الأكثرية ترد على هجوم «8 آذار».. وتدعو إلى إقرار مذكرة التفاهم مع المحكمة الدولية

استياء قضائي في لبنان من تهديدات «انتقامية» تطال أركان السلطة الثالثة عقب إطلاق الضباط

TT

المواقف السياسية التي أطلقها سياسيو وأحزاب قوى «8 آذار»، خاصة قيادات «حزب الله» عقب إطلاق سراح الضباط الأربعة وخطاب اللواء جميل السيد الذي تضمن هجوما عنيفا وحادا على قادة قوى «14 آذار» والسلطة القضائية، أثارت أمس موجة من ردود الفعل السياسية لقوى الأكثرية التي أملت أن يساهم إطلاق سراح الضباط في جعل المعارضة تسير في مسألة إقرار مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية والمدعي العام لدى المحكمة الدولية، كما أحدثت موجة استياء في الأوساط القضائية بعدما وصلت خطابات الاحتفاء بخروج الضباط من السجن إلى حد تهديد قضاة والتلميح بتقويض السلطة القضائية. ووصف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» الاتهامات التي طالت القضاء بـ«الخطيرة جدا» مشيرا إلى «أن المراجع القضائية بصدد بلورة بعض الأفكار للرد على الهجوم الذي تعرضت له السلطة القضائية بشكل عام وبعض القضاة بشكل خاص، والتي بلغت حد التهديد المباشر والدعوة إلى الاقتصاص منهم، محولين إجراء قانونيا اتخذ بحق الضباط انطلاقا من أصول قانونية إلى عداوة شخصية». ولم يستبعد المصدر أن «يصدر عن مجلس القضاء الأعلى، وربما نقابة المحامين، موقف بهذا الشأن مطلع الأسبوع المقبل». وفي هذا الإطار دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي غالب غانم، الأعضاء إلى جلسة الثلاثاء المقبل للبحث في أمور تهم السلطة القضائية.

أما على صعيد الردود السياسية، فاعتبر النائب محمد كبارة (14 آذار) «أن إطلاق الضباط الأربعة من قبل المحكمة الدولية، معطوفا على احتفالات حزب الله وحلفائه في الداخل والخارج، تستحق منا تهنئة المحكمة الدولية التي أثبتت حيادها». وقال: «يبدو إحراج حزب الله من مسألة انكشاف كذبه واضحا من بيانه الذي رحب فيه بإطلاق الضباط وكيله الاتهامات للقضاء اللبناني من دون أن يأتي على ذكر الجهة التي أطلقتهم، أي المحكمة الدولية. فقيادة هذا الحزب لم تكن قادرة في بيانها على لحس أكاذيبها التي أطلقتها لمدة أربع سنوات. حزب الله الذي فرح بإطلاق الضباط الأربعة لم يدرك أنه يحتفل بإثبات كذب قيادته على مدى أربع سنوات. وإذا كان حزب الله وحلفاؤه فرحين جدا بالعدالة الدولية، فما عليهم إلا الإيعاز لوزرائهم بالموافقة على الاتفاقية (مذكرة التفاهم) مع مكتب المدعي العام الدولي الموجودة على طاولة مجلس الوزراء بانتظار وقف التعطيل».

وقال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة: «إن الذين حرضوا أساسا على مسلسل الاغتيالات، بما فيها محاولة اغتيالي في أول تشرين الأول (أكتوبر) 2004 بتقاريرهم وادعاءاتهم وتصريحاتهم، يعودون اليوم إلى الكذب والتلفيق السافرين لاستكمال عمليات القتل السياسي بعد الجسدي على الساحة اللبنانية».وأضاف ردا على اتهامه بتلفيق شهود زور: «أن الإمعان في محاولة ربط اسمي بشاهد لم ألتقه أو أره أو أتحدث إليه يوما، يذكرني بسابقة التحريض علي وعلى زملائي النواب الذين عارضوا بشرف عملية التمديد المشؤوم (للرئيس إميل لحود) في أيلول (سبتمبر) 2004. إني أعتبر هذه الادعاءات الكاذبة من أوركسترا التلفيق السورية بمثابة محاولة جديدة لاستهدافي، سأواجهها كما واجهت، برعاية الله وفضله، المحاولة الأولى، محملا منذ الآن هؤلاء ومن هم وراءهم ضمن الحدود وخلفها، مسؤولية أي أذى قد أتعرض له».

وتعليقا على إطلاق سراح الضباط الأربعة، قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان آندراوس: «الآن يهللون ويقدرون إنجاز المحكمة الدولية بإطلاق الضباط الأربعة. إنه الكذب والتكاذب والرياء وكل الأساليب الملوثة التي مارسوها طوال السنوات الماضية. والسؤال هل يستحق الضباط الأربعة هذا التهليل؟ فهل نسوا ما قاموا به من قمع وقتل وإهانة الناس؟ صورتهم لا تزال ماثلة أمام اللبنانيين في السادس من آب (أغسطس) 2000 وفي مراحل ومحطات كثيرة».

من جهته، وصف رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع ما رافق إطلاق الضباط الأربعة بـ«المشهد السوريالي». واعتبر «أن من يجب أن يكون فخورا هو قوى 14 آذار. ومن قام بهذه الضجة يجب أن يكون خجولا»، مذكرا بأن «قيام المحكمة الدولية حصل على إثر سلسلة اغتيالات لفريق 14 آذار». وأكد أن «فريق 8 آذار هو من سعى وحاول عرقلة قيام المحكمة الدولية». وقال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فريد حبيب: «إن الخارج من سجنه جميل السيد فاقد لأدنى مقومات الهدوء النفسي والمعنوي، وذلك بعدما كان يظن أن لا عدالة في السماء وعلى الأرض سوى ما يشبه عدالته والتي طالت بجورها وظلمها الأبرياء من الناس والمقاومين للاحتلال السوري ولحكم الوصاية».

وعلق مفتي الجمهورية اللبناني الشيخ محمد رشيد قباني على قرار المحكمة الدولية بالإفراج عن الضباط الأربعة، قائلا: «نجدد ثقتنا بالمحكمة الدولية وبعدالتها وقراراتها غير المسيسة، والتي لا تقف مع طرف ضد آخر. وندعو إلى عدم استغلال قرار المحكمة بإطلاق الضباط الأربعة لمصالح سياسية. وينبغي عدم الخلط بين السياسة والقضاء، الذي نحترم ونجل عمله، في كشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولا يظنن أحد أن المحكمة أسقطت نفسها بقرارها هذا، بل إن هذا القرار هو بداية لعملها وسيرها نحو كشف الحقيقة التي ينتظرها اللبنانيون جميعا». واستغرب الحملة على القضاء اللبناني مبديا الأسف للتعرض لمدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا «المعروف بنزاهته وشفافيته وإخلاصه لوطنه».

ورأى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن قرار الإفراج عن الضباط الأربعة «شكل علامة جيدة مع انطلاقة عمل المحكمة ودليلا على توجه القيمين عليها للتعاطي مع هذه الجريمة النكراء من خلال الوقائع الحسية التي لا تحتمل أي تأويل أو اجتهاد، بعيدا عن التأثيرات السياسية بهدف كشف الحقيقة».