أفغانستان: القوات الأميركية تستعد للقتال في المحافظات المنتجة للهيروين

300 مليون دولار تحصدها طالبان من تجارة الخشخاش سنويا عبر ابتزاز الفلاحين

TT

يخطط القادة العسكريون لقطع سبيل مورد الأموال الرئيسي لطالبان ـ والمتمثل في محصول الهيروين الذي تنتجه البلاد بملايين الدولارات ـ وذلك عبر إرسال آلاف الجنود إلى المحافظات الثلاث التي تدعم عمليات الجماعة بتلك الأموال.

وتتجلى الخطة في إرسال 20,000 من الجنود وقوات المارينز إلى محافظات هلمند وقندهار وزابل هذا الصيف، وينذر إرسال هذه القوات باحتدام القتال في تلك المناطق لأسابيع أو ربما شهور، وذلك على أساس توقع الضباط الأميركيين أن تعكف طالبان على الذود بضراوة عن المحرك الاقتصادي الرئيسي للتمرد بالبلاد. ومن المتوقع أن تضاعف هذه القوات المرسلة تقريبا، وهي الجزء الرئيسي للجهد المبذول من قبل الرئيس أوباما لعكس دفة الأمور في الحرب التي تدور رحاها على مدار سبع سنوات ـ من عدد القوات المرابطة فعليا في الجنوب الأفغاني. هذا، ويتم النظر عالميا إلى القوات المقاتلة هناك على أنها على شفير الهزيمة، وفي الكثير من الحالات، سيتم الدفع بالأميركيين إلى مناطق يقبع بها عدد قليل من القوات أو لم يطأها أي جندي من قبل. وثمة اعتقاد بأن طالبان تغل سنويا عبر الابتزاز أو فرض الضرائب أكثر من 300 مليون دولار من تجارة الخشخاش في أفغانستان، وهو الإنتاج الذي يمثل 90% من الإجمالي العالمي. ويقول الأميركيون إن هذا الإنتاج يكفي لاستدامة جميع العمليات العسكرية الخاصة بطالبان في الجنوب الأفغاني على مدار العام بأكمله. ويقول البريغاديير جنرال جون نيكلسون مساعد قائد قوات الناتو جنوب أفغانستان: «يعد الأفيون هو محركهم المالي، وهذا ما يبرر أُحجية توقعنا أنه سيحارب في هذه المناطق». ويقول الأميركيون إن هدفهم الرئيسي لهذا الصيف يتمثل في توفير الأمن للشعب الأفغاني، ومن ثم عزل المتمردين. وأفادوا أنه بالنظر إلى زراعة الأفيون بكثافة في المناطق المأهولة بالسكان، علاوة على انتشار طالبان بين السكان، فإنهم سيضطرون إلى الانقضاض وتدمير عمليات زراعة الأفيون المتشبث بها حتى تتكلل جهودهم بالنجاح. وأشاروا إلى أنه ما من أحد هنا ينظر إلى هذا الأمر على أنه سهل.

وبعد مرور 10 دقائق فقط داخل قرية زانغ آباد متناهية الصغر ـ على مسافة 20 ميلا جنوب غرب قندهار ـ ما انقضّ الجنود الأميركيون على حقل مزدهر لإنتاج الخشخاش يوم الاثنين، حتى فتح مقاتلو طالبان نيران أسلحتهم على الجنود من ثلاث جهات. على الفور صرخ أحد الجنود لدى دورانه وهو يطلق النيران قائلا: «من الشمال»، فيما صرخ آخر لدى دورانه أيضا وهو يطلق النيران: «ومن الغرب» أيضا.

وبعد مرور ساعة من دوي آلاف الرصاصات في الهواء، بدأت الذخيرة في النفاد، فيما كانت قوات طالبان تطوق المكان.

في تلك الأثناء، وصلت المروحيات المقاتلة إلى ميدان المعركة، وبدأت في إمطار نيران مدفعياتها على ساحة القتال من خلفهم، كما أطلقت صواريخها المدمرة دون انقطاع. وخلف تغطية من وابل نيران المدفعية، بدأ الجنود في إطلاق النيران شاقّين طريقهم للخروج من زانغ آباد، وبدأوا في التحرك للحصول على غطاء في حقل لنبات الكرم. وهنا ظهر صوت الكابتن كريس براولي عبر جهاز الإرسال الخاص به إلى جانب صوت دوي إطلاق النيران وهو يقول: «أين ستسقطون القنبلة؟ إنني في حقل كرم». ثم هوت القنبلة، وبعد فترة قصيرة، توقف إطلاق النيران. وأتاحت عملية القتال هذه نظرة عامة تمهيدية للصيف الذي سيقضيه الأميركيون في جنوب أفغانستان، والذي من المتوقع أن يكون دمويا، حسبما أفادت كل الروايات.

وشأنهم بذلك شأن مقاتلي الشوارع، يتلاشى مقاتلو طالبان لدى مواجهتهم لجيش تقليدي. إلا أنه في أفغانستان ـ كما فعلوا تماما في زانغ آباد ـ من المحتمل أن تصمد طالبان وتستمر في القتال.

ومن بين الطرق التي يُعتقد أن طالبان تجني بها المال إلى جانب الاتجار في الأفيون، فرض الإتاوات على المزارعين مقابل حمايتهم، وفي حال هجوم الأميركيين والبريطانيين، تتوقع طالبان أن يتجه المزارعون إلى الوقوف بجانبها على اعتبار أن هذا نوع من المقايضة.

* خدمة «نيويورك تايمز»