أميركا تراقب بقلق الوضع في باكستان.. وتضارب بشأن الانسحاب من بونير

دعم مالي أميركي للقوات الباكستانية بـ400 مليون دولار حتى نهاية 2009

قوات الأمن الباكستانية تجوب شوارع منطقة بونير القريبة من العاصمة إسلام أباد، في الوقت الذي أعلن فيه مقاتلو حركة طالبان الباكستانية انسحابهم من بونير إلى وادى سوات المجاور بعد أيام من إحكامهم سيطرتهم عليها (أ.ف.ب)
TT

تغير الوضع الأمني في واد باكستاني أمس، بعدما ترك مقاتلو حركة طالبان قاعدتهم الرئيسية، لكن مسؤولين قالوا: إن فلولا من المقاتلين لا تزال تجوب منطقة بونير الواقعة شمال غربي البلاد.

وقال عبد الرشيد خان، كبير ضباط الشرطة في المنطقة: «رحلوا لكنهم تركوا فلولهم. لدينا الآن حوالي 200 من مقاتلي طالبان يمكن رؤيتهم في الطرق.

وكان دخول طالبان بونير الواقعة على بعد حوالي مائة كيلومتر شمال غربي إسلام أباد، أثار قلق واشنطن خلال الأسبوع المنصرم، بينما تنامت المخاوف حول استقرار باكستان الدولة الإسلامية المسلحة نوويا. وكان قيادي الميليشيات فضل الله، أمر مقاتليه أمس بالانسحاب إلى وادي سوات المجاور، وقال متحدث باسمه: إن حوالي مائة مقاتل ينسحبون. وشاهد سكان المنطقة مقاتلي طالبان وهم يغادرون قاعدتهم الرئيسية في قرية سلطان فاس بوادي بونير. لكن ومع عودة مقاتلين من سوات إلى بلادهم، فإن مقاتلين مسلحين ينحدرون من بونير شوهدوا وهم يجوبون الطرق كالعادة، على الرغم من إرسال المئات من ميليشيات الشرطة إلى المنطقة.

إلى ذلك، قال رئيس القيادة المركزية الأميركية الوسطى، الجنرال ديفيد بترايوس: إن الموقف في باكستان مرتبط بأفغانستان بشكل وثيق، مشيرا إلى أن قيادات تنظيم القاعدة والعناصر المتشددة أقامت ملاذات لها في المناطق الوعرة من باكستان، تستخدمها لشن عمليات انتحارية في الهند وباكستان ومناطق أخرى من العالم، بينها بريطانيا، فضلا عن مواصلة عملهم لمهاجمة أميركا. وقال بترايوس، في شهادة له أمام لجنة المخصصات في مجلس النواب أول من أمس: إن مزيدا من الجهود ينبغي بذلها في باكستان لكبح جماح المتطرفين. وأكد أن الولايات المتحدة سوف تتوسع في تقديم المساعدات والدعم العسكري للقوات الباكستانية، التي تقوم بمواجهة التمرد في المناطق الواقعة على الحدود مع أفغانستان. وأضاف أنه من الضروري أن ينظر الجيش الباكستاني الى المتطرفين على أنهم العدو الرئيسي وليس الهند. وطلب بترايوس، من الكونغرس تقديم الدعم لباكستان بطريقة أكثر مرونة من جهة الإنفاق وتقديم المزيد من التدريب والمعدات، لمساعدة القوات الباكستانية في محاربة المسلحين داخل البلاد في المناطق القبلية، التي ينعدم فيها القانون. وقال بترايوس: إن باكستان يجب أن تعود قواتها العسكرية للتعامل مع عمليات مكافحة الإرهاب، بدلا من مواصلة التركيز التقليدي على منافستها التقليدية الهند. ويسعى بترايوس، إلى الحصول على صندوق مالي بميزانية 400 مليون دولار للفترة المتبقية من السنة المالية 2009، وسوف يتم الصرف منها مباشرة من خلال القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف عليها، وهذا من شأنه أن يعطي القيادة المركزية قدرا أكبر من السيطرة على كيفية إنفاق الأموال، حتى يكملوا ما يلزم من التدريب وشراء المعدات العسكرية، وفقا لمخطط البرنامج. وقال بترايوس: الصندوق المالي الجديد سبق تطبيقه في العراق وأفغانستان، من تدريب وتجهيز القوات العراقية وقوات الجيش والشرطة الأفغانية، وأضاف سيتم مماثلة هذا البرنامج بالنسبة للقوات الباكستانية، التي تشارك في مكافحة التمرد. وهذا التدريب العسكري الأميركي سيطبق على أعداد صغيرة من القوات الباكستانية، التي تعمل في المناطق القبلية التى تدار فيدراليا، والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية. قال نحو 300 إلى 350 من قوات سلاح الحدود، وخلت القوات منطقة بونير بعد محاولة طالبان مد نفوذهم من وادي سوات إلى مناطق أخرى. ورهن قائد القوات المركزية الأميركية، الجنرال بترايوس، هزيمة المتشددين وتأمين استقرار أفغانستان وباكستان، بتعهدات جوهرية ومستدامة، من الحلفاء. ولفت بترايوس، إلى أن التهديدات الملحة المتمثلة في العناصر المتشددة، تعد الأخطر في العالم، وأن التصدي لها يتطلب ضخ المزيد من القوات الإضافية، وتقديم مساعدات اقتصادية وتدريب القوات الأفغانية. وقال إن أفغانستان تمثل تحديات فريدة من نوعها للجيش الأميركي، في معرض رده على سؤال بشأن إمكانية تحقيق إنجازات أميركية أسرع من العراق، وأضاف: «على كافة الأصعدة، أفغانستان تمثل سلسلة من المشاكل الصعبة». وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد تعهد بإرسال 21 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، حيث صعدت الميليشيات المسلحة من هجماتها ضد القوات الأفغانية والقوات الدولية هناك. وستتحمل بريطانيا الجزء الأكبر من القوات الإضافية، التي من المقرر أن تنضم قريباً إلى قوات الحلف في القتال ضد مسلحي «طالبان» وتنظيم «القاعدة»، حيث وافقت على إرسال 900 جندي، بالإضافة إلى 600 جندي من ألمانيا، ومثلهم من إسبانيا. وقال المحلل السياسي، وزير الداخلية السابق حميد نواز: إن «هذه الحكومة لا تملك القدرة على اتخاذ قرارات، ولا تتمتع بالرؤية الواضحة الضرورية لاتخاذ قرارات صعبة». وتابع، «إن بسط طالبان سيطرتها يطرح مشكلة كبرى. ينبغي أن تكون هناك رؤية واضحة وتصميم وطني على التغلب على هذه المسألة». وقال: «يجب تطهير وادي سوات، وعلى الحكومة أن تركز على إعادة ترسيخ وكالات فرض القانون في المنطقة». ولفت إلى أنه «لم يتم اتخاذ تدابير وقائية لمنع طالبان من الانتقال إلى مناطق أخرى، بعد توقيع الاتفاق، كما أن الحكومة لم تضع أي خطط طوارئ»، معتبرا أن «وقف إطلاق النار يخدم على الدوام مصالح المتمردين». وأعلنت واشنطن أنه على قادة باكستان القيام بتحرك حاسم لهزم الناشطين، الذين يهددون استقرار البلد. ووضع الرئيس باراك أوباما باكستان في صلب المعركة ضد القاعدة، في وقت أرسلت واشنطن تعزيزات عسكرية إلى أفغانستان المجاورة. وقال وزير الدفاع روبرت غيتس، الخميس: إن «استقرار واستمرار حكومة ديمقراطية في باكستان أمر جوهري بالنسبة لجهود الائتلاف في أفغانستان». وحضت الصحف الباكستانية الجيش على القيام بتحرك حاسم، أو طلب تدخل أجنبي لوقف تنامي نفوذ طالبان. وكتبت صحيفة «ديلي تايمز» في افتتاحيتها «على الجيش أن يتقدم إلى الواجهة، ويتصدى لطالبان. وقد تمنع عن ذلك حتى الآن بسبب الرأي العام المعارض، ونزعة على القدر نفسه من الخطورة في وسائل الإعلام».