الجيش الباكستاني يدك مواقع طالبان.. ويؤكد استعادة كبرى مدن منطقة بونير

الهجوم الأول منذ توقيع اتفاق تطبيق الشريعة في سوات

TT

استعاد الجيش الباكستاني أمس مدينة رئيسية في وادي سوات شمال غرب باكستان في إطار هجوم يشنه على طالبان رحبت به واشنطن التي كانت تأخذ على إسلام آباد «استسلامها» إزاء هؤلاء الإسلاميين المرتبطين بالقاعدة.

وقد شن الجيش الباكستاني أول من أمس هجوما واسع النطاق في منطقة بونير الواقعة على مسافة مائة كلم شمال غرب إسلام آباد، بعدما سيطر عليها عناصر طالبان مرتبطون بالقاعدة قدموا من وادي سوات المجاور الأسبوع الماضي مغتنمين اتفاق وقف إطلاق نار أبرمته معهم الحكومة واعتبرته واشنطن بمثابة «استسلام». وأعلنت أجهزة اتصالات الجيش في بيان «أن قوات مجوقلة نجحت صباح أمس في تأمين داغار كبرى مدن منطقة بونير وجوارها». وتعد داغار نحو 25 ألف نسمة.

وخلال العملية تم إنزال قوات من مروحيات في المنطقة للقضاء على المتمردين وذلك في إطار تكتيك انتشار سريع بعد يوم واحد من قيام قوات برية تدعمها مروحيات حربية بشن عملية في وادي بونير للهدف ذاته. ومع أول هجوم مضاد الأحد في منطقة دير السفلى المجاورة بدأ الجيش هجوما على عدة جبهات لصد طالبان من وادي سوات. وهذا الهجوم هو الأول منذ توقيع الاتفاق المثير للجدل منتصف فبراير (شباط) والذي وافق بموجبه طالبان على وقف إطلاق النار مقابل قيام محاكم إسلامية في منطقة ملكند التي تضم خصوصا سوات وبونير ودير السفلى. وأول من أمس عبرت واشنطن التي تعتبر إسلام آباد حليفها الأساسي في «الحرب على الإرهاب» عن ارتياحها لهذا الهجوم. وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف نوريل «إن العمليات العسكرية الجارية في منطقتي بونير ودير هي رد مناسب تماما على الهجمات التي قام بها طالبان وناشطون آخرون في الأسابيع الأخيرة». وسقوط بونير في أيدي طالبان حرك رأيا عاما ظل غير مبال حتى ذلك الحين، فندد بما اعتبره «استسلاما» من قبل الحكومة والجيش. كما أثار أيضا غضب واشنطن. وبفضل دعم طالبان باكستان قام تنظيم القاعدة منذ سنوات عدة بإعادة تشكيل صفوفه في المناطق القبلية بشمال غرب باكستان الحدودية مع أفغانستان، وطالبان الأفغان قواعدهم الخلفية. لكن طالبان الباكستانيين تقدموا بعد ذلك خارج المناطق القبلية واستولوا صيف 2007 على وادي سوات التي كانت حتى ذلك الحين من أهم المعالم السياحية في البلاد. وحاول الجيش عبثا إخراجهم منها.

وفي منتصف فبراير (شباط) وأمام التجاوزات التي ارتكبها في سوات المقاتلون الإسلاميون الذين قطعوا رأس كل معارض ودمروا المدارس التي تستقبل فتيات، وقعت الحكومة الإقليمية اتفاق وقف إطلاق النار مقابل قيام محاكم إسلامية. ومن ذاك وبعيدا عن إلقاء السلاح كما كان يفرض الاتفاق، اغتنم طالبان انسحاب الجيش ليتقدموا أكثر على الأرض خارج سوات والوصول حتى بونير. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اتهمت إسلام أباد بـ«الاستسلام» وعبرت عن قلقها الشديد لـ«تقدم» طالبان الذين يشكلون «تهديدا قاتلا» لباكستان وبالتالي للعالم. أما طالبان فيؤكدون من جانبهم «الصمود» أمام الجيش. وقال المتحدث باسم طالبان سوات، مسلم خان، لوكالة فرانس برس هاتفيا الأربعاء «من جهتنا نعتبر الاتفاق ما زال ساريا، لكن إن أعلن لاغيا من قبل الزعيم الديني الذي تفاوض بشأنه مع الحكومة منتصف فبراير (شباط)، سنستأنف عندئذ الجهاد ضد الحكومة». وكان الجيش أعلن أول من أمس أنه استعاد نهائيا دير السفلى من طالبان مما أدى إلى مقتل 70 منهم. لكن هذه المعارك الأولى تسببت في هذه المنطقة بنزوح كثيف للسكان ما لا يقل عن 30 ألف شخص بحسب حكومة الولاية.