حراس أبو غريب المتهمون بسوء معاملة معتقلين: كنا كبش فداء

توجه لاستئناف الأحكام بعد كشف مذكرات وزارة العدل الأميركية بالسماح باستخدام التعذيب

معتقلون عراقيون ينتظرون إطلاق سراحهم من معسكر في منطقة الدورة ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

عندما نشرت الصور التي تظهر سوء معاملة المعتقلين داخل سجن أبو غريب في العراق عام 2004، وصف مسؤولون أميركيون المجند تشارلز غرينر بأنه زعيم مجموعة من السيئين في مستوى متدن انتهكوا القانون ووضعوا معتقلين عراقيين في أوضاع مؤلمة، وصفدوهم في أبواب الزنازين بعد وضع ملابس داخلية نسوية على رؤوسهم وهددوهم باستخدام كلاب عسكرية. وفي الوقت الحالي، فإن ما قامت به وزارة العدل الأميركية أخيرا بالكشف عن مذكرات تخول استخدام وسائل استجواب قاسية يمنح غرينر وغيره من المجندين سببا جديدا للقول بأنهم كانوا مجرد «كبش فداء» لسياسات تم الموافقة عليها في مستويات عليا. كما يمكنهم القول أيضا بأن رفض الحكومة الإقرار بهذه السياسات في الوقت الذي كان يتم فيه محاكمة غرينر وآخرين قوض من دفاعاتهم بصورة قانونية. وما زال غرينر مسجونا في «فورت ليفين ورث» بولاية كنساس حيث يقضي حكما بالسجن لمدة 10 أعوام بسبب سوء معاملة المعتقلين والتعدي والتقصير في أداء الواجب. ويقول محاميه إنه خلال الأسبوع الجاري يصوغ مبررات للاستئناف تعتمد بصورة أساسية على ما كشفت عنه المذكرات والتحقيق الذي كشف عنه أخيرا للكونغرس في ممارسات التحقيق. ويقول غرينر، في معرض رده على تساؤلات وجهت له من خلال زوجته، ميغان، التي عملت أيضا في أبو غريب، إن الرئيس جورج بوش «كان محبطا جدا مما حدث، بيد أنه طوال الوقت كان على علم بما يحدث». وغرينر هو الشخص الوحيد، من بين نحو اثني عشر جنديا جرت محاكمتهم بسبب سوء المعاملة في السجن، الذي لا يزال مسجونا. ومنع قضاة عسكريون غرينر ومتهمين آخرين، من بينهم ليندي إنغلاند التي صورت وهي تمسك بمعتقل عار باستخدام حبل، من استدعاء مسؤولين أميركيين بارزين للمثول خلال محاكمتهم عامي 2004 و2005. ولم تعترف الحكومة بأي سياسة أو إجراء كان يمكن أن يؤدي إلى ما شاهده العالم بأسره في الصور. ويشبه بعض ما قام به الحراس في سجن أبو غريب، مثل ضرب معتقلين بعد وضع أغطية على رؤوسهم في الحائط، أساليب مصرح بها في مذكرات وزارة العدل، مثل السماح للمحققين بضرب المعتقلين في سجون تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في حائط مرن صمم كي يصدر صوتا صاخبا. ولكن تتضمن صور أبو غريب تصرفات أخرى، مثل اللكم والدفع بالأقدام، ولا توجد علاقة بين هذه التصرفات والوسائل التي وصفت في المذكرات، بالإضافة إلى الأمور الأخرى التي ارتجلها الحراس، مثل إجبار المعتقلين على الاستمناء أو تشكيل هرم بشري وهم عراة. ويقول تشارلز غيتينز، وهو محامي من فيرجينيا يمثل غرينر، إنه يشعر بالغضب الشديد منذ أن قرأ المذكرات. وقال إنه ظن لفترة طويلة أنه لا يمكن أن يكون غرينر ومجندو الاحتياطي في الجيش قد ابتكروا وسائل مثل جعل المعتقلين في أوضاع مؤلمة وربطهم بالحبال واستخدام الكلاب، ويقول إن الوثائق أثبتت شكوكه. ويقول غيتينز: «بمجرد ظهور الصور، علم المسؤولون البارزون المشاركون في اتخاذ القرار أنه كان يجب أن يكون هناك قصة إخبارية للصفحات الأولى وكانت هي «مجموعة من الأشخاص الشريرين يتزعمهم تشارلز غرينر».

ويقول غيتينز إنه يأمل في إقناع محكمة استئناف القوات المسلحة أن المسؤولين البارزين أثروا بصورة غير مناسبة على المحكمة وواروا الأدلة عن الدفاع. وطبقا للمذكرات ووثائق الكونغرس، فإن مسؤولين أميركيين قاموا بقلب وسائل تعلموها في دورات أميركية لتدريب القوات على تحمل الأسر والاستجواب. ووافق مسؤولون في وزارتي العدل والدفاع على استخدام الكلاب وتعرية المعتقلين واستخدام الأوضاع المؤلمة والحرمان من النوم وغيرها من الوسائل. وحسب ما تفيد به الوثائق، فإن هذه الوسائل دخلت حيز الاستخدام في معتقل غوانتانامو بكوبا وداخل السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية وطبقت في النهاية في أفغانستان والعراق بعد تمرير موافقة وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد من مسؤولين في غوانتانامو إلى الكابتن كارولين وود، ضابط الاستخبارات العسكرية. وقالت وود للمحققين سعت للحصول على موافقات في أفغانستان على الوسائل وأحضرتها معها إلى العراق وأبو غريب. ووافق ضباط كبار في العراق على الوسائل هناك. وعلى الرغم من أنه ينظر إلى هذه الوسائل على أنها غير قانونية بموجب قانون العدالة العسكرية الموحد، دخلت الوسائل حيز الاستخدام الرسمي في أواخر 2003. ومنذ هذا الحين حظرت في الدليل الميداني للجيش حول التحقيقات. وتقول جانيس كاربينسكي، الجنرال السابق في قوات الاحتياطي المسؤول عن السجون في العراق الذي جرد من درجته وترك الخدمة بعد فضيحة أبو غريب إنها فوجئت بمذكرات الإدارة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»