منظمة الصحة العالمية: الأيام المقبلة في أوروبا حاسمة.. واحتمال رفع التحذير من انتشار وباء

إنفلونزا الخنازير تتابع انتشارها في العالم رغم خفض المكسيك عدد الإصابات لديها

TT

على الرغم من إعلان المكسيك، أمس، أن حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير لديها ليست سيئة بالقدر الذي كان يعتقد، إلا أن المرض لا يزال يتابع انتشاره في العالم، وخصوصا في أوروبا، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية أمس إلى الإعلان أن الأيام القليلة المقبلة في أوروبا ستكون حاسمة لجهة تحديد مدى انتشار المرض، وربما رفع التحذير من انتشار وباء عالمي، إلى الدرجة 6، وهو أعلى مستوى، علما بأن التحذير في الدرجة 5 في الوقت الحالي. وقال مايكل رايان، مدير شبكة الإنذار العالمية في منظمة الصحة العالمية، إنه «ليست هناك أدلة في الوقت الحالي على أن المرض انتشر بصورة واسعة خارج أميركا الشمالية، إلا أنه يبقى هناك احتمال أن نرفع درجة التحذير إلى 6». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة في جنيف أمس: «في الوقت الحالي، ما زلت أعتقد أن خطر انتشار وباء بات قريبا، لأننا نرى كيف ينتشر المرض، وفي هذه المرحلة علينا أن نتوقع أننا سنصل إلى الدرجة 6، علينا أن نأمل ألا نصل إلى هناك». وكانت منظمة الصحة العالمية قد رفعت درجة التحذير من انتشار وباء عالمي يوم الأربعاء الماضي من 4 إلى 5 على مقياس من 6 درجات، وهي خطوة دفعت إلى الانكباب على دراسة لقاحات فعالة ضد المرض وأمصال تداوي منه. جاء ذلك في وقت أعلنت فيه المكسيك أن خبراء الصحة يقدرون الآن أن عدد حالات الوفاة في البلاد بسبب إنفلونزا «H1N1» يبلغ 101 بتراجع عن رقم أعلن في وقت سابق وبلغ 176.

وقال وزير الصحة المكسيكي خوسيه أنجيل كوردوفا، إن الاختبارات المعملية على عينات من بعض الأشخاص الذين توفوا بسبب حمى شديدة بشكل غير عادي في الأسابيع الأخيرة، جاءت سلبية بشأن فيروس الإنفلونزا الجديد. وأضاف أنه تأكد 16 حالة وفاة بسبب إنفلونزا الخنازير الجديدة وأن الاختبارات ما زالت تجرى بشأن عينات من الضحايا الخمسة والثمانين الآخرين. وأضاف كوردوفا، في مؤتمر صحافي، أنه من بين 159 ملفا لضحايا الإنفلونزا، أثبتت الاختبارات أن 58 شخصا توفوا نتيجة أسباب أخرى وبالتالي يمكن استبعادهم من إجمالي عدد الوفيات. ونشرت المكسيك بيانات مربكة بشأن ضحايا الإنفلونزا في الأيام الأخيرة ولكنها الآن، ومع دخولها في يوم الإقفال التام الثاني من أصل خمسة أيام، تعرب عن أملها في إمكانية السيطرة على تفشي الإنفلونزا الذي أثار مخاوف من حدوث وباء عالمي. وقالت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن وباء فيروس إنفلونزا «H1N1» الجديد في المكسيك ربما لا يكون خطيرا مثلما كان يعتقد في بادئ الأمر مع وجود الكثير من الحالات الخفيفة التي لم يتم ملاحظتها على الفور. وقال كوردوفا إنه بوجه عام يوجد الآن بالمكسيك 396 حالة يشتبه بإصابتها بالمرض، من بينها 381 إما تعافوا بشكل كامل أو يجرى علاجهم بعقاقير مضادة للفيروس. وأكد خبراء صحة أميركيون أيضا أن تفشي الإنفلونزا في المكسيك ربما لا يكون حادا كما بدا في بادئ الأمر، مع عدم ملاحظة عدد كبير من الحالات الخفيفة على الفور. وصرح مسؤولون في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن ما شوهد من الفيروس مع انتشاره عالميا يشير إلى أنه يعمل بشكل يشبه إنفلونزا موسمية عادية أكثر من كونه أي شيء مرعب.

وفي الولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه يفضل الإسراف في تدابير الحيطة بدل اتخاذ تدابير غير كافية للتصدي لإنفلونزا الخنازير، في وقت بدأت السلطات الصحية تطمئن بشأن خطورة الفيروس مع لزومها الحذر. وبرر أوباما كثرة الإجراءات التي قررتها إدارته بالغموض الذي يلف تطور هذا الفيروس، مشيرا إلى أن العلاجات المضادة للفيروسات ناجعة ضد المرض.

وأشاد أوباما، في كلمته الأسبوعية الإذاعية، بجهود سلفه جورج بوش في إعداد البلاد للتعامل مع تفشي وباء الإنفلونزا. وقال: «بفضل جهد الإدارة السابقة والكونغرس... يوجد لدى الولايات والحكومات الاتحادية خططا تنفيذية متكاملة لمواجهة الإنفلونزا، وهي الآن علي درجة استعداد أفضل من أي وقت مضى لمواجهة هذا التحدي».

إلا أن المرض يتابع توسعه عالميا، إذ أعلنت الصين أمس اكتشاف أول حالة إصابة بالمرض لديها، بعد هونغ كونغ وكوريا الجنوبية، كما أعلنت إيطاليا أيضا أن المرض وصل إليها. وقال مسؤول في وزارة الصحة الكورية الجنوبية لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) إن راهبة في الواحدة والخمسين من العمر عادت الأحد الماضي من المكسيك ووضعت في الحجر الصحي الثلاثاء، مصابة فعلا بفيروس المرض. وهي أول إصابة مؤكدة بإنفلونزا الخنازير في كوريا الجنوبية. وجاء هذا الإعلان غداة تأكيد إصابة أولى بالمرض لمكسيكي وصل إلى هونغ كونغ عن طريق شنغهاي.

وقررت الصين، بعد تأكيد هذه الإصابة، تعليق كل الرحلات بين المكسيك وشنغهاي، حسبما أعلنت وكالة الصين الجديدة للأنباء نقلا عن وزارة الخارجية الصينية. وقالت الوكالة الرسمية إن «موعد استئناف الرحلات مرتبط بمدى السيطرة على الوباء». وكان رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ، دونالد تسانغ، أعلن التأكد من إصابة بإنفلونزا الخنازير وقرر تعزيز حالة التأهب في مواجهة المرض.

وفي هونغ كونغ فرض الحجر الصحي على أكثر من 300 شخص من مرضى وعاملين في الفندق الذي نزل فيه المريض لفترة قصيرة، لمدة سبعة أيام، بينما اتخذت السلطات إجراءات «مشددة» لمكافحة إنفلونزا الخنازير. وأعلنت وزارة الصحة الصينية، على موقعها على الإنترنت، أنها طلبت من السلطات الصحية في بكين وشنغهاي وكانتون فرض حجر صحي على كل ركاب الرحلة «إيه إم 098» التي سافر المكسيكي على متنها. ويتم البحث عن بعض هؤلاء المسافرين الذين توجهوا إلى مناطقهم لتطبيق هذا الإجراء.

وفي إسرائيل، سجلت ثالث إصابة بإنفلونزا الخنازير لدى رجل عمره 34 عاما عاد أخيرا من رحلة إلى المكسيك. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الصحة إيناف شيمرون لوكالة الصحافة الفرنسية أن المريض «نقل إلى مستشفى إيشيلوف في تل أبيب ووضع في قسم معزول من المستشفى برفقة زوجته» التي أجريت لها فحوص لم تصدر نتائجها بعد. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الزوجة عمرها 27 عاما، لافتة إلى أن الوضع الصحي للزوجين لا يثير القلق وقد نقلا الجمعة إلى المستشفى.

وتم تشخيص فيروس الإنفلونزا لدى إسرائيليين عمرهما 26 و49 عاما عادا أخيرا من رحلة إلى المكسيك وسمح لهما بمغادرة المستشفى بعدما شفيا من المرض. وفي بريطانيا، قالت وزارة الصحة إن عدد الحالات التي تأكد إصابتها بالمرض ارتفعت إلى 13 حالة، بينهم شخصان لم يذهبا إلى المكسيك في الآونة الأخيرة. ويعد رجل عمره 24 عاما من فالكيرك في اسكتلندا ورجل في الأربعينات من جنوب غرب إنجلترا أول شخصين يصابان بالمرض داخل بريطانيا. ويعالج كل من الرجلين بعقار تاميفلو المضاد للفيروسات بعد أن أثبتت الاختبارات أنهما يحملان المرض.