل على الجنسية، وإنما تثبت الجنسية بخلاصة القيد. ويحق لحكام الإمارات إصدار جوازات سفر لمواطني إماراتهم، إلا أن إصدار الجنسية الإماراتية لا يتم إلا بمرسوم يصدره الرئيس الإماراتي.

ويوجد على أرض الإمارات الكثير ممن يحملون جوازات إماراتية، ولكنهم لم يتحصلوا على الجنسية. وتوشك الإمارات على طي ملف شائك استمر عقوداً طويلة، عبر إنهاء قضية «البدون» على أراضيها. وتدخل الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وأصدر قراراً رئاسياً قضى بـ«الموافقة على حل مشكلة عديمي الجنسية ومن يندرجون تحت مسمى (البدون)».

ووفقاً للقرار، فإنه يتعين على عديمي الجنسية حتى يحصلوا عليها، أن يكون المتقدم مقيماً في الدولة بصورة دائمة ومتواصلة، وذلك منذ ما قبل قيام الاتحاد الإماراتي في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1971، أي طوال ثمانية وثلاثين عاماً، وألا يخفي أية معلومات أو وثائق من شأنها أن تدل على جنسيته السابقة وأن يكون حسن السير والسلوك ولم يرتكب أية جرائم مخلة بالشرف والأمانة.

وبحسب الدستور والقوانين الإماراتية، فإنه يحق للسلطات أن تسحب الجنسية من الذين يدلون بمعلومات كاذبة للحصول عليها، وهذا يعني أنه حتى لو تبين أن بعض من حصل على الجنسية قد تقدم بمعلومات كاذبة، فسيتم سحب جنسيته، حتى بعد حصوله عليها رسمياً. يذكر أن اللجنة المشتركة لدراسة ملفات عديمي الجنسية، التي نظرت سابقاً في مشكلة عديمي الجنسية العام الماضي، قد كشفت ظهور عدة حالات من التزوير والتلاعب في الأوراق والإدلاء ببيانات كاذبة تم تقديمها للجنة للحصول على الجنسية الإماراتية، كما تبين وجود حالات من المتسللين إلى الإمارات بطريقة غير مشروعة ممن يدعون وجودهم فيها منذ سنوات.

وفيما تقول مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين إن نحو عشرة آلاف شخص قد يستفيدون من أي عملية تجنيس في البلاد، فإن الإجراءات التي خطتها الإمارات لمنح المستحقين منهم الجنسية الإماراتية، أفرزت أن المستحقين أقل بكثير من هذا العدد.