مقترحات باستثناء قواعد أميركية من خطة الانسحاب من المدن.. والموصل محط جدل

الاستثناء سيشمل معسكر مطار بغداد وآخر في المنطقة الخضراء

جندي أميركي أثناء تنفيذ دورية راجلة وسط بغداد (أ.ب.أ)
TT

من المقرر بدء مفاوضات بين الولايات المتحدة والعراق بشأن الاستثناءات المقترحة لعملية انسحاب القوات المقاتلة الأميركية من المدن العراقية في موعد أقصاه 30 يونيو (حزيران)، والتركيز على مدينة الموصل الشمالية التي تكثر فيها الاضطرابات، حسب ما أفاد به مسؤولون عسكريون. وستبقى قوات مقاتلة في بعض المناطق داخل بغداد. وفي المناطق الأخرى، ستنسحب القوات المقاتلة الأميركية من كافة المدن العراقية، كما هو محدد في موعد أقصاه 30 يونيو (حزيران). لكن على ضوء مستوى أعمال التمرد في مدينة الموصل، كان من المقرر أن يجتمع مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون أمس للبت في استثناء هذه المدينة من الموعد المحدد في إطار اتفاقية وضع القوات بين الدولتين. وقال الميجور جنرال ديفيد بيركينز، المتحدث الأرفع باسم الجيش الأميركي في مقابلة أجريت معه: «مدينة الموصل هي المنطقة الوحيدة التي سوف تشاهد فيها قوات مقاتلة أميركية تعمل داخلها» بعد 30 يونيو (حزيران). بيد أنه لا توجد خطط لإغلاق مجمع قاعدة معسكر النصر داخل بغداد، الذي يتكون من خمس قواعد يوجد فيها أكثر من 20.000 جندي، معظمهم من القوات المقاتلة. وعلى الرغم من أنه يمكن قطع المسافة من معسكر النصر إلى وسط بغداد خلال 15 دقيقة بالسيارة، وأنه يمتد على كلا الجانبين لحدود المدينة، يقول المسؤولون العراقيون إنهم وافقوا على اعتبار أنه خارج المدينة. وعلاوة على ذلك، ستبقى قاعدة العمليات المتقدمة (كامب فالكون)، التي يمكنها أن تستوعب 5000 جندي مقاتل، بعد 30 يونيو (حزيران)، وتقع القاعدة داخل الحدود الجنوبية لمدينة بغداد. ومرة أخرى، قال المسؤولون العراقيون إنها خارج بغداد، ولذا ليست ثمة حاجة إلى إدراج استثناءات على الاتفاقية، من وجهة نظرهم. وسوف تبقى القوات المقاتلة التابعة لفوج المدفعية السابع الميداني في قلب بغداد في «معسكر الرفاهية»، الذي يقع بالقرب من مجمع السفارة الأميركية الجديدة داخل المنطقة الخضراء. وبالإضافة إلى توفير قوة رد فعل سريعة، تحمي السفارة والقوات غير قتالية، من الهجمات، فإن هؤلاء الجنود سوف يستمرون في دعم القوات العراقية، وهي الآن المسؤولة بالأساس عن الحفاظ على الأمن في المنطقة الخضراء. ويجرى نقاش تفاصيل عمليات انسحاب القوات وعملية نقل المنشآت داخل لجنة تنسيق العمليات العسكرية المشتركة، التي يترأسها القائد الأميركي الأعلى في العراق الجنرال راي أديرنو ووزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي. ومن المقرر ان تجري مناقشة عدد من قضايا النقل، بالإضافة إلى احتمالية أن تكون هناك استثناءات للموعد النهائي المحدد بـ30 يونيو (حزيران)، كما أنها سوف تقدم توصيات إلى رئيس الوزراء نوري المالكي لاتخاذ قرار نهائي. ويقول المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء محمد العسكري، وهو أيضا سكرتير الجانب العراقي في اللجنة، «أرى شخصيا ألا تكون هناك قوات أميركية حتى داخل مدينة الموصل، لكن هذا القرار خاص بالحكومة العراقية ورئيس الوزراء العراقي».

وأعرب الجنرال بيركينز أيضا عن مخاوف محددة بشأن الموصل، وأشار إلى أن هذه المدينة مهمة بالنسبة لتنظيم (القاعدة) في بلاد الرافدين». وأضاف: «بالنسبة لـ(القاعدة)، لتحقيق فوز، فإن عليهم أن يأخذوا بغداد، وللبقاء فإن عليهم أن يوطدوا أقدامهم داخل الموصل، فهي عبارة عن منطقة أخيرة يحظون فيها على الأقل بدعم سلبي».

وفي بغداد، سيعتمد بقاء القوات المقاتلة في المدينة على المسمى الذي سوف يطلق عليهم، وحدود المدينة. ويضم مجمع معسكر النصر، معسكرات النصر والحرية، بالإضافة إلى سجن يعرف باسم معسكر كروبر، حيث يحتفظ بما يطلق عليهم أنهم سجناء ذوو قيمة عالية. كما أنه يضم القسم العسكري من مطار بغداد الدولي. ويؤكد اللواء العسكري على أن الموعد النهائي المقرر بـ30 يونيو (حزيران) لا ينطبق على مجمع معسكر النصر، لأنه فعليا خارج المدينة. ويضيف أن وجود قوات مقاتلة أميركية داخل «معسكر الرفاهية» لن يمثل انتهاكا لبنود الاتفاقية، لأنها قوة للحماية ولحراسة السفارة التي تقع في الجوار. ويقول: «إذا كانت هناك مجموعة صغيرة سوف تبقى في المعسكر لحماية السفارة الأميركية، فليست هناك مشكلة. معنى اتفاقية وضع القوات هي أن مركباتهم لا يمكنها أن تتجول في شوارع بغداد وأن تتدخل في عملنا».

وتم وضع المنطقة الخضراء تحت السيطرة العراقية في الأول من يناير (كانون الثاني)، عندما دخلت الاتفاقية حيز التطبيق. وبالإضافة إلى الدوريات العراقية والأميركية، فإن معظم العناصر الأمنية التي تحتاجها نقاط التفتيش الكثيرة المنتشرة في المنطقة الخضراء ونقاط الدخول التي تتمتع بحراسة قوية تقدمها نفس الشركات الخاصة التي كانت تقوم بهذه الوظيفة قبل الأول من يناير (كانون الثاني). ويقول فيرست سيرجنت ديفيد مور، الموجود مع مجموعة دعم المنطقة المشتركة التي تدير المنطقة الخضراء: «ما تراه ليس تغييرا في الإعداد، ولكنه تغيير في التعليمات، سيبقى هناك مقاتلون، فكل جندي أميركي مدرب على القتال». وتم إعادة إحدى القواعد الكبرى التابعة للمنطقة الخضراء، وهي قاعدة الحرية للعمليات المتقدمة للسيطرة العراقية في 1 أبريل (نيسان)، أو معظمها على الأقل، فما زال الجيش الأميركي يبقي على حمام سباحة. وبالإضافة إلى القوات، سيبقى داخل قاعدة الرفاهية الكثير من المتعهدين الأميركيين وغيرهم من الأفراد. وإلى الجوار، في معسكر الاتحاد الثالث، يقوم الجيش ببناء وحدات سكنية للكثير من الجنود والمدربين والمستشارين الذين يعملون لصالح القيادة متعددة الجنسيات لنقل المهام، التي تقع مقراتها في مكان آخر داخل المنطقة الخضراء. وعلى الرغم من أن هذه القواعد الرئيسة في بغداد سوف تبقى، يقوم الجيش الأميركي بسرعة بإزالة بصماته من أي مكان آخر داخل بغداد. وكانت ما يطلق عليها الزيادة في عدد القوات قد أضافت 77 قاعدة صغيرة، تعرف باسم نقاط حدودية قتالية، وقواعد دورية ومراكز أمنية مشتركة، منتشرة في مختلف مناطق المدينة كي تكون القوات الأميركية قريبة من المواطنين. وفي وقت الذروة، خلال عام 2007، كان هناك قرابة 100 من مثل هذه القواعد.

وستكون جميع هذه القواعد قد سُلمت للعراقيين بحلول 30 يونيو (حزيران)، حسب ما يقوله الجنرال بيركينز، مشيرا إلى أنه تم تسليم بعض من هذه القواعد بالفعل. وأضاف أنه في الكثير من الحالات لن يفضل العراقيون أن يستخدموها للقوات التابعة لهم. وبصورة عامة، فإن الوجود الأميركي في مختلف الأنحاء يتغير مع اقتراب تاريخ 30 يونيو (حزيران). ويؤكد مسح قام به الصحافيون التابعون لصحيفة «نيويورك تايمز» داخل المحافظات الشمالية والوسطى على أن القوات الأميركية انسحبت بالفعل من كافة هذه القواعد التي تقع داخل مراكز المدن الكبرى، باستثناء مدينة الموصل. ويقول الجنرال بيركينز إن القوات القتالية الأميركية تنسحب بصورة منتظمة من المدن العراقية، وتحل محلها قوات عراقية. وبحلول سبتمبر (أيلول) 2008، تراجع عدد القوات الأميركية في العراق بنسبة قرابة 20 في المائة من أقصى معدل وصلت له خلال ما يعرف باسم زيادة عدد القوات في 2007. وغادر 8000 آخرون بحلول نهاية يناير (كانون الثاني). وبدءا من أبريل (نيسان)، كان هناك 137.934 من أفراد الخدمة الأميركية في العراق، حسب ما يقوله ليوتيننت كولونيل أمي حنا، وهو مسؤول في مجال العلاقات العامة. ويضيف الجنرال بيركينز إن 16.000 إضافيين سوف يرحلون بحلول سبتمبر (أيلول). ويقول: «لا نريد أن نخسر المكاسب التي حققناها حتى الآن، لا نريد أن نندفع ناحية فشل هنا، ليس صحيح أننا نعود إلى وطننا ولكننا ننتقل». ويقول بيركينز: «لا نعني أنه لن يكون هناك جنود مدربون على مهارات قتالية في المدينة». وأضاف، يمكن أن يبقى المدربون والمستشارون، حسب بنود الاتفاقية، ويمكن أن تدخل القوات القتالية في عمليات إذا دعاها العراقيون.

* خدمة «نيويورك تايمز»