موريتانيا تودّع أحد أبرز علمائها.. ولد عدود

اختصر القانون الدولي في نظم شعري.. ومزج بين الأصالة والحداثة

TT

ودّعت موريتانيا أحد أبرز علمائها وفقهائها الأجلاء، الشيخ محمد سالم ولد عدود عن عمر يناهز 83 سنة، وقد ووري الثرى أمس في قريته الأصلية «أم القرى» الواقعة على بعد 60 كيلومترا من العاصمة نواكشوط.

ويعد الشيخ ولد عدود أحد أبرز العلماء الموريتانيين المعاصرين، وقد عرف بتوسعه في علوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وهو أحد أشهر رواة الشعر العربي في موريتانيا وأكثرهم إحاطة بعلوم الحديث والسيرة النبوية وأنساب العرب.

وفيما تلقى الشيخ ولد عدود تعليمه في محظرة والده محمد عالي ولد عبد الودود حيث درس القرآن الكريم وعلوم الشريعة على عادة أبناء شنقيط الأوائل، فإنه استطاع كذلك المزج بين الثقافة التقليدية والحديثة من خلال التحاقه بالمدارس النظامية، حيث درّس في بداية الخمسينات في أول مؤسسة تعليمية معربة تعتمد طرق التدريس الحديثة.

وكان العلامة ولد عدود ضمن أول بعثة موريتانية من القضاة الشرعيين تم إرسالها إلى الجامعات التونسية لدراسة القانون والشريعة، وتخرج بشهادة ليسانس في الحقوق سنة 1965، ثم ألف نظما شعريا اختصر فيه القانون الدولي أثناء دراسته في تونس. تبوأ منصب رئيس المحكمة العليا في موريتانيا مطلع الثمانينات ثم عين وزيرا في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع لمدة ثلاث سنوات قبل أن يعود إلى محظرة والده ويتفرغ للتدريس هناك على منهج والده، وشهدت محظرة الشيخ إقبالا متزايدا في السنوات الأخيرة من طرف الطلاب القادمين من مختلف الدول العربية والأفريقية والآسيوية والأوروبية، الراغبين في تعلم العلوم الشرعية واللغة العربية.

عمل ولد عدود أستاذاً في جامعة نواكشوط وفي المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وترأس المجلس الإسلامي الأعلى، وهو هيئة دستورية تقدم الاستشارات الشرعية لرئيس الجمهورية. كما كان عضوا في عدة منظمات إسلامية دولية مثل رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ومجمع بحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) بالأردن، والمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، والمجمع الفقهي للمؤتمر الإسلامي، والمجلس العلمي للأزهر، والأكاديمية المغربية. وشارك في عدة مؤتمرات إسلامية وعربية ممثلا لموريتانيا في المحافل والمجامع الدولية. ويحتفظ ولد عدود بعلاقات احترام وإجلال بنخبة علماء العالم الإسلامي خصوصا علماء المملكة العربية السعودية.

وينظر إليه في الأوساط الثقافية على أنه من أوائل رواد القصيدة الكلاسيكية في موريتانيا، وكان أول من وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني شعرا وفقها، وقد ترددت قصائده على ألسنة الموريتانيين لفترات طويلة.