بيريس يسبق نتنياهو إلى البيت الأبيض.. ليَسمع ويمنع الصدام

الناطق بلسان الليكود وقادة اليمين المتطرف يهاجمون الرئيس الفلسطيني بحدة

TT

في الوقت الذي أطلق فيه الناطق بلسان حزب الليكود الحاكم في إسرائيل وغيره من قوى اليمين المتطرف، هجوما حادا على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، متهمينه بالعداء للسلام، أعلن في كل من واشنطن والقدس أن الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، سيسبق رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في محاولة لمنع التوتر في العلاقات بين البلدين واحتواء الخلافات حول استئناف مفاوضات السلام.

وحرصت مصادر في البلدين على تأكيد أن نتنياهو هو الذي طلب أن يسبقه بيريس إلى واشنطن، مع أن هذا ليس متبعا في السياسة الإسرائيلية. فقد جرت العادة أن يقوم كل رئيس حكومة في إسرائيل، منذ سنة 1969، بزيارة تقليدية إلى واشنطن حال تسلمه الحكم. وكان من المفروض أن يزور نتنياهو واشنطن في مطلع الأسبوع المقبل، ليشترك في مؤتمر اللجنة الأميركية ـ الإسرائيلية للشؤون العامة «إيباك»، اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة ويزور البيت الأبيض. لكن إدارة أوباما طلبت من نتنياهو أن يحضر معه تفاصيل خطته لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط ورؤيته للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين. فطلب نتنياهو إمهاله مدة أطول حتى يحضر جاهزا. وتقرر له موعد آخر في 18 مايو (أيار) المقبل.

وطلب نتنياهو من بيريس، الذي يقيم معه علاقات تفاهم ودية عميقة في الشهور الأخيرة، أن يمثله في مؤتمر «ايباك» ويعرج على البيت الأبيض للقاء أوباما و«يطري» الأجواء تمهيدا للزيارة ويمنع تفاقم الخلافات بين الطرفين حول مسار استئناف المفاوضات.

يذكر أن نتنياهو ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، تفوها في الأسابيع الأخيرة بمواقف رفضتها إدارة أوباما، مثل اشتراط المفاوضات السلمية باعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية ورفض مسار أنابوليس لتطبيق «خريطة الطريق» والثأثأة في الموقف من مبدأ الدولتين للشعبين كأساس للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين.

ويسود شعور في إسرائيل بأن إدارة أوباما لا تنوي التعامل مع الحكومة الإسرائيلية بقفازات الحرير التقليدية وأنها تطالبها بالانسجام مع مواقف البيت الأبيض الجيدة التي ترى في تسوية الصراع الإسرائيلي وتحقيق السلام في الشرق الأوسط مسألة «مصلحة أمن قومي للولايات المتحدة». ولا تريد عراقيل في هذا المسار، ولا تحتمل مماطلات. ويأمل نتنياهو بأن يستغل بيريس مكانته الدولية المحترمة وتقدير الرئيس أوباما لمواقفه وخبرته، لمنع صدام بين الدولتين ولجعل زيارة نتنياهو في واشنطن موفقة.

وحاول أوباما، أمس، تبديد المخاوف الإسرائيلية، فأرسل برقية تهنئة إلى الرئيس بيريس بمناسبة ذكرى قيام إسرائيل قال فيها: «الولايات المتحدة كانت أول دولة اعترفت بإسرائيل سنة 1948، بعد ساعات من إعلان استقلالها، وتقيم معها علاقات صداقة عميقة لا تتزعزع ولن نسمح بأي خلل فيها وسنتعاون معا من أجل مصلحة البلدين وإقامة السلام الشامل في الشرق الأوسط».

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد أصدرت بيانا، أمس، ردت فيه على رفض أبو مازن، الاعتراف بيهودية إسرائيل، وقوله «نحن نعترف بإسرائيل، في إطار عملية السلام، أيا كان اسمها وكيفما تسمي نفسها. ولكن مطالبتي بالاعتراف بأنها يهودية أمر غير مقبول». وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيانها إن هذا الاعتراف «هو خطوة ضرورية وحيوية في مسيرة المصالحة التاريخية بين إسرائيل والفلسطينيين وعلى الفلسطينيين أن يأخذوها لمصلحة تعزيز الروح السلمية». لكن الناطق بلسان حزب الليكود والمقرب من نتنياهو، النائب أوفير أكونيس، كان أكثر حدة وتطرفا من الوزارة فقال أمس، إن تصريح أبو مازن هو برهان آخر على أن وجهة الفلسطينيين ليست نحو السلام مع إسرائيل وعلى انه لا يريد دولتين للشعبين بل دولتين لشعب واحد هو الشعب الفلسطيني. وقال إن الاعتراف بيهودية إسرائيل إنما هو شرط للتقدم في مسيرة السلام.

وأما النائب اليميني المعارض، ميخائيل بن آري، فقال في بيان خاص له أمس إن «محمود عباس هو ناكر معروف للمحرقة اليهودية وبتصريحه الأخير ضد يهودية إسرائيل إنما أظهر وجهه الحقيقي، فهو يريد السلام مع إسرائيل كخطوة في مسار إبادة إسرائيل». يذكر أن إسرائيل تلقت برقيات تهنئة، أمس، من عشرات الزعماء في العالم بينهم الرئيسان الروسي والصيني. كما تلقت رسالة من الرئيس المصري، حسني مبارك، تمنى فيها أن تجنح الحكومة الجديدة إلى السلام القائم على العدل.