الصومال: القراصنة يزيدون حصيلتهم من السفن المخطوفة إلى 17 بخطف سفينتين أوكرانية وبريطانية

إحدى السفن تحمل معدات تابعة للأمم المتحدة.. وملاح كيني قال لـ «الشرق الأوسط» إن القراصنة باتوا أكثر قوة وتسليحا

قراصنة يرفعون أيديهم مستسلمين لقوات من الناتو على متن سفينة حربية برتغالية أحبطت محاولتهم اختطاف ناقلة نفط نرويجية في خليج عدن أمس (رويترز)
TT

ارتفع أمس عدد السفن التي يحتجزها قراصنة مسلحون قبالة السواحل الصومالية إلى 17 سفينة تحمل على متنها أكثر من 300 بحار من مختلف جنسيات دول العالم، بعدما نجح القراصنة، الذين تقول مصادر صومالية وكينية إنهم باتوا أشد خطرا وتسليحا، في الاستيلاء على سفينتين بريطانية وأوكرانية يعتقد أن إحداها تحمل شحنة خاصة بمنظمة الأمم المتحدة.

وتأتي هذه التطورات فيما أعلن حلف شمال الأطلنطي (ناتو) الذي يقود منذ أسابيع حملة عسكرية لمطاردة القراصنة ومكافحة أنشطتهم الإجرامية في مياه المحيط الهندي وخليج عدن، أن سفينة حربية برتغالية احتجزت لفترة وجيزة 19 قرصانا مسلحين بمواد شديدة الانفجار بعد أن أحبطت هجوما على ناقلة نفط نرويجية في خليج عدن.

وقال أندرو موانجورا، مسؤول برنامج مساعدة البحارة المتخصص في متابعة نشاطات القراصنة في العاصمة الكينية نيروبي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إنه ليس من الواضح الظروف التي استولى فيها القراصنة على السفينتين، لكنه أكد في المقابل أن القراصنة باتوا بالفعل على متن السفينتين وفقا لآخر المعلومات المتاحة لديه.

وأوضح أن القراصنة خطفوا السفينة «إريانا» لنقل الحاويات، التي كانت ترفع علم مالطا ومملوكة لشركة «أوشانز شيبنغ» في اليونان وعليها طاقم مؤلف من 24 شخصا يعتقد أنهم من أوكرانيا، بينما كانت تنقل حمولة من الصويا من البرازيل لمنطقة الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بالسفينة الأوكرانية قال أندروا لـ«الشرق الأوسط»: نعتقد، وفقا للمعلومات، أنها تحمل شحنة سيارات خاصة بإحدى منظمات الأمم المتحدة وتم اختطافها في المحيط الهندي على بعد 250 ميلا بحريا جنوب غرب جزر سيشيل».

وقال وسيط صومالي يعمل كحلقة وصل بين القراصنة ومالكي السفن المختطفة، لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى تأكيدات من قراصنة يحملون هواتف نقالة مرتبطة بالأقمار الصناعية بتواجدهم على متن السفينتين، لافتا إلى أن القراصنة سيقتادون الغنيمة في وقت لاحق إلى السواحل القريبة من إقليم بونت لاند شمال شرق الصومال. وأبلغ سكان محليون في مدينة هراديري الساحلية القريبة من الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 ويعتقد أنه معقل القراصنة، «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أنهم شاهدوا تحركات كثيفة لقراصنة عبر البر يعتقد أنهم في طريقهم لمناصرة زملائهم الخاطفين.

وتقع هارديري جنوبي إقليم مودوج بوسط الصومال، حيث يعتقد أن غياب الدولة المركزية وتفشي حالات الفقر والجوع قد أفرخت المئات من العاطلين الذين باتوا حاليا في صفوف القراصنة. وقال مسؤول أمني في إقليم بونت لاند لـ«الشرق الأوسط» لدينا معلومات عن حالة استنفار تحدث عادة في مجموعات القراصنة وداخل صفوفهم عندما تكون هناك حالة قرصنة أو خطف، مشيرا إلى أن حكومته لا تملك أي إمكانيات تؤهلها لمجابهة القراصنة أو كبح جماحهم.

وبدا أمس أن السفينة الأولى يملكها أوكراني وكانت متجهة من البرازيل إلى إيران، تحمل عربات تابعة للأمم المتحدة، حيث قال قرصان اكتفى بمنح اسمه الأول فقط (حسين) «خطفنا سفينة تقل معدات صناعية بما في ذلك سيارات بيضاء عليها شعار الأمم المتحدة، وأصدقاؤنا على متنها». ورفض مسؤولون في مكتب الأمم المتحدة في العاصمة الصومالية مقديشو أو الكينية نيروبي تأكيد هذه المعلومات.

وكان اللفتنانت كوماندر ألكسندر فرناندز من على متن السفينة الحربية التابعة لحلف الأطلسي قد أعلن أن ناقلة النفط (كيتيون) طلبت المساعدة عبر اللاسلكي بعد ظهر يوم الجمعة الماضي بعد أن اقترب منها قارب مكتظ بقراصنة كانوا يشهرون بنادق وقذائف صاروخية.

وقال فرناندز من على متن السفينة (كورت ريال)، التي كانت على بعد 20 ميلا بحريا تقريبا (37 كيلومترا) إلى الشمال من (كيتيون) عندما جاء نداء الاستغاثة «كنا اقرب سفينة حربية وحركنا على الفور طائرتنا الهليكوبتر». ورصدت الطائرة الهليكوبتر القارب وبدأت في تعقب القراصنة الذين فروا إلى سفينتهم الرئيسية التي تقل 19 قرصانا مدججين بالسلاح والتي اعترضتها لاحقا فرقاطة حراسة برتغالية بعد مطاردة اتسمت بالسرعة الشديدة، قبل أن يتمكن ثمانية من مشاه البحرية من الصعود على متن المركب.

وقال فرناندز «استسلموا على الفور»، مضيفا أنه لم يعلن عن حدوث إصابات وأن القراصنة لم يطلقوا النار على السفينة التجارية التي ترفع علم جزر البهاما أو الهليكوبتر أو مشاة البحرية، موضحا أنه بعد التشاور مع السلطات البرتغالية أطلقت السفينة الحربية (كورت ريال) ـ التي استدعيت الأسبوع الماضي من مهام أخرى لمحاربة القرصنة في خليج عدن ـ سراح القراصنة.

وكشف النقاب عن أن القوات الخاصة عثرت على أربعة أصابع من مادة «بي 4 إيه» شديدة الانفجار وأربع بنادق كلاشينكوف (إيه كيه 47) وقاذفة صاروخية مع تسع قنابل. وقال «كان بحوزتهم تقريبا كيلوجرام من المواد شديدة الانفجار. إذا استخدمت بطريقة سليمة يمكنها إحداث فجوة في بدن أي سفينة وإغراقها». وأضاف أنه لا يعتقد أن وجود مثل هذه المتفجرات مؤشر على تصعيد في العنف.

وقال «هذه هي المرة الأولى التي نرصد فيها متفجرات شديدة الانفجار على متن سفينة للقراصنة حيث كانوا في المعتاد يستخدمون فقط بنادق كلاشينكوف (إيه كي 47) وقذائف صاروخية». من جهته، اعتبر يوسف محمد إسماعيل (باريبري) سفير الصومال في سويسرا ومندوبها الدائم لدى المقر الأوروبي لمنظمة الأمم المتحدة، إن بلاده بحاجة إلى ما وصفه بخطة مارشال عملاقة على غرار المشروع الأميركي الأوروبي لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال باريبري لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي، إن الغالبية العظمى من الشعب الصومالي تعتقد أن ما يحدث على السواحل يجب أن يشجع المجتمع الدولي على تبنى خطة طموح لإعادة الإعمار والتنمية في إطار السلطة الانتقالية في البلاد، مشيرا إلى أن استقرار الصومال وأمنه كفيل بوضع حد لهذه الظاهرة الإجرامية التي تربك حركة الملاحة التجارية الدولية في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا. وشدد باريبري على أنه كلما تم الإسراع في تنفيذ هذه الخطة، كان ذلك أفضل تمهيدا للتعامل مع القراصنة ومشكلاتهم بشكل جذري وحقيقي.

ووفقا لمكتب النقل البحري الدولي، فقد ازدادت هجمات القراصنة في المياه المقابلة للسواحل الصومالية عشرة أضعاف في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2008 حيث ارتفعت من ست هجمات إلى 61. وخلال الفترة نفسها ارتفعت أعداد السفن الحربية التي تجوب المنطقة لمكافحة القرصنة ثلاثة أضعاف ليصبح عددها حوالي 20 بحسب مصدر عسكري. وكان قراصنة صوماليون اختطفوا قبالة السواحل الصومالية في 25 سبتمبر (أيلول) سفينة الشحن الأوكرانية فاينا وعلى متنها شحنة أسلحة ثقيلة قبل أن يطلقوا سراحها في 5 فبراير (شباط) مقابل فدية بلغت 3.2 مليون دولار.