مصادر أميركية: إيران قد لا تبدأ حوارا مع واشنطن قبل أغسطس أو سبتمبر المقبلين

كلينتون تبدي قلقها من تنامي نفوذ بكين وطهران في أميركا اللاتينية

إيراني يدعو في صلاة الجمعة أمس بأحد مساجد طهران حضرها عناصر من الجيش (رويترز)
TT

قالت مصادر أميركية إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تشعر بالقلق من تأخر إيران في بدء مفاوضات مع مجموعة 5 زائد 1 حول ملفها النووي. ونقلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن المصادر الأميركية قولها إن الإدارة الأميركية الجديدة تخشى من أن يؤدي تأخر طهران في الرد إلى زيادة الضغوط الداخلية والخارجية على واشنطن بما يؤدي إلى الإضرار بجهود واشنطن لفتح حوار مباشر مع طهران حول كل القضايا التي تقلق واشنطن وحلفاءها في العالم. وقال مسؤول أميركي للصحيفة إنه ليس هناك حتى الآن رد واضح من إيران على الدعوة الأميركية لحوار مباشر دون شروط حول ملفها النووي. وتضع إدارة أوباما الحوار مع طهران على رأس أولوياتها، ويبحث المسؤولون في الإدارة المعنيون بالملف الإيراني تطورات الملف يوميا، كما أن مستشار وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون إيران دنيس روس في الشرق الأوسط حاليا حيث يبحث الملف الإيراني وقضايا أخرى مع المسؤولين في المنطقة.

وذكرت «لوس أنجليس تايمز» أن الإيرانيين أوضحوا للأميركيين أنهم لن يكونوا جاهزين للحوار قبل يونيو (حزيران) المقبل موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وربما حتى قبل أغسطس (آب) المقبل، تاريخ تسلم الرئيس الجديد مهام منصبه. وقال المسؤولون الأميركيون إن الإيرانيين قد لا يوضحون موقفهم من قضايا الحوار إلا في سبتمبر (آيلول) المقبل عندما تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث من المتوقع أن يلتقى مسؤولون إيرانيون وأميركيون. وفيما ينظر الكونغرس الأميركي في عقوبات على الشركات التي تتعامل مع إيران، وخصوصا تلك التي تعمل في مجال الغاز مع إيران، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن الخارجية تنظر في قانون العقوبات الذي ينظر فيه الكونغرس، وإنه من الهام أن لا يؤثر على المسار الدبلوماسي مع إيران. ويأتي ذلك فيما أبدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «قلقها الشديد» إزاء النجاح الدبلوماسي الذي تحققه الصين وإيران في أميركا اللاتينية. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية في أثناء لقاء عام مع دبلوماسيين أميركيين متقاعدين: «إذا ما نظرنا إلى النجاحات التي تحققها إيران والصين في أميركا اللاتينية، فإننا نرى أمرا مقلقا للغاية». وكانت كلينتون تبرر النهج الجديد للإدارة الأميركية نحو الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، أحد ألد أعداء إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش. وأعربت عن نيتها بدء حوار مع قادة آخرين من أميركا اللاتينية والذين يسود التوتر علاقاتهم مع الولايات المتحدة وخصوصا رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا.

ولفتت كلينتون إلى أن «إيران بصدد بناء سفارة ضخمة في ماناغوا»، مذكرة بأن النظامين في بكين وطهران كثفا الاتصالات في السنوات الأخيرة مع أميركا الجنوبية. وأضافت: «إنهما بصدد إقامة علاقات اقتصادية وسياسية قوية جدا مع الكثير من هؤلاء المسؤولين». وقالت: «لا أعتقد أن ذلك يصب في مصلحتنا».

من ناحيته، شكّل وزيرا الخارجية الإيراني منوشهر متكي والكوبي برونو رودريغيز جبهة مشتركة في هافانا للتنديد بتقرير لواشنطن يتهم بلديهما بمساندة الإرهاب واصفين السياسة الأميركية بـ«العنصرية» أو «الإرهابية».

وقال متكي في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع لحركة دول الانحياز ليل أول من أمس «لدعمها النظام الصهيوني والعنصرية والاحتلال» و«لكل ما جرى في سجن غوانتانامو (جنوب شرق) لا تملك الولايات المتحدة الصلاحية» لوضع دول أخرى في قفص الاتهام.

وأضاف الوزير الإيراني: «إن سياسة المكيالين التي تنتهجها الولايات المتحدة معروفة في العالم أجمع، وليس هناك أي شيء جديد» في هذا التقرير. وقد نشرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي حول الإرهاب اتهمت فيه إيران بأنها «تظل الدولة الأكثر رعاية للإرهاب» في العالم، لكنه يشمل أيضا سورية وكوبا والسودان. وأشار التقرير بالخصوص إلى دعم إيران لفيلق «القدس» وحدة النخبة في جهاز الحرس الثوري الإيراني ولحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني وللمتطرفين في العراق ولطالبان في أفغانستان.

وتبقى كوبا على هذه «اللائحة السوداء» لأن نظام كاسترو ما زال يمنح اللجوء لناشطين في جماعات تعتبر إرهابية بحسب واشنطن التي لا تشير مع ذلك إلى أي تمويل من قبل هافانا لأنشطة إرهابية أو تبييض أموال لغايات إرهابية. وقال الوزير الكوبي للعلاقات الخارجية برونو رودريغيز: «لا نعترف بأي سلطة سياسية أو معنوية لحكومة الولايات المتحدة لوضع هذه اللائحة، أيا يكن موضوعها، أو تحديد السلوك الجيد أو السيئ».

وأضاف: «لكني أعتقد أن أحدا لا يعطي أهمية ولا يقرأ هذه الوثائق، لأن من المعروف أن مؤلفها منحرف دوليا»، فيما لا تزال كوبا الخاضعة لحظر أميركي منذ 47 عاما تطالب بشطبها من هذه «اللائحة السوداء». وتابع الوزير الكوبي أن «حكومة الولايات المتحدة تؤيد أعمال إرهاب الدولة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية»، ووصف قاعدة غوانتانامو الأميركية «المقامة على قطعة ارض مغتصبة من كوبا» بأنها «معسكر للتعذيب».

واعتبر وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي تتعرض حكومته الحليفة لكوبا لانتقادات في التقرير الأميركي، أن «هذا التقرير يدل بوضوح على التناقض القائم اليوم داخل الإدارة الأميركية. خطاب يمكن أن يمد يدا صديقة ويعد بتغييرات، ولكن الحقيقة هي أن هناك آلة إمبريالية تريد أن تملي علينا نهج سلوك». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وعد بـ«عهد جديد» في العلاقات مع أميركا اللاتينية وخصوصا مع الجزيرة الشيوعية الكوبية وفنزويلا العدوين اللدودين للولايات المتحدة في المنطقة، وذلك في أثناء قمة الأميركيتين التي عُقدت منتصف أبريل في ترينيداد وتوباغو. ويزور مادورو أيضا هافانا في إطار اجتماع لحركة عدم الانحياز التي تضم 118 دولة وترأسها كوبا منذ سبتمبر (أيلول) 2006. كما شارك أيضا في الاجتماع نحو 110 وفود من آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية بينهم نحو ستين وزيرا.

وعلى صعيد ذي صلة، ذكر دبلوماسي إيراني بارز أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد سيزور البرازيل الأربعاء لإجراء محادثات رفيعة المستوى يرافقه وفد تجاري كبير.

وقال السفير الإيراني لدى البرازيل محسن شاطرزاده الخميس، إن 110 أشخاص من 65 شركة يمثلون قطاعات الاقتصاد الإيراني كافة تقريبا، سيرافقون أحمدي نجاد في زيارته الرسمية. وصرح للصحافيين أن هؤلاء «من رجال الأعمال في قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات والزراعة والغذاء والبناء والتعدين وتجميع السيارات وغيرها. وسيحضرون لاستكشاف فرص الأعمال في البرازيل». ومن المقرر أن يلتقي العديد من المدراء التنفيذيين في ساو باولو بعدد من ممثلي الشركات البرازيلية المهتمة بالاستثمار أو إبرام صفقات عمل في إيران.

ومن المقرر أن يلتقي أحمدي نجاد كذلك نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إلا أنه لا يتوقع أن يناقش الرئيسان مسألة الطاقة النووية، حسب شاطرزاده. وتشتبه إسرائيل والولايات المتحدة وعدد من القوى الغربية في أن إيران تحاول تطوير أسلحة نووية من خلال برنامجها النووي، وهو ما تنفيه إيران بشدة. ويتوقع أن يناقش لولا وأحمدي نجاد تعزيز العلاقات التجارية الثنائية التي لم تتعدّ قيمتها ملياري دولار في عام 2007، وانخفضت إلى النصف العام الماضي حيث لم تتجاوز قيمة الصادرات البرازيلية من إيران 50 مليون دولار.

وبحسب السفير الإيراني فإن المذكرة التي أصدرتها الحكومة البرازيلية الأسبوع الماضي وأعربت فيها عن «قلقها» إزاء تصريحات أحمدي نجاد المثيرة للجدل بشان إسرائيل خلال مؤتمر مكافحة العنصرية الذي نظمته الأمم المتحدة لن يؤثر على العلاقات الثنائية. وأضاف أن «هذه المسالة ليست على الأجندة»، مضيفا أن المذكرة قالت كذلك إنه «سيجري لقاء بين الرئيسين»، مؤكدا أنه «لم يتغير أي شيء في العلاقة بين البلدين». وكان أحمدي نجاد خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول العنصرية والذي عُقد في جنيف الشهر الماضي وصف إسرائيل بأنها نظام «عنصري» و«وحشي»، مما دفع وفود 23 دولة أوروبية إلى الخروج من قاعة المؤتمر احتجاجا. وتثير زيارة الرئيس الإيراني البرازيل غضب الجالية اليهودية، ويتوقع أن يزور أحمدي نجاد فنزويلا في إطار جولته في دول أميركا اللاتينية. وقال رئيس فنزويلا هوغو تشافيز خلال زيارته طهران في الرابع من أبريل (نيسان) أنه سيلتقي الرئيس الإيراني لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن شركة تعدين مشتركة.