بوادر انقلاب على زرداري.. وواشنطن تغازل نواز شريف

علاقته مع الإسلاميين ذات فائدة كبرى في مواجهة تمرد طالبان

زعيم المعارضة الباكستانية نواز شريف خارج منزله أمس (نيويورك تايمز)
TT

صرح مسؤولون في الإدارة الأميركية أنه في الوقت الذي تتضاءل فيه ثقة الحكومة الأميركية في الحكومة الباكستانية، تسعى إدارة أوباما إلى التواصل مع نواز شريف الخصم الأساسي للرئيس آصف علي زرداري بصورة مباشرة أكثر من ذي قبل.

وقد كان المسؤولون الأميركيون قد تجنبوا التعامل مع نواز شريف لعلاقاته الوثيقة بالإسلاميين في باكستان، لكن بعض مسؤولي إدارة أوباما أشاروا الآن إلى أن تلك العلاقات يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة لحكومة زرداري في مواجهة التحدي الكبير الذي يشكله تمرد طالبان.

وتعكس الخطوة الجديدة المخاوف الكبيرة التي تنتاب إدارة أوباما بشأن إمكانية استمرار حكومة زرداري. وأشار مسؤولون في الإدارة إلى أن الجنرال ديفيد بترايوس رئيس القيادة المركزية الأميركية قال في اجتماع خاص في واشنطن إن الحكومة الباكستانية باتت معرضة للسقوط.

ويأتي بترايوس كواحد من بين الأشخاص الذين يتوقع حضورهم للمناقشات المطولة يوم السبت مع مسؤولين كبار في الإدارة لمناقشة الخطوات التالية في أفغانستان وباكستان عندما يلتقي الرئيسان كرزاي وزرداري مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض.

ولدى واشنطن تاريخ سيئ في محاولة إعادة صياغة السياسة الداخلية الباكستانية، ولم يتقدم أحد في الإدارة للسعي لمحاولة عقد اتفاق تقاسم للسلطة بين زرداري وشريف. لكن المسؤولين قالوا إن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وريتشارد هولبروك الممثل الخاص لأفغانستان وباكستان حثا زرداري وشريف على البحث عن طرق للعمل معاً عبر السعي إلى الاعتماد على احترام شريف بين الجماعات الإسلامية في البلاد.

ويمكن أن تكون تلك عملية طويلة بالنظر إلى العداوة الشديدة بين الرجلين، ناهيك عن التشكك الذي لا يزال يشعر به الكثير من المسؤولين الأميركيين تجاه شريف، رئيس الوزراء الأسبق والذي أطيح به في انقلاب عسكري عام 1999.

وقال بعض مسؤولي الحكومة الباكستانية إن أعضاء من حكومة زرداري يجرون مفاوضات مع شريف وإن المسؤولين في واشنطن يضخمون من تأثيرها على السياسة الباكستانية. وذكر أحد المسؤولين الباكستانيين، إن الحكومة إسلام آباد طلبت من نواز شريف مؤخرا إعادة الانضمام إلى التحالف الحاكم، الذي تشكل العام الماضي والذي انهار بشدة بعد أسبوع واحد من اتحاد شريف وزرداري معا لإجبار بيرفيز مشرف على الاستقالة.

وقد عبرت إدارة أوباما عن استيائها من الرد الذي أظهره زرداري على زيادة هجمات مقاتلي طالبان والمتمردين مع القاعدة في المناطق القبلية وعلى الحدود الغربية لباكستان مع أفغانستان. وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الأربعاء، قال أوباما: «إنه قلق بصورة كبيرة بشأن استقرار الحكومة الباكستانية». ووصفت وزارة الدفاع زرداري يوم الجمعة بأنه «ضعيف جدا جدا».

وقال المسؤول إن الإدارة ترغب في أن تكون وسيطا في اتفاقية ليست لتدعيم زرداري شخصيا، بل لما تعتقد أن على باكستان القيام به. وقال المسؤول الذي أصر على ضرورة عدم ذكر اسمه للتحدث بحرية بشأن الاختلافات الأميركية مع الحكومة الباكستانية: «الفكرة هنا هي ربط شعبية شريف بالأمور التي نعتقد أنه لا بد من القيام بها مثل التعامل مع التمرد».

ويمثل شريف، الذي يبلغ من العمر 59 عاما، حزب الرابطة الإسلامية الذي يضم عددا من المنظمات الإسلامية، وقد فاز برئاسة الوزراء مرتين خلال التسعينيات وصار بطلا شعبيا في باكستان بعد أن أمر بإجراء التجارب النووية عام 1998.

وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية، إن كلا من كلينتون وهولبروك تحدثا إلى نواز هاتفيا الشهر الماضي كما حثا زرداري الذي تتضاءل شعبيته بصورة كبيرة على العمل مع شريف. وقال مسؤول كبير في الإدارة: «أخبرناهما بأنهما يواجهان تحديا قوميا ولهذا فإنهما بحاجة إلى شراكة، وأن شعبية الرئيس تدنت بصورة كبيرة فيما ارتفعت شعبية نواز إلى 83% وأنهما بحاجة إلى الاتحاد معا لمواجهة المقاتلين».

وأشار مسؤولون أميركيون وأوروبيون إلى أن الحالة الباكستانية دفعت السير مارك ليل غرانت، مدير الشؤون السياسية بوزارة الخارجية البريطانية إلى الحضور إلى واشنطن لعقد محادثات مع هولبروك وكلينتون بشأن باكستان، حيث ناقش الثلاثة موقف نواز شريف لكن لم يتم التوصل إلى نتائج محددة بشأن ذلك. وقال المسؤول: «لم يكن هناك اتفاق محدد على ضرورة أن يكون نواز رئيس وزراء زرداري». وأشار إلى أن الخصومة بين الرجلين ستجعل من ذلك الموقف مستحيلا، لكنه أضاف «نحن بحاجة إلى أشخاص لهم تأثير على المقاتلين في باكستان لتهدئة الأوضاع. فمن الذي يملك ذلك التأثير؟ الجيش، نعم. ونواز، نعم». وكانت أولى نوايا إدارة أوباما للتقارب مع نواز شريف قد أعلن عنها للمرة الأولى في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي. وقال حسن حقاني، السفير الباكستاني في الولايات المتحدة إن زرداري على استعداد للحديث مع نواز وقال حقاني: «إن رئيس باكستان ورئيس وزرائه يحاولان جاهدين تشكيل إجماع وطني والاستمرار في التعامل الوثيق مع قادة الأحزاب السياسية».

كانت إدارة بوش السابقة قد ناضلت خلال عام 2007 للبحث عن طريق للاحتفاظ بمشرف في السلطة وسط الأزمة السياسية، وقد حثته الإدارة على تقاسم السلطة مع خصم بي نظير بوتو، رئيسة الوزراء السابقة، لكن تلك الجهود توقفت بعد أن تم اغتيال بي نظير بوتو ـ زوجة زرداري. وقد ازداد الموقف في باكستان سوءا مع محاربة الحكومة الهشة لمتمردي طالبان الذين اقتربوا بصورة كبيرة من العاصمة إسلام آباد. ويطمح المسؤولون الأميركيون والباكستانيون بقوة إلى استقرار هذه الدولة النووية.

وقالت تيريزا ساتشفر، الخبيرة الباكستانية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «ليس لدى الولايات المتحدة أي نوع من الشكوك بشأن مكمن الخطر: إنه في الأفراد الذين يهاجمون الدولة». وأشارت إلى أن شريف يمكنه أن يدعم من موقف حكومة زرداري، فقد أضفت علاقاته بالجماعات الإسلامية نوعا من الثقل الآن، لذا فإن الولايات المتحدة ترغب في أن ترى كلا الحزبين على نفس الجانب من المائدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»

* شارك إريك سكيمت في كتابة هذا التقرير