جميل السيد دعا الحريري إلى محاسبة من حوله و«كنسهم» وهاجم جعجع والقضاء اللبناني وطالب بالمحافظة على سلاح المقاومة

نحر 21 خروفا ترحيبا بإطلاق سراحه

TT

ما إن خطا المدير العام السابق للأمن العام، جميل السيد، خطوته الأولى باتجاه منزله في منطقة السمرلند إلى الجنوب من بيروت، حتى كانت دماء 21 خروفا تسيل بعد نحرها احتفالا بعودته إلى الحرية. الرقم 21 جاء مدروسا، كما قال أحد المحتفلين. وهو يرمز إلى 21 طلقة مدفع يكرم بها العسكريون عادة. عدا الخراف المنحورة استكمل الترحيب بإطلاق كثيف للرصاص والمفرقعات. قبل وصوله كان منزل السيد يعج بالذين توافدوا ليكونوا بجانب والديه وزوجته سوسن وأولاده والمحاميين أكرم عازوري وأنطوان قرقماز. والأخير حضر خصيصا من باريس لاستقبال موكله. كان هناك جو من الترقب يسود العائلة التي تتابع الأخبار عبر التلفزيون. سوسن السيد رفضت الذهاب إلى سجن رومية لاصطحاب زوجها. وقالت: «كما أخذوه عليهم أن يعيدوه إلى المنزل».

عندما أعلن قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين «أن المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار أمر بالإفراج فورا عن الضباط الأربعة واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم» حتى غلب التأثر على الجميع واختلطت الدموع بصيحات الفرح. وقالت سوسن السيد: «الآن ظهرت الحقيقة التي يبحثون عنها». لتضيف: «انتصرنا. إلا أننا لن نستخدم هذا الانتصار في الانتخابات». وأكدت أنها لم تشك يوما في براءة زوجها.

التأثر لم يحل دون إتمام واجبات الضيافة. قرب البيانو حيث وضعت صورة للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ثلاثة بالونات تحمل عبارة «Welcome home». وعلى الطاولات عدة الضيافة حاضرة. شوكولا وبقلاوة ودعوة من سيدة المنزل للجميع إلى مشاركة العائلة الاحتفال والفرح.

سارة، الابنة التي لم تغادر سن المراهقة، بقيت صامتة في انتظار وصول والدها، لتكتفي بالوقوف عند النافذة. نادته بابتسامة عريضة ما إن أطل بكامل أناقته مرتديا بذلة وربطة عنق، ليقف قبالة البيت ويلقي كلمته. كان في انتظاره وفد رفيع المستوى من قادة حزب الله ونوابه يتقدمهم النواب محمد رعد وعلي عمار وحسن فضل الله والمسؤولون غالب أبو زينب وعمار الموسوي والسيد إبراهيم أمين السيد الذي ألقى كلمة هاجم فيها «السلطة والقضاء اللبناني».

السيد بدأ كلمته التي قوطعت بالتصفيق والتعليقات بشكر «أهل المقاومة والسيد حسن نصر الله والمحامين عازوري وقرقماز». وقال: «المحكمة الدولية أصدرت حكمها ببراءة ضباط لم يكونوا متهمين ولا مشتبها بهم، كما أكد رئيس المحكمة. اليوم خرج الضباط الأربعة لكن لا يزال هناك سجين واحد هو رفيق الحريري. والفضل للقضاء اللبناني بشخص سعيد ميرزا وصقر صقر. هذا القضاء اللبناني الذي وضع الاعتبارات الشخصية أولا حتى لو تبين كذب الشهود». وخاطب رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، فقال له: «أعرف أن سعد الحريري يحب أباه لكنه لا يريد الحقيقة. وهو إما مضلل وإما قبل المقايضة بين السياسة وأبيه». وأبدى استعداده للحديث مع الحريري إذا اتصل الأخير به، ليضيف: «أنت محترم من بيت محترم ولا نطلب منك سوى محاسبة من هم حولك ورد الاعتبار إلى والدك. وإن مشيتم في القبر ستعلمون أن رفيق الحريري هرب من الضريح. حاسب يا سعد الحريري من هم حولك. نظفهم واكنسهم».

ودافع السيد عن المرحلة التي تولى فيها مسؤولية الأمن العام، فقال: «أدعو أي لبناني لديه أي شيء على أي منا أن يتقدم بشكوى لدى السلطة الحالية بحال ظلمناه، ونحن مستعدون للمحاكمة». وهاجم رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ليعيد اتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة. ويقول: «عندما صدر العفو عن جعجع لم يصح الصحيح». وأضاف: «لم أظلم جعجع. وهو طلب السماح من المطران حداد في زحلة فمن يفجر كنيسة في زحلة يفجرها في الزوق». ورفض أن يقارن به. كما هاجم وزير العدل إبراهيم نجار الذي «ينتمي إلى جعجع عندما يوظف العلم في سبيل خدمة السياسة ويقول إن إخراجنا ليس براءة». وطلب من سعد الحريري «محاسبة الإعلام خاصته والسياسيين الذين كذبوا عليه والقضاء الذي ضلله والشهود الزور من هسام هسام وزهير الصديق». السيد لم يوفر الاستحقاق الانتخابي من حديثه، وبالطبع ليجيّر إطلاق سراحه ورفاقه لمصلحة «حزب الله»، لذا قال: «نحن على أعتاب انتخابات نيابية والتغيير لمصلحة لبنان. الدهليز الذي دخله لبنان عقب اغتيال الحريري دهليز خطر. لا أحد يسلم السلاح قبل انتهاء السبب والمقاومة ليست سببا بل نتيجة، وعندما نرى نتنياهو وليبرمان يهددان لا نسأل عن سبب وجود سلاح المقاومة». السيد، الذي أكد أنه ليس حاقدا ولا يسعى إلى الانتقام، دخل منزله على إيقاع أغنية: «طلوا الفرسان وهزموا السجان». أما المحتفلون فقد انفرط عقدهم. وشيئا فشيئا زالت الإجراءات الأمنية الكثيفة التي رافقت حضور مسؤولي «حزب الله»، وانسحب أفراد «كشافة المهدي» التابعين للحزب والذين تولوا ضبط النظام في مكان الاحتفال، لتبقى الخراف المنحورة على الأرض تختلط دماؤها بالورد والأرز المنثور.