حقوقيون لبنانيون لـ«الشرق الأوسط»: الضباط الأربعة لا يحق لهم المطالبة بتعويض

إطلاقهم يعني أنهم لم يكونوا مشبوهين

TT

تفاوتت آراء الحقوقيين اللبنانيين إزاء القرار الصادر أمس عن المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بالإفراج عن الضباط الأربعة. ذلك أن الخطوة تتخذ، في موازاة أبعادها السياسية، أبعادا وتداعيات قانونية من حيث طبيعة القرار الصادر عن القضاء الدولي والوضع القانوني للأربعة. فماذا يقول عنه القانونيون؟ وما هي قراءتهم التقنية له؟ بعد لحظات من طلب قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، دانيال فرنسين الإفراج فورا عن الضباط الأربعة، تحدث أحد وكلاء الدفاع عنهم نقيب المحامين الأسبق عصام كرم في اتصال أجرته به «الشرق الأوسط»، فقال: «مبروك للحقيقة». وأوجز رأيه القانوني بالقول: «إن ما حصل، حصل كما كان يجب أن يحصل تماما. فمن ليس ضده دليل يقوم على تجريمه، يقتضي إخلاء سبيله. وأنا كنت أقول دائما للقضاء اللبناني، إما أن تخلوا سبيل الضباط الأربعة وإما أن تطلعونا على مبرر احتجازهم. وهذا ما لم يكن يحصل. وقد حدثت أمور في التحقيق أتحفظ على الكشف عنها لأنني مؤتمن على سرية التحقيق».

وعن الرسالة التي يوجهها إلى القضاء اللبناني، قال: «كنت أتمنى أن يبادر القضاء اللبناني إلى اتخاذ هذا القرار، لأنه ركيزة أساسية من ركائز هذا الوطن. وقد وجد في الأصل ليقول الحق. وبما أن لديه كل المعطيات، فضلا عن انه موضوع تحت سلطة القضاء الدولي، فكان في استطاعته التحرر من كل الضغوط التي مورست عليه». وأضاف: «كان دانيال بيلمار يقول للمدعي العام التمييزي اللبناني أشياء لم يكن يقولها لنا الأخير. أنا لا ألوم مدعي عام التمييز (سعيد ميرزا) ولا ألوم المحقق العدلي اللبناني (القاضي صقر صقر)، إنما كنت أتمنى على القضاء اللبناني إثبات وجوده، عبر فتح باب السجن للضباط الأربعة وإرشادهم إلى طريق منازلهم، لأن من سجن أكثر من 3 سنوات، ما من شك أنه نسي طريق منزله». وعما إذا كان الضباط سيخضعون لأي إجراءات أو قيود معينة بعد إطلاقهم، قال: «لم اطلع بعد على منطوق القرار وعلى النص الحرفي له لأعطي إجابة أكيدة».

أما النقيب السابق للمحامين في بيروت شكيب قرطباوي، فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «إخلاء سبيل الضباط الأربعة لا يعني منع محاكمتهم، وإن كان هذا ما حصل أو سيحصل، فمنع المحاكمة عنهم يحتاج إلى قرار خاص وواضح. كما أن وضع أي قيود على عملية إطلاقهم يحتاج إلى نص واضح وصريح». ولفت إلى أن «قانون العقوبات اللبناني الذي تعتمده المحكمة الدولية، لا يتضمن أي مادة تسمح للضباط بالمطالبة بتعويض عن السنوات التي أمضوها في السجن». وعن قراءته لملفات الضباط في ضوء القرار الصادر عن القاضي دانيال فرنسين، قال: «جميعنا نحترم المحكمة الدولية، ولا أعتقد أن الوقت ملائم للتصنيف السياسي»، لافتا إلى أن الإجراءات الأمنية التي رافقت إطلاق الضباط تصب في إطار «الحفاظ على سلامتهم وسلامة اللبنانيين. فهم ليسوا كأي موقوف عادي أفرج عنه». في المقابل، برزت قراءة مخالفة لأحد القضاة اللبنانيين وقد آثر التحفظ عن ذكر اسمه، فلفت إلى أن فرنسين «لم يستخدم عبارة لعدم كفاية الدليل في قراره، بل أورد عبارة لا عناصر للاشتباه أو لاتهام الضباط الأربعة. وهذا أفظع في حق القضاء اللبناني، لأن العبارة التي استخدمها تعني أنه لم ير، في الأصل، عناصر كفيلة باعتبارهم مشتبها فيهم». وقال: «مع قرار المحكمة الدولية، دقت ساعة الحقيقة»، معتبرا أن القرار «يمثل صك براءة ليس للضباط الأربعة فقط، إنما لعهد بأكمله حين اتهم هذا الفريق السياسي الرئيس (السابق) إميل لحود بأنه على رأس جهاز اغتال الرئيس رفيق الحريري. نحن كنا متأكدين من براءة الضباط، لكننا كنا نصارع استغلالهم السياسي». وأضاف: «قرار المحكمة يمثل إدانة للقضاة الذين تورطوا في هذا الملف ولوزير العدل السابق شارل رزق». وأوضح أن «الضباط، ولحظة إطلاقهم، باتوا كأي مواطنين عاديين يتمتعون بحقوقهم كاملة ويستطيعون مزاولة وظائفهم كالمعتاد وقبض رواتبهم وستفك الحجوزات عن أملاكهم».

ورأى في «طلب المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار ضمان أمن الضباط الأربعة مدلولات عدة، أهمها تخوفه من تعرض مرتقب لأمن الضباط ولعائلاتهم وممتلكاتهم، لا سيما من جانب بعض السياسيين الذين عملوا على شحن النفوس طوال فترة احتجازهم». وأشار إلى أن هذه «فرصة ذهبية لإصلاح مكامن الخلل الثلاثة، الأول على مستوى نظامنا القضائي الذي أتاح احتجاز الضباط ثلاث سنوات و8 أشهر، الثاني على مستوى نظام سجوننا الذي تسبب باتخاذ إجراءات تعسفية بحق الضباط كمنعهم من التحدث إلى محاميهم أو عائلاتهم على انفراد ومن دون مراقبة، والثالث على مستوى أمننا. فمكامن الخلل الثلاثة هذه، قد أشار إليها قرار القاضي بيلمار في قراره. لذلك، علينا استخلاص العبر والمباشرة في تحسين وضعنا السياسي». وقال إن «في إمكان الضباط المطالبة بالتعويض عما لحق بهم من ظلم. وبإمكانهم أيضا، إقامة دعاوى على الدولة عن مسؤولية القضاة الذين كانوا ضالعين في ملفهم، كما يستطيعون التقدم بشكاوى للتفتيش القضائي ولهم الحق بإقامة دعاوى قدح وذم على السياسيين الذي تعرضوا لهم طوال فترة احتجازهم، وهذا ما ينص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية».