لقاءات في القصر الجمهوري لاحتواء الهجمة على القضاء اللبناني بعد الدعوة لإقالة بعض القضاة

الحريري: اتهمنا سورية باغتيال والدي كما اتهم الفريق الآخر إسرائيل باغتيال مغنية

رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال لقائه وزير العدل إبراهيم النجار في القصر الجمهوري أمس. (دالاتي ونهرا)
TT

يوما بعد يوم تتبلور مفاعيل إطلاق الضباط الأربعة، مدير جهاز الأمن العام السابق اللواء الركن جميل السيد، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، والمدير السابق لاستخبارات الجيش العميد ريمون عازار، والقائد السابق للحرس الجمهوري اللواء مصطفى حمدان، الذين أوقفوا على ذمة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وشن المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، هجمة على القضاء اللبناني في المقابلة التلفزيونية التي أجراها تلفزيون «المنار» وطالب بإقالة أو «استقالة» المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا، والمحقق العدلي القاضي صقر صقر، إضافة إلى رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المقدم وسام الحسن. وقد دفعت الهجمة المستمرة على القضاة اللبنانيين من قبل المعارضة منذ إطلاق الضباط الأربعة، برئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان إلى عقد لقاءين أمس مع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ووزير العدل إبراهيم النجار للبحث في قضية التهجم. وقال السنيورة بعد لقائه رئيس الجمهورية «القضاء اللبناني ليس في موقع المتهم، بل هو الجدير ببت الأمور والنظر فيها من جوانبها كافة»، وأضاف: «نحن لا نضع القضاء في موضع الاتهام على الإطلاق، ونحن حريصون على هذه السلطة واستقلالها في شكل كامل، وألا نتدخل في هذا الأمر... نحن حريصون على سمعة القضاء وهيبته وحياديته واستقلاليته، ولا نتدخل في شؤونه».

كذلك أبدى السنيورة اعتقاده أن «موضوع مذكرة التفاهم (بين الحكمة الدولية ولبنان) تم التفاهم عليه وانتهى منذ زمن، وذلك في جلسة مجلس الوزراء التي تكلم فيها الرئيس سليمان، وقال إن هذا الموضوع يتولاه وزير العدل. بالتالي أُخذ هذا في الاعتبار في الجلسة ودُوِّن في محضرها، وأصبح بيد وزير العدل».

رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، وفي حديث إلى محطة «فرانس 24»، اعتبر أن المحكمة الدولية أصبحت حقيقة، والقرار الذي اتخذته بإطلاق الضباط الأربعة أصبح حقيقة، وأي قرار ستتخذه المحكمة في المستقبل سيصبح حقيقة أيضا. كما أشار إلى أنه لا يريد تسييس المحكمة، وقد كان السبّاق في إعلان قبوله بكل ما سيصدر عنها.

وفي رد على طرح الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله حول النظر في فرضية تورط إسرائيل في اغتيال الحريري، قال: «نتمنى لو أن التحقيق يتوصل إلى أن إسرائيل هي التي اغتالت رفيق الحريري، فهل يمانع أحد أن تعمد المحكمة الدولية إلى معاقبة إسرائيل إذا ثبت أنها هي من اغتال الرئيس الحريري؟». وأضاف «نحن وجهنا الاتهام السياسي إلى سورية، لأن هؤلاء الضباط الأربعة في مكان ما كانوا مسؤولين عن الأجهزة الأمنية، ولأن سورية كانت تحرض ضد الرئيس الحريري وتلفق التهم ضده».

وذكّر بموقف «حزب الله» واتهامه السياسي إسرائيل بعد خمس دقائق من اغتيال المسؤول في الحزب عماد مغنية في دمشق من دون تحقيق أو محكمة. وسأل: «لماذا يحق له توجيه الاهتمام ولا يحق لنا ذلك؟». وشدد على أن هذه المحكمة هي التي «ستوقف الإجرام وسلسلة الاغتيالات التي تحصل في لبنان، وهي الوحيدة التي تستطيع إحقاق الحق وتحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز».

ونفى أن يكون ملف المحكمة فارغا بعد أربع سنوات من اعتقال الضباط الأربعة. وقال إن «المدعي العام القاضي دانيال بلمار تحدث عن تحقيقات عدة وعن جهود كبيرة تقوم بها المحكمة»، كما أعاد التأكيد أن المحكمة غير مسيسة وأنه وفريق «14 آذار» يقبلان بكل ما يصدر عنها من قرارات. ودعا قوى «8 آذار» إلى التأقلم مع هذا الواقع، مذكرا أنه هو من قال: «يا ليت التحقيق يتوصل إلى أن إسرائيل هي من اغتال رفيق الحريري، فهل يمانع أحد أن تعمد المحكمة الدولية إلى معاقبة إسرائيل إذا ثبت أنها ارتكبت هذه الجريمة؟". وذكر بحملات التخوين السورية ضد والده الذي اتهم بأنه من صنع القرار 1559. وقال: «وصل الأمر بأحد السياسيين أن اتهمه (اتهم رفيق الحريري) بأنه عميل إسرائيل وأميركا. هناك اتهام سياسي». وأضاف: «لذلك فإن اتهامنا نحن يأتي لأننا نرى أن هناك خلافا في السياسة، ليس فقط في ما يتعلق باغتيال رفيق الحريري وإنما بإدارة شؤون البلاد».

ورفض الحريري الدخول في سجالات مع جميل السيد أو نصر الله، وقال: «هل سيكون هناك مشكلة إذا اتهمت المحكمة إسرائيل؟ لا نستطيع أن نقول إن هذا يعجبنا إذا تم اتهامه وهذا لا يعجبنا لم يتم اتهامه. المسألة ليست مسالة إعجاب. ستكون هناك مجموعة أدلة ضد من ستتهمه المحكمة، كما سيكون هناك دفاع». وأبدى عدم اهتمامه بالنبرة الاحتفالية التي رافقت إطلاق الضباط والتي خرجت عن اتفاق الدوحة وحالة التهدئة، وبرر ما حصل بالخلاف السياسي بين «14 آذار» و«8 آذار».

وفي الإطار ذاته، قال منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نصر الله حاول وضع حد للمحكمة الدولية. فكما قبلنا نحن بأحكامها عليهم أن يقبلوا أيضا. هذه هي المعادلة المطلوبة، لكن الفريق الآخر ذهب خطوة متقدمة لمواجهة المحكمة ووضع حد لهذه المعادلة، وأعتبر أنها سقطت. إلا أن هذا التوجه سيرتد عليه». وخفف من تأثير «التهويل الذي يحاول البعض استخدامه في قصة الضباط الأربعة، حتى حسبنا أنها انقلاب كبير. لكن على ما يبدو بعد أيام سينساهم الناس وينصرفون إلى ما هو أكثر أهمية».