غارات تركية وقصف إيراني على كردستان طوال يومين.. والأكراد يستغربون صمت بغداد

مسؤول كردي لـ«الشرق الأوسط»: ينبغي للسلطات الاتحادية اتخاذ موقف واضح لأنها خرق للسيادة العراقية

TT

جدّدت القوات الإيرانية والتركية وفي وقت واحد تقريبا قصفهما المدفعي والجوي على القرى والمناطق الكردية داخل إقليم كردستان على الحدود المشتركة بين العراق والدولتين المجاورتين. فقد شنت خمس طائرات حربية تركية فجر أمس سلسلة غارات جوية عنيفة على عدة قرى كردية في منطقتي «نيروة وريكان» الواقعتين إلى الجنوب الشرقي من قضاء «آميدي ـ العمادية» بمحافظة دهوك، وأسقطت ثمانية صواريخ ثقيلة على قرية «بنافيا» إلا أن الغارات لم تسفر عن وقوع خسائر في الأرواح لأن سكان تلك المناطق كانوا قد نزحوا عن قراهم قبل عامين إثر تزايد حدة القتال بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا والموجودين في جبال قنديل ومنطقة خواكورك في المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا.

كما جدّدت المدفعية التركية الثقيلة صباح أمس قصفها على قريتي «آيشن، وبني» الحدوديتين ومنطقة خواكورك التابعة لقضاء سيدكان بمحافظة اربيل، وما زال متواصلا حتى مساء أمس بذريعة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني. وعلى الحدود مع إيران جددت المدفعية الإيرانية التابعة لقوات الحرس الثوري قصفها المكثف والمتقطع على القرى الحدودية التابعة لناحية «حاجي عمران» بمحافظة اربيل، وشمل القصف قرى «بردوناز، بردبان، ووادي سيبر، ماوتان» بالإضافة إلى مخفر «حاجي عمران» الجمركي، حسبما أكد ذلك احمد قادر مدير الناحية، الذي أكد بأن القصف الإيراني لم يخلف خسائر في الأرواح، لكنه افزع القرويين في المنطقة وبث الرعب في نفوسهم، لا سيما وأن المنطقة قصفت بهذا الشكل منذ عام تقريبا.

وتدعي إيران باستمرار أنها تستهدف في قصفها لقرى الكردية الحدودية، عناصر حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) المناهض لإيران ووثيق الصلة بحزب العمال المناوئ لتركيا. من جانبه قال اللواء جبار ياور وكيل وزارة البيشمركة والمتحدث الرسمي باسم قوات حماية إقليم كردستان «إن القصف التركي لمناطق إقليم كردستان الحدودية يأتي ردا على قيام عناصر حزب العمال بتفجير لغم ارضي قبل أيام قليلة على الطريق المؤدي إلى مدينة ديار بكر في عمق الأراضي التركية، ما أدى إلى مصرع تسعة جنود أتراك وتدمير العربة المصفحة التي كانوا يستقلونها».

وأضاف ياور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا، «أما القصف الإيراني المتزامن مع الغارات والقصف التركي فيأتي كرد فعل على قيام عناصر حزب ـ بيجاك المعارض بشن هجوم على ثكنة عسكرية تابعة للجيش الإيراني بالقرب من بلدة مريوان في منطقة هورامان داخل العمق الإيراني ما أسفر عن مقتل نحو 20 من عناصر الحرس الثوري».

ونفى ياور أن يكون القصف التركي والإيراني على المناطق الحدودية متعلقا بالترتيبات الخاصة بعملية الانتخابات النيابية المتوقع إجراؤها في الإقليم خلال الشهر المقبل. وقال «إنها ردود فعل من جانب إيران وتركيا على تنامي النشاط المسلح لحزبي العمال وبيجاك المعارضين للبلدين». وفيما يتعلق بالموقف الرسمي لحكومة إقليم كردستان بخصوص القصفين قال اللواء ياور «موقف حكومة الإقليم واضح إزاء مثل هذه العمليات، ويتلخص في الإدانة والشجب الشديدين لعمليات القصف التي تلحق الأذى والضرر فقط بالقرويين الكرد العزل، الذين هم ليسوا طرفا في الصراع الدائر بين القوات الإيرانية والتركية من جهة، وبين مقاتلي حزبي العمال وبيجاك من جهة ثانية، وتعتبرها انتهاكا وخرقا لسيادة أراضي دولة العراق الفيدرالية، التي ينبغي لها أن تتخذ موقفا رسميا وواضحا حيالها، لا سيما وأنها عمليات القصف هذه مستمرة منذ عام 2007».

وأكد اللواء ياور أن حكومة الإقليم تكرر باستمرار موقفها المحايد من الصراع الدائر، والقاضي بعدم السماح لأية جماعة مسلحة بشن عمليات مسلحة على دول الجوار انطلاقا من أراضي الإقليم، لأن ذلك يعتبر خرقا للقوانين والمواثيق الدولية، كما وتدعو قوات البلدين باستمرار إلى الكف عن قصف القرى والمناطق الحدودية داخل إقليم كردستان، انطلاقا من اعتقادها بأن حزبي العمال وبيجاك سوف لن يفلحا في حسم مشاكلهما مع تركيا وإيران عبر استخدام السلاح، ولا البلدان لا يستطيعان القضاء على الحزبين المذكورين باستخدام القوة.

وقال «إننا مندهشون جدا من الموقف الصامت للسلطات الاتحادية في بغداد حيال القصف الإيراني والتركي على مناطق الإقليم، في حين أن الدستور العراقي ينص على أن حماية هذا الإقليم من أي اعتداء خارجي هي من صميم مهام السلطات الاتحادية، كما ومستغربون جدا من صمت القوات المتعددة الجنسيات التي ينبغي لها حماية الإقليم من أي اعتداء خارجي أو تهديد داخلي طبقا لبنود الاتفاقية الأمنية المبرمة بينها وبين العراق التي تشير إلى هذا الجانب بوضوح تام». يذكر أن حكومة الإقليم قد أصدرت بيانا قبل يومين أدانت فيه بشدة الهجوم المسلح لعناصر حزب بيجاك على ثكنة عسكرية لقوات الحرس الإيراني قرب بلدة مريوان. هذا وقد اتصلت «الشرق الأوسط» بالعديد من مسؤولي حزب العمال في جبال قنديل إلا انه لم يتسن الحصول منهم على ردود بخصوص القصف التركي على معاقلهم.

وفي أنقرة أعلنت هيئة أركان الجيش التركي على موقعها الالكتروني أن سلاح الجو التركي قصف مساء الأربعاء وصباح الخميس قواعد لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وذلك اثر الهجمات التي شنها المتمردون الانفصاليون وأسفرت عن مقتل 10 جنود أتراك جنوب شرق تركيا. وجاء في بيان للجيش نشر على الانترنت أن «أهدافا للمنظمة الإرهابية (التسمية الرسمية للمتمردين الأكراد) في منطقة افاسين ـ باسيان في شمال العراق قصفت بدقة عالية مساء الأربعاء وصباح الخميس». وأضافت الوكالة أن الطائرات التي شاركت في القصف عادت إلى قواعدها سالمة.