إنفلونزا الخنازير تضرب المكسيك وتدق أبواب الولايات المتحدة.. ومخاوف من تحولها لوباء عالمي

عالم بريطاني لـ «الشرق الأوسط»: الجديد في هذا الفيروس سهولة انتقاله من شخص إلى آخر

TT

حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر تحول إنفلونزا الخنازير إلى وباء عالمي، بعد إصابة ألف وأربعة أشخاص في المكسيك، والإعلان عن وفاة أكثر من 62 منهم حتى منتصف نهار أمس بحسب تقارير الوكالات، فيما أغلقت سلطات العاصمة مكسيكو المدارس والمتاحف وعلقت المناسبات العامة، واتخذت سلسلة من الإجراءات الوقائية الأخرى. وقالت مدير عام منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان: إن إصابات إنفلونزا الخنازير، التي ظهرت في المكسيك والولايات المتحدة «قادرة على إحداث وباء لأن العدوى تنتقل بين البشر»، ولكنها أضافت أنه لا يمكن تأكيد ذلك، استنادا إلى الأدلة المعملية المتعلقة بعلم الأوبئة الإكلينيكية المتوفرة حاليا.

وقال توماس ابراهام، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، في أعقاب المؤتمر الصحافي الذي عقدته تشان: إن الهدف الرئيسي يتمثل الآن في الحصول على معلومات دقيقة ومفصلة عن طبيعة انتشار الفيروس، ذلك أن عددا من الإصابات تمت بهذا الفيروس الجديد، في حين لم يتم حتى الآن تحديد نوع الإصابة لدى 800 من الحالات الأخرى. ويقوم خبراء المنظمة بالتعاون مع الاختصاصين في الولايات المتحدة والمكسيك، في تدقيق سبب تلك الإصابات. ولدى سؤاله عن طرق علاجه، قال ابراهام: إن هناك ما يكفي من أدوية «تاميفلو» في الولايات المتحدة والمكسيك، إلا أن الأمر يتطلب الآن تطوير لقاح مضاد للفيروس الجديد.

وأكدت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنه لا يمكن احتواء هذا الفيروس. وقالت الدكتورة آن شوشات في مؤتمر صحافي عبر الهاتف: «من الواضح أنه منتشر على نطاق واسع. ولهذا فنحن نبلغكم بأنه ليس في مقدورنا احتواء انتشار هذا الفيروس».

وتتألف التركيبة الجينية للإنفلونزا الجديدة من سلالات فيروسات الإنفلونزا البشرية وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير الأميركية والآسيوية والأوروبية. كما وقعت إصابات في الولايات المتحدة في منطقة سان ديغو، في ولاية كاليفورنيا، وسان انتونيو تكساس، فيما أرسلت السلطات الصحية في ولاية نيويورك فرقها الطبية للكشف عن العديد من الحالات المشتبه بها لدى طلاب في مدرسة في منطقة كوينز، وفقا لصحيفة «نيويورك تايمز».

وقال مسؤولون مكسيكيون: إن منظمة الصحة العالمية سترسل خبراء لتقديم العون في السيطرة على ما وصفته السلطات هناك بأنه «وباء يمكن السيطرة عليه». وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال عالم الفيروسات البريطاني البروفسور جون أوكسفورد: إن الأمر الجديد في هذا الفيروس وهو من سلالة «اتش 1 إن 1» H1N1، هو سهولة انتقاله من شخص إلى آخر ربما بسبب تركيبته الجينية المختلطة التي لم تكن موجودة من قبل قط. ولدى سؤاله عن مخاوف انتقال الفيروس الجديد عالميا، قال اكسفورد: إنه يظل متفائلا بإمكانات الأفراد والدول في التغلب على فيروس إنفلونزا الخنازير في هذه المرحلة الأولى من انتشاره، أولا: لأن قدرات جهاز المناعة في جسم الإنسان تمكنه من محاربة الفيروسات التي تحتوي على العنصر «اتش 1» من الفيروس وذلك على عكس العنصر «اتش 5» الذي يوجد في فيروسات إنفلونزا الطيور «اتش 5 ان 1» H5N1 الذي لا يستطيع الجسم مكافحته.

وأضاف أن الأمر الثاني الذي سوف يتيح لدول العالم مكافحة هذا الفيروس لدى احتمال انتقاله، هو أن الإجراءات الصحية الوقائية في غالبية دول العالم موجودة بعد اتخاذ تلك الدول لخطوات صارمة لمنع انتشار إنفلونزا الطيور. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن بعض حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير هي من سلالة «اتش 1 ان 1» التي لم ترصد من قبل. وهذه السلالة تختلف في تركيبتها الجينية عن سلالة فيروس الإنفلونزا البشرية «اتش 1 ان 1» التي شهدت انتشارا بين الناس في السنوات الأخيرة.

وما يبعث على القلق أن معظم الذين لقوا حتفهم جراء المرض هم من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و45 عاما. وحول اللقاحات المتوفرة قال البروفسور اكسفورد، الباحث في المستشفى الملكي ومستشفى بارتولميو في لندن، والمشرف على شركة «ريتروسكرين فايرولوجي» العلمية: إن لقاحات «تاميفلو» و«ريلنزا» متوفرة لعلاج المصابين بهذه الإنفلونزا، كما توصي بذلك الهيئات الصحية الأميركية.

وتجري منظمة الصحة العالمية اتصالات مستمرة مع السلطات الصحية في الولايات المتحدة والمكسيك وعدد من الدول في أميركا اللاتينية لمتابعة الموقف، فيما أخذت سلطات مطار ناريتا في اليابان أمس في قياس درجة حرارة المسافرين وخاصة القادمين من المكسيك. إلا أن جهاز التصوير الحراري بمكتب الحجر الصحي لم يكتشف أي علامات على إصابة بالعدوى بين 177 مسافرا وأفراد طاقم طائرة وصلت إلي المطار صباح اليوم السبت من المكسيك، وفقا لوكالة الصحافة الألمانية.