باكستان: رجل دين متشدد يرفض إنشاء محكمة إسلامية بناء على طلب طالبان

منع عمران خان من دخول مدينة كراتشي خوفا من تصاعد أعمال العنف

TT

رفض أمس رجل دين متشدد، توسط في اتفاق سلام هش بين مسلحي طالبان والسلطات في شمال غرب باكستان، إعلان الحكومة الليلة الماضية إنشاء محكمة استئناف إسلامية.

وجاء الرفض من الملا صوفي محمد بعد اجتماع طارئ لمجلس شورى جماعته أو المجلس الاستشاري في قرية أمان دارا في مقاطعة ملقند في إقليم الحدود الشمالية الغربية.

ووصف بيان أصدره المجلس الاستشاري خطوة حكومة الإقليم بأنها «أحادية». وطبقا لأمير عزت خان، المتحدث باسم صوفي محمد، فإن مجلس شورى جماعته لم يستشر عندما أعلنت الحكومة مساء السبت تأسيس دار القضاء أو محكمة الاستئناف الإسلامية في مقاطعة ملقند. وسوف تنظر المحكمة (دار القضاء) دعاوى الاستئناف ضد قرارات القضاة المعينين لتطبيق الشريعة الإسلامية في مقاطعة ملقند بالإقليم لإنهاء شهور من القتال بين مسلحي طالبان والقوات الحكومية في سوات وهي منطقة بالمقاطعة. وأعطى الملا صوفي محمد الذي توسط في الاتفاق تأكيدات في وقت سابق بأن المقاتلين سوف ينهون تمردهم ويلقون أسلحتهم عقب فرض النظام القضائي الإسلامي. والتقى رجل الدين المتشدد مع سلطات الإقليم يوم الجمعة الماضي، ولكن لم يكن هناك اتفاق واضح بين الجانبين بشأن محكمة الاستئناف. وقال وزير الإعلام بالإقليم، معن إفتخار حسين، للصحافيين في بيشاور أول من أمس (السبت)، إن تأخير إنشاء دار القضاء يهدد عملية السلام في ملقند. وقال حسين «إنه تم الوفاء بالطلب الأكثر أهمية وهو إنشاء دار القضاء» في حين أعلن تعيين قاضيين للمحكمة. وأضاف «الآن ليس هناك مبرر لحمل السلاح». وقال حسين إن من حق الحكومة اتخاذ إجراء ضد الرجال المسلحين، مضيفا أن هؤلاء الناس سوف يعتبرون أيضا متمردين وأن مراسم جنازاتهم لن تتم على الطريقة الإسلامية.

وقال خان لقناة «آج»، الناطقة باللغة الأردية، إنه لو لم تنبذ طالبان العنف فإنهم (الوسطاء) سوف ينأون بأنفسهم عن اتفاق السلام. ومستقبل الاتفاق معلق، حيث رفض المسلحون الموالون لزوج ابنة صوفي محمد مولانا فضل الله، الذي يقود طالبان في وادي سوات بالفعل، أن يتخلوا عن أسلحتهم وأيضا وسعوا سيطرتهم على ما لا يقل عن منطقتين مجاورتين. وأعلنت الحكومة الإقليمية في إقليم الحدود الشمالية الغربية المضطرب في باكستان أمس إنشاء محكمة استئناف إسلامية وأكدت ضرورة أن يلقي مسلحو طالبان أسلحتهم جانبا. وكانت السلطات قد فرضت الشريعة الشهر الماضي وفقا لاتفاق سلام فبراير (شباط) مع رجل دين مؤيد لطالبان، إلا أن رجل الدين المتشدد أعرب عن رفضه للتصريح، واصفا إياه بأنه «أحادى». وتأتي تصريحاته بعد يومين من إجرائه مباحثات مع مسؤولين حكوميين. ونقلت قناة تلفزيون «جيو» الإخبارية باللغة الأردية عن قوله أمس «إننا في انتظار الجولة الثانية من المباحثات ولكننا لم يؤخذ بمشورتنا». وتسببت غزوات إقليمي بونير ولور دير في مخاوف بالعواصم الغربية والحكومة في إسلام أباد مما أدى إلى عمليات للجيش تضمنت هجمات جوية في أواخر أبريل (نيسان). ويقول مسؤولون عسكريون إن أكثر من 250 مسلحا و12 جنديا قتلوا في اشتباكات في بونير ودير، وهي مستمرة منذ مطلع الأسبوع الماضي. وتقاتل القوات للقضاء على مئات المتمردين المدججين بالسلاح من بونير التي تتمتع بأهمية استراتيجية، حيث تقع على مسافة 100 كيلومتر شمال غرب العاصمة إسلام أباد. وقال الجيش في بيان أمس «في عملية بونير قتل حتى الآن 80 متمردا بينما استشهد ثلاثة جنود وأصيب ثمانية آخرون». وقتل أحد زعماء طالبان البارزين وهو علام بونيري والملقب بخليل على يد قوات الأمن التي تخلصت أيضا من 21 مفجرا انتحاريا محتملين سواء كانوا سائرين على أقدامهم أو في سياراتهم. كما كثف المسلحون أيضا من أنشطتهم في سوات، حيث هاجموا قوات الشرطة والجيش إلى جانب تفجير بنية تحتية مدنية مثل محطة طاقة وجسور طرق. من جهة أخرى منعت السلطات الباكستانية عمران خان لاعب الكريكيت الذي تحول إلى السياسة من التوجه إلى مدينة كراتشي بجنوب البلاد أمس خوفا من أن تتسبب زيارته في أعمال عنف في المركز التجاري لباكستان.

وقتل 27 شخصا على الأقل الأسبوع الماضي في اشتباكات في كراتشي بين فصائل عرقية متناحرة، فيما يمثل مبعث قلق أمني آخر للدولة التي تتمتع بقدرة نووية وتكافح بالفعل موجة من عنف المتشددين الإسلاميين. وأبلغ خان الصحافيين في المطار بمدينة لاهور، حيث منعته السلطات من ركوب الطائرة المتجهة إلى كراتشي «هذا أمر مخز، ووفق أي قانون يمكنهم منع مواطن باكستاني من الذهاب إلى كراتشي، أليست كراتشي مدينة باكستانية». والعنف في كبرى المدن الباكستانية ناجم عن التوتر بين المهاجرين من نسل أناس يتحدثون الأردية هاجروا من الهند بعد إنشاء باكستان عام 1947 والبشتون العرقيين من شمال غرب البلاد. ويرأس خان حزبا صغيرا وهو من البشتون. ويتزايد التوتر في كراتشي فيما أصبح المهاجرون الذين يهيمنون على إدارة المدينة متشككين في جماعة البشتون التي تتعاطف بشدة مع الإسلاميين في أعقاب زيادة في التمرد بشمال غرب باكستان. وأضعف العنف في كراتشي ثقة المستثمرين. وأنهى مؤشر بورصة كراتشي، المؤلف من مائة سهم، تعاملات يوم الخميس منخفضا 0.95 في المائة أو 69.20 نقطة عند 7202 نقطة. وكانت البورصة مغلقة أول من أمس. وقال خان إنه كان ذاهبا لحمل رسالة سلام إلى كراتشي التي يقطنها أكثر من 16 مليون شخص بينهم العدد الأكبر من البشتون خارج الإقليم الحدودي الشمالي الغربي حيث يشتد تمرد طالبان. وقال خان في إشارة إلى رئيس الحركة القومية المتحدة التي تمثل المهاجرين: «نحاول تشكيل وحدة بين جميع الجماعات العرقية، لكن ألطاف حسين يعتبر كراتشي ملكا له ومنعنا من دخولها». والحركة القومية المتحدة هي القوة السياسية المهيمنة في كراتشي منذ سنوات. وهي جزء من حكومة ائتلافية إقليمية بقيادة حزب الشعب الباكستاني بزعامة الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري. وأصدرت حكومة إقليم السند وعاصمتها كراتشي أول من أمس أمرا بمنع خان من دخول الإقليم لمدة شهر. وفي أعقاب العنف الذي اندلع الأسبوع الماضي منعت السلطات عقد تجمعات حاشدة وأمرت قوات الأمن بإطلاق النار على مثيري الشغب بمجرد رؤيتهم لاستعادة النظام.