المالكي: نريد إقامة العلاقات مع الدول العربية وقد أثبتنا سيادة ووحدة العراق

قال لـ«الشرق الأوسط» إن مواعيد الانسحاب الأميركي من المدن العراقية غير قابلة للتمديد

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

استهل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زيارته الرسمية إلى بريطانيا بأجواء إيجابية مع انتهاء الوجود العسكري البريطاني في البلاد بعد 6 سنوات من حرب عام 2003. وتزامنت زيارته مع مؤتمر الاستثمار في العراق الذي عقد في لندن أمس والذي جذب شركات دولية ضخمة تعتبرها الحكومة العراقية علامة على تخطي العراق مرحلة الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد. وفي حوار مطول وصريح مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامته في لندن، تحدث المالكي عن تطلعاته لمستقبل العراق القريب وعلاقاته الداخلية والخارجية، مشددا على أهمية إنهاء عزلة العراق وانفتاحه على كل الدول بعد إثبات سيادته والحفاظ على وحدته. وفي ما يلي نص الحوار:

* تزورون العراق مع انتهاء المهمة البريطانية العسكرية في العراق، ما أهمية هذا التوقيت؟

- كانت لدينا شراكة مع بريطانيا وقوات التحالف جميعا وقد أنجزت مهامها العسكرية وساهمت في استقرار الأوضاع الأمنية ووصلنا إلى مرحلة انسحاب القوات البريطانية كاملة وربما سيبقى منها عدد محدود لأغراض التدريب، بالذات في القوات البحرية وبعض الخبراء في الكلية العسكرية. ولكن هذه النجاحات وإنهاء وجود القوات هو مقدمة لعلاقات طويلة وعميقة في الجانب الاقتصادي والسياسي والعلمي. بريطانيا من الدول التي لها تاريخ في العراق، شركاتها ودراسات الطلاب والاختصاصات في مختلف المجالات، لها دور. فالرغبة لدى الطرفين موجودة، عندنا وعند البريطانيين. ورغبتنا في تطوير العلاقات ليست فقط مع بريطانيا، وإنما مع كل الدول، نريد أن نفتح العراق في علاقاته مع العالم، نريد أن نقضي على ظاهرة العزلة التي كان يعاني منها العراق. لذلك وجدنا في رغبة بريطانيا في دعم الاقتصاد العراقي وأن تقيم مؤتمر الاستثمار في لندن وأن تدفع بالشركات البريطانية نحو العراق هو بالحقيقة استجابة لرغبتنا. لهذا عندما دعينا لحضور هذا المؤتمر كان موضع ترحيب لدينا وشعور بأننا حققنا درجة جديدة على طريق بناء العراق. ونحن لا ننظر إلى العراق بكم نجحنا وحققنا في مجال الأمن، إنما نجاحنا الحقيقي هو النجاح في رفاهية المواطن وتطوير الاقتصاد واستقرار البلد والعملية السياسية. وهذه كلها تحتاج إلى تطور اقتصادي ولذلك ربما يكون من التزامن الطيب أن تنهي القوات البريطانية وجودها في البصرة وينعقد مؤتمر الاستثمار في لندن، بمعنى أن المهمة العسكرية انتهت وبدأت مهمة التعاون الثنائي الاقتصادي والتجاري والعملي.

* البعض يخشى من التصعيد الأمني الأخير والتفجيرات التي شهدناها في بغداد ومدن أخرى. لماذا هذا التصعيد الأمني الأخير؟

- أنا أعتقد هي مجموعة عوامل. بطبيعة الحال، القوى المعارضة والسياسية والقوى الإرهابية المرتبطة ببعض الأجندات الخارجية تريد أن تبقى في الواجهة وتحاول وتقوم بمجموعة من العمليات كل فترة حتى تقول نحن هنا. العمل هذا بالحقيقة عمل سياسي، سوا كان مدعوما من بعض القوى السياسية المحلية أو قوى سياسية دولية. حفز هذه العمليات النجاحات، العراق الآن أصبح دولة على درجة عالية من الاستقرار والتوجه نحو البناء والاقتصاد. علاقاته الخارجية انفتحت بشكل كبير، احترامه الإقليمي والدولي، عودة العلاقات الدبلوماسية. هذا بالحقيقة يغيظ الذين لا يحبون للعراق، سواء محليين أو خارجيين، أن يكون على هذه الدرجة من الاستقرار. فأحد المحفزات في أن يقوموا بعمل، إضافة إلى إثبات الوجود، هو أن يعطوا رسالة للعالم بأن العراق غير مستمر، يقولون للشركات لا تأتون إلى العراق واختيار (أول من أمس) لقيام هذه العمليات لهذا الغرض. لكن الشيء الذي أقوله بكل ثقة واطمئنان: انتهت حاجتنا إلى أسلحة ومدرعات ودبابات وطيارات. لم يعد بإمكان لا القاعدة ولا ميليشيات أن تحتل شارعا واحدا في أي مكان في العراق. إنما الذي بقي هو هذه الممارسة، عبوات لاصقة يلصقونها على سيارات المواطن، تفخيخ سيارة في منطقة معينة. هذه اعتبرها طريقة لصوص، لذلك لم يبق لدينا حاجة لا لقوات دولية ولا حتى لبقاء قواتنا العسكرية العراقية أن تبقى في المدن، إنما حاجتنا أصبحت أشد للأجهزة الاستخباراتية. وفعلاً لدينا جهد كبير جداً والاعتقالات مستمرة وتفكيك الخلايا الإرهابية من خلال جهدنا الاستخباراتي وتعاون المواطنين معنا. هذه (خلايا) مؤقتة، سنستنزفها من خلال الجهد الاستخباراتي.

* ماذا عن التقارير حول احتمال تمديد بقاء القوات الأميركية في المدن بعد الموعد المتفق عليه، 30 يونيو (حزيران) المقبل؟

- لا لا، المواعيد حتمية قطعية غير قابلة للتمديد. ثانياً، من الناحية الواقعية، نعم، لو كان هناك حاجة لكنا عملنا على التمديد ولكن بالتأكيد لا نحن ولا الجانب الأميركي يقدر وجود حاجة لبقاء القوات الأميركية. ثالثاً، لا نريد تأجيل أي موعد من المواعيد حتى لا يعطي رسالة سلبية للشارع أو المراقب.

* ولكن كانت هناك تصريحات حول إمكانية بقاء قوات أمنية في مدينة الموصل بسبب الاضطرابات الأمنية المستمرة؟

- الموصل أزمتها سياسية والقوات العسكرية العراقية الموجودة والأجهزة الأمنية كافية، ولا تحتاج إلى المزيد من القوات، كما قلت هي عملية استخبارية، عملية استخبارات واعتقالات المشتبهين وتفكيك خلايا، ولا يكون إلا بجهد استخباري.

* ما أهمية اعتقال زعيم «القاعدة» في العراق أبو عمر البغدادي؟

- رسائل متعددة، أولا دليل قوة الحكومة والأمن العراقي لأنها حصلت لعملية اختراق لتنظيمات «القاعدة»، والذي أوصلنا إلى البغدادي هو أحد أصحابه. هذا يعطي رسالة على أن القاعدة بدأت تنهار وتتفكك من داخلها. ثانياً، تعطينا رسالة بأن القاعدة لم يعد عندها نصيب في العراق، لأن الناس الذين تعاونوا معها انقلبوا عليها بعدما اكتشفوا سوءها وسوء أفكارها ونهجها. ورسالة أخرى إلى العالم بأن العراق أصبح فيه قوة قادرة على أن تصل إلى مثل هذا الهدف الكبير، هذا ليس هدفا هينا، هذا يحتاج إلى جهد ودقة واختراق وتنظيم، بمعنى أن العراق أصبح بإمكانه أن يقول: أنا استطيع أن أعتمد على جهدي الأمني وكفاءتي الداخلية.

* ما أهمية جهود المصالحة الوطنية لترسيخ الأمن والاستقرار في العراق وأين وصلت هذه الجهود؟

- قلت دائما المصالحة الوطنية عمل دائم مستمر في العراق، لا نستغني عنه أبدا ولا يمكن أن يتحقق لنا ما نريد إلا بإدامة نهج المصالحة. وشيء يقتضي أن نوضحه، المصالحة ليست عملية صلح بين متخاصمين، إنما المصالحة في مفهومي تعني دعوة العراقيين إلى المنهج السياسي المشترك وهذا يحتاج إلى عملية تثقيفية وتواصلية دائمة. بمعنى، تعالوا أيها العراقيون نتفق على وحدة العراق، قوة العراق، الديمقراطية في العراق، الدستور، وتعديلات دستورية، كل شيء تعالوا نتفق عليه لأنه هو المخرج من الأزمات التي يمكن أن يمر بها البلد. فالمصالحة بالنسبة لي مركب استراتيجي لا نتخلى عنه لأنه يبقى حالة ضرورية. وأنا أفكر بأن البلد يحتاج المزيد من الجبهة الداخلية المتراصة والمزيد من الجبهة الداخلية الواعية. نحن لدينا مخلفات من النظام السابق، ثقافة عنف وثقافة انفصال وثقافة تطرف وثقافة تهميش وثقافة طائفية. هذه كلها تنتهي بثقافة المصالحة. المصالحة هي أن نتصالح على أننا أبناء العراق، فليذهب الشيعي على شيعيته والسني على سنيته والكردي على كرديته والعربي والمسيحي والشبكي والصابئي والكل، ولكن نتصالح على أننا أبناء العراق، وتحت هذا السقف نحن متساوون.

* هناك الكثير من التفسيرات المتعددة حول البعث وعودة البعثيين أم لا، ما هو الموقف الواضح، من يمكن أن تتصالحون معه ومن لا؟

- أنا فقط أشير إلى قضيتين، قضية البعث في الواقع ما عمل في العراق وأنا أحمله كل المسؤوليات التي حصلت، احتلال البلد، دخول القوات الأجنبية بروز الطائفية، المآسي التي مرت على العراق، المقابر الجماعية، التهجير، الأسلحة الكيماوية، يتحملها البعث. فهو كان الحزب الحاكم والوحيد. ثانياً، عندنا قضية دستورية، الدستور صريح يمنع التعامل مع حزب البعث كحزب ويمنع عودته للعملية السياسية ويعتبره من الأحزاب التي تحمل أفكارا ذات طابع عنصري شوفيني. لذلك، لا حديث عن عودة حزب البعث. إنما الذي يسمع وبعض المزايدين السياسيين يريدون أن يعيشون على هذه الأزمة، سواء كان بالسلبي أو الإيجابي. نحن نصنف حزب البعث إما كحزب، فلا مجال له لا دستوريا ولا تاريخيا يسمح بعودته، وهذا ليس من حقي أو من حق أحد، هذا دستور. ثانياً هناك عناصر من البعث تلطخت أيديهم بالدماء، مارسوا القتل والتعذيب والسرقة وأخذ الأموال وانتهاك الأعراض والحرمات، هؤلاء لا صلح معهم، هؤلاء يأتون أمام القضاء والقضاء يحاسبهم ويحاكمهم. الصنف الثالث، هنا فقط الحديث، وهم الذين اضطروا إلى الانتماء إلى حزب البعث، لم تكن عقيدتهم حزب البعث، لكن لا يسمحون له بأن يصبح ضابطا إلا أن يكون حزبيا، ولا يسمحون بمدرس أو أستاذ أو تاجر أو حتى العمل على سيارة أجرة على الخط بين العراق وسورية والأردن إلا إذا كان بعثيا. هؤلاء نعرفهم ووقعوا بالانتماء إلى حزب البعث بغير قناعة وكانوا مجبرين، هؤلاء يعودون بشكل طبيعي ولا يعودون إلى حزب البعث. قانون العدالة والمساءلة فيه إنصاف كبير لهذه الشريحة التي أكرهت على الانتماء، هؤلاء هم المدعوون فقط للمصالحة، أما المجرمون غير مدعوين.

* ماذا عن ضباط الجيش العراقي السابق والمتواجدين في دول أخرى، هل تواصلتم معهم؟

- هناك ضباط كانوا متهمين وعليهم قضايا قضائية ذهبوا إلى دول مختلفة، بعضهم فتحوا صفحات من التعامل مع بعض الدول وبعضها علينا ملاحظات وبعض الدول تعاملت معهم كضيوف فقط ولا تسمح لهم بالعمل ضد الحكومة العراقية. ولكنهم موجودون في الدول ولم نوقف استحقاقاتهم ورواتبهم، على أنها تذهب لعائلاتهم وليس لهم بالذات. لقد دعوناهم جميعا للعودة، كل الضباط مدعوون بالعودة ما لم يكونوا مشمولين في هذه القاعدة، ألا يأتوا باسم حزب البعث وألا يكونوا من المطلوبين للعدالة بسبب ممارساتهم السابقة.

* لقد حققتم إنجازات واضحة في الانتخابات المحلية نهاية العام الماضي، كيف تستعدون للانتخابات البرلمانية لنهاية العام وهل ستترشحون مجددا لمنصب رئيس الوزراء؟

- قبل رئاسة الوزراء، الترشيح للانتخابات القادمة. قطعا سننزل للانتخابات وأنا شخصياً سأنزل بقائمة وقائمتنا نفسها هي قائمة دولة القانون وبرنامجنا الذي طرحناه وكنا صريحين وصادقين فيه ولم نكن نريد أن نلتف على قناعة المواطن إنما هذا هو ما نعمله في الميدان وما نقوله في الإعلام. لدينا سعي كبير بالاتفاق على قائمة وطنية وليست قائمة طائفية، سنحاول أن نشرك عربا وأكرادا وتركمانا وسنة وشيعة ومسيحيين حتى نستعيد بنية العراق الطبيعي على أساس الانتماء الواحد للعراق، لا على أساس الانتماءات المتعددة الطائفية والعرقية وغيرها. مسألة الترشيح لرئاسة الوزراء مسألة سابقة لأوانها تتوقف على مقدار ما نستطيع تحقيقه من نتائج. رئاسة الوزراء تعتمد على نظام برلماني والكتلة الأكبر. إذا كنا الكتلة الأكبر واختارت الكتلة الأكبر ذلك وألزمتني بالالتزام سأقول نعم.

* لنتحدث عن العلاقات مع دول الجوار، كيف تقيمون العلاقات مع الدول العربية خاصة بعد زيارة أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى ورئيس الوزراء السوري إلى بغداد؟

- أطمئن كل المتابعين والحريصين بأن العلاقات العراقية ـ العربية تطورت تطورا كبيرا وكان مؤتمر القمة العربية الأخير هو محطة من محطات الانفتاح على العراق والاستماع كما يقولون للشخص الأول المسؤول والمتهم في الوقت نفسه، مسؤول عن كل شيء في العراق سواء كان سلبيا أنا مسؤول وإذا كان إيجابيا فأنا مسؤول. ومتهم لأن المعادين للعملية السياسية يشيعون في أذهان القادة العرب أن هذا إيراني التوجه، هذا طائفي، هذا حزبي، أشكال من التهم التي يكيلون. ولكن الحمد لله، وجدت أن القادة العرب على اطلاع جيد والصورة التي يصدرها المعارضون السياسيون منتهية بالنسبة للقادة. وكلهم وعدوا بإعادة سفرائهم إلى العراق ولدينا عدد جيد من السفراء، عادوا وآخرون سيعودون. ثانياً، نحن أزلنا كل الإشكالات التي في ذهن الإخوان القادة العرب، سواء كان ما يتعلق بالعراق وتاريخه وامتداده وهويته وانتمائه إلى محيطه والجامعة العربية. هذه كلها طمأنهم من خلالها على مستقبل العراق، كما كانوا يخافون على العراق من التمزق والفيدرالية واطمأنوا في الانتخابات الأخيرة. كل هذا إضافة إلى رغبتهم في الشراكة في الاقتصاد والخدمات مع العراق. رحبنا بهم وقلنا لهم لكم الالتزام ومقدمون على غيركم من الشركات. هذه كلها أصبحت عوامل مساعدة متطورة في العلاقة بيننا وبين كل إخواننا في الدول العربية. مع سورية بالذات أيضا تطورت العلاقة بشكل كبير سيما بعد زيارة السيد رئيس الوزراء والاتفاقيات التي وقعناها والتطلعات الموجودة. الجانب السوري من الدول التي كانت لديها إشكالات على الوضع العام في العراق، لكن توقيع الاتفاقية في سحب القوات وثبات الحكومة العراقية وتمسكها بحقها الوطني واستعادة سيادة البلد أعطى رسائل إلى سورية وغيرها من الذين كانوا يتحدثون عن ضرورة أن يحتفظ العراق بوحدته وسيادته. نحن نقول بصراحة، النجاحات والإنجازات والمبادئ التي ثبتناها في العراق كانت رسائل إلى إخواننا من الدول العربية جعلت ليس لأحدهم الحق والمبرر لأن يبقى بعيدا عن العراق. وأنا أقول بصراحة، ليس لهم الحق في أن يبتعدوا عن العراق لأن العراق يريد أن يقيم معهم العلاقة. من الضروري أن يكون السفراء والشركات العربية بجنب السفراء والشركات الأجنبية.

* وماذا عن العلاقات مع الجارة إيران. كانت هناك اتهامات بتدخل ونفوذ غير إيجابي إيراني في العراق، هل هذا ما زال قائما؟

ـ كما قلت، الرسائل التي أعطيناها بالنجاحات والمبادئ التي ثبتناها والتمسك باستقلالنا وسيادتنا ورفض التدخل في شؤوننا الداخلية واتجاه العراق نحو الاستقرار، أيضا هذه الرسالة كانت للدول الأخرى، سواء كانت إيران أو تركيا، بأن العراق يحرص على سيادته واستقلاله، ولا بد من التفاهم مع العراق كدولة. لذلك علاقاتنا مع إيران تتطور بشكل إيجابي وبتفهم في العمق. وقلت دائما، البلد الذي يحترم شعبه وسيادته وأمنه واستقلاله يحترمه الآخر. إذا أردنا أن يحترمنا الآخر بشكل أكبر يجب ألا يبقى لدينا من يؤمن بعدم ضرورة الحفاظ وحماية السيادة والوحدة الوطنية.

* ما موقفكم تجاه منظمة مجاهدين خلق (الإيرانية المعارضة)؟

ـ الموقف هو أن هذه المنظمة غير مقبول بأي شكل بقاؤهم في العراق. لماذا؟ بغض النظر عما يقوله الآخرون، إنه طلب إيراني أو غير إيراني، القول بصراحة لو أن إيران طلبت بقاءهم في العراق، فلن نسمح لهم بالبقاء في العراق. أولا هذه منظمة إرهابية مسجلة ضمن قائمة الإرهاب. وهذه مسألة قد تتعلق بإيران والأمم المتحدة وبدول أخرى. لكن ما يتعلق بنا إضافة إلى ذلك، ما قامت به هذه المنظمة من دور أمني في زمن النظام السابق وجرائم ارتكبت بحق العراقيين، أكرادا وعربا سنة وعربا شيعة، وكانت جهازا من أجهزة النظام السابق في الجانب الأمني، وارتكبت جرائم بشعة. ثم إلى الآن هي تتدخل بالشأن العراقي الداخلي وتدخل على خط الخلافات وتدعم هذا الكيان وذلك، بل وتتهم إلى الآن بأنها خلف بعض الأعمال الإرهابية في العراق. لهذا وجودهم غير مسموح به، إضافة إلى أن الدستور العراقي ينص، وهذا جاء نتيجة للمعاناة والرغبة في التخلص من آثار الماضي، أن العراق لن يكون مقرا أو ممرا لأي منظمة إرهابية، ولن يكن منطلقا لأي جهة للإضرار بمصالح وأمن دول الجوار، لأنه أنت تتدخل بشؤوني، أنت تحتضن المعارضين، أنا احتضن المعارضين، وتبدأ الدوامة التي لا نهاية لها. إذا لم نسمح لأحد من أراضينا أن ينطلق نحو الآخر ولا نسمح للآخر أن يحتضن الذين ينطلقون للإضرار بمصالحنا. لكن، قلنا لهذه المنظمة بأننا لا نضطركم ولا نسلمكم إلى إيران ولا نضطهدكم، سنعاملكم بكل ما يؤدي إلى الالتزام الإنساني تجاهكم بغض النظر عن تاريخكم والجرائم التي ارتكبتموها. لكن ألا تفكروا أبدا بأن العراق مقر لكم، لذلك نحن فاتحنا كل الدول، بالذات الدول التي رفعت عنهم صفة الإرهاب أن تتقبلهم، سيما أن بعضهم يحمل جنسيات هذه الدول أو لديهم إقامات في هذه الدول. ثم إن الإيرانيين فاتحناهم وقالوا مستعدون لإعطائهم حق العفو، والعفو المضمون الذي يمكن أن يسجل لهم، فلماذا لا يعودون أو أن تأخذهم الدول التي رفعت عنهم صفة الإرهاب.

* أحيانا تشيرون إلى جهات لا تريد استقرار العراق، إذا كانت داخلية أو خارجية، هل توضح لنا من هي هذه الجهات؟

ـ لا

* ولكن من هو الذي يخاف من استقرار العراق؟

ـ أنا بالحقيقة لا أسمي، ولكن أتحدث من حيث المبدأ. ليس كل السياسيين يؤمنون بعراق ديمقراطي اتحادي تعددي، لا يزال البعض يحمل في ذهنه صورة الانقلابات الفكرية أو الانقلابات العسكرية أو الانقلابات السياسية، البعض لا يزال في ذهنه استخدام القوة أو التطرف القومي أو التطرف الطائفي. هؤلاء هم الذين يجدون في صورة العراق الحالي. العراقي الديمقراطي الاتحادي والذي يؤمن بالعدالة والمساواة ليس لهم فيه عيش، إنما يعيشون على أزمات.

* أخيرا، كيف تقيمون الإدارة الأميركية الجديدة وتوجه الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما؟

ـ توجه الرئيس الأميركي مطمئن لأنه أعلن مرارا، وحتى في زيارته الأخيرة، أنه ملتزم باتفاقية سحب القوات، بل ربما لديه استعداد بالتعجيل في سحب القوات، مما يتناسب مع الاستقرار الأمني. ثانيا أنا أتفاءل بتوجهاته الداعية للحوار وفتح آفاق الحوار لفك الاختناقات والأزمات التي يعانيها العالم، سواء كانت مع كوبا، مع كوريا، مع إيران، في فلسطين، أو غيرها. هذه الدعوة للحوار مع الالتزام الذي يبديه الرئيس أوباما والحكومة الحالية، في الحقيقة يعطينا رسالة أن الإدارة الأميركية راغبة في أن تبقي علاقات طيبة مع العراق، ولكن لا على أساس استمرار المهمة العسكرية. وكما انتهت المهمة العسكرية للجانب البريطاني، أيضا ستنتهي المهمة العسكرية للجانب الأميركي ولكن يبقى البديل عنها العلاقات الاستراتيجية في مجالات الاقتصاد والتجارة والتعليم والبيئة وغيرها.