شيخ العنف يستشهد بويست بوينت للتأكيد على سجله المتطرف

المقدسي في رسالته «مصداقيتي تعود إلى شهادة الأعداء»

TT

كان في السابق معلما ومرشدا لبعض أكثر الإرهابيين وحشية على وجه الأرض، إلا أن أبو محمد المقدسي ـ المنظر البارز وواضع نظرية الجهاد الذي يعيش حاليا في الأردن، سئم اتهام المتطرفين حديثي السن له بأنه قد أصبح أكثر لينا.

ومن ثم دافع المقدسي في رسالة وجهها عبر شبكة الانترنت أخيرا إلى أتباعه عن سجله المتشدد، وذلك عبر استشهاده بما ورد في الدورية الصادرة عن مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت.

وكتب المقدسي في رسالته: «المصداقية تعود إلى شهادة الأعداء»، لافتا أنظار القراء إلى مقال كتبه جواس واغميكرز ـ وهو عالم هولندي يعنى بقضية الجهاد ـ و«أطلس الآيديولوجية المسلحة» (ميليتانت آيديولوجي أطلس) وكلاهما صادر عن المركز. وأوضح أن كلا الإصدارين أشارا إليه باعتباره أحد الشخصيات الخطيرة والمؤثرة ممن عنوا بوضع النظريات الجهادية. وأضاف المقدسي بفخر أن مقالين آخرين لكاتبين عربيين ليبراليين طرحا الفكرة ذاتها، مشيرا إلى أن أحدهما أشار إليه باعتباره «شيخ العنف»، «ورأس الأفعى». ولا يعد استشهاد المتطرفين الإسلاميين بتقارير مكافحة الإرهاب الغربية بالأمر الجديد. ومثال على ذلك، أشار أيمن الظواهري ـ نائب أسامة بن لادن ـ مرتين على الأقل في خطاباته المسجلة إلى «سرقة مخطط القاعدة»؛ وهو مقال نشره ذات المركز عام 2004. إلا أن المقدسي أضفى بعدا جديدا على هذه الظاهرة خلال الفترة الأخيرة، شاكيا من أن محللي المجتمع الغربي يفهمونه بصورة أفضل عن أبناء مجتمعه. وكتب المقدسي عن نقاده قائلا: «اندهشت من تدني مستوى تفكيرهم، وكيف أن أعداء الدين يقرأون لنا ويفهموننا أفضل منهم».

وتعتبر هذه الشكوى شهادة جديدة لمجتمع المراقبين الغربيين المهتمين بالقضايا الجهادية، وهو فريق من الخبراء يتحدثون بلغات متعددة وتستحوذ عليهم فكرة مراقبة ومناقشة الخطابات الواردة بالمواقع الإلكترونية الإرهابية.

وتكشف هذه الشكوى أيضا حالة تشرذم السلطة داخل حركة الجهاد العالمية، التي أضحى فيها منظرون بارزون على هيئة المقدسي عرضة للنقد من قبل نقاد حديثي السن يشعرون بحرية ترجمة دعوة الجهاد، والقرآن الكريم بصورة عامة كما يحلو لهم. وبالنسبة للمحللين الغربيين، أن يستشهد بهم رمز من «القاعدة» بصورة تنطوي على إطراء فإن هذا يعد أمرا مربكا لهم.

في هذا الصدد، قال توماس هغهامرـ الزميل بمدرسة جون كينيدي للعلوم السياسية بجامعة هارفارد، وهو أول من أشار إلى شكوى المقدسي على مدونة يحررها بنفسه يطلق عليها «جهاديكا»: «إنه إطراء لا شك، إلا أن هذا يجعلني أشعر بالقلق قليلا حيال تبعات ما أفعله، وما أكتبه». تجدر الإشارة إلى أنه على الصفحة الرئيسة لموقع «جهاديكا»، الذي تأسس قبل عام على يد العالم ويليام ماكانتس، يروج الموقع لنفسه بجملة مقتبسة مجهولة المصدر يقال إنها أخذت من مسح أجري بين العناصر الجهادية عن المواقع الإلكترونية التي تراقب المواقع الإسلامية المسلحة على الإنترنت، وتقول: «في رأيي، إنه الأكثر أهمية وخطورة بين المواقع المنتمية لهذه الفئة». والملاحظ أن شبكة الانترنت تحولت إلى أداة للتجنيد بالنسبة للجهاديين، إلا أنها جعلتهم عرضة أيضا للجواسيس. وما يزيد الأمر سوءا اقتراح علماء غربيين ومحللين معنيين بالقضايا الدفاعية استغلال آراء شخصيات مؤثرة مثل المقدسي في تقويض الحركات الجهادية. ورغم الارتياب البالغ الذي يكنونه إزاء بعضهم بعضا، غالبا ما يتحدث الكثير من الإسلاميين المسلحين عن المحللين الغربيين ـ لا سيما من لهم صلات واضحة بالمؤسسات العسكرية ـ بتقدير باعتبارهم أعداء حقيقيين. ويبدو أن المقدسي ـ الذي يضم الموقع الإلكتروني الخاص به أكبر مجموعة من النصوص الجهادية موجودة على الإنترنت في العالم ـ على دراية تامة بما يكتب عنه، وعن الجهاد بصفة عامة. وعلى الرغم من منزلته، ظل يحارب الانتقادات الموجهة إليه من الجهاديين لسنوات. تجدر الإشارة إلى أن المقدسي ولد في الضفة الغربية، وأمضى وقتا في كل من باكستان وأفغانستان خلال فترة الثمانينات، حيث أثرت كتاباته وخطبه المجيزة لاستخدام العنف على أسامة بن لادن وآخرين. وفي منتصف التسعينات، سجن في الأردن وأصبح منذ ذلك الحين المرشد الروحي لزميله في السجن أبو مصعب الزرقاوي، الذي اشتهر بعد ذلك بقطعه لرؤوس الرهائن بصفته زعيما لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. وفي عام 2005، أطلق سراحه من السجن لفترة وجيزة، وانتقد حملة السيارات المفخخة التي شنها الزرقاوي ضد الشيعة في العراق، الأمر الذي أدى إلى اتهامه بأنه أصبح أداة في أيدي السلطات الأردنية والأميركية، وهو الاتهام الذي تجدد مرة أخرى خلال الشهور الأخيرة.

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»