نقيب الصحافيين العراقيين لـ«الشرق الأوسط»: قدمنا مشروع قانون لحمايتنا.. لكنه لم يشرع

صحافيون يشكون من مادة دستورية قد تستخدم لإغلاق صحف

صحافي عراقي يمر قرب جدارية تضم صور «شهداء الصحافة العراقية» الذين قضوا خلال السنوات الست الماضية ويتوسطهم نقيب الصحافيين شهاب التميمي في احتفالية أقيمت ببغداد أمس (أ.ب.أ)
TT

اليوم العالمي لحرية الصحافة، له طابع خاص في العراق، خاصة إذا ما قارنا هذا المصطلح قبل وبعد عام 2003، فأغلب الصحافيين ممن عاصروا الماكنة الإعلامية في زمن النظام السابق وشهدوا التغيير، أجمعوا على أنه لم يكن هناك مفهوم واضح لشيء اسمه حرية الصحافة في العراق، بل كان مجرد وسيلة بيد السلطة استغلت لترويج سياساتها، من دون أن تكون هناك فرصة لنقد واقع سلبي أو الكشف عن قضية معينة تمس مسؤولا أو مؤسسة حكومية خدمية أو أمنية.

وبعد التغيير شهد الإعلام العراقي انقلابا كبيرا، فأصبح في ليلة وضحاها الأداة التي لا تحدها حدود معينة، كل شيء مباح وكل شيء قابل للنشر، غير أن الصراع السياسي الذي حدث خلال السنوات الأخيرة جعل الإعلاميين ضمن نطاق الاستهداف من قبل جهات عديدة رفعت شعار «إما أن تكون معي أو أنت ضدي».

وبهذه المناسبة نظم مركز داعم للإعلام، وهو تحالف لعدة منظمات صحافية منها نقابة الصحافيين واتحاد الصحافيين ومرصد الحريات الصحافية ومنظمة الدفاع عن حريات الصحافة في العراق، احتفالية ببغداد جرى خلالها التركيز على أهم المتغيرات في مجال حرية التعبير والصحافة في العراق. وأكد الدكتور كاظم الركابي، رئيس المركز لـ«الشرق الأوسط»، أن الاحتفالية جاءت لتكون مناسبة لطرح أفكار الصحافيين المتعلقة بالحريات الصحافية، وأهم ما حصلت عليه الصحافة في هذا البلد خلال ست سنوات، وأيضا تسليط الضوء على التشريعات القانونية المراد سنها أو تعديلها، التي لا تتناسب وحرية الإعلام.

نقيب الصحافيين العراقيين، مؤيد اللامي، أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه «بعد عام 2003 كانت هناك مساحة واسعة من الحرية والعمل الصحافي في العراق، بالمقابل كانت هناك مساحة من الخطورة على حياة الصحافي المتعطش للحرية، فهناك من لا يسمح بها وبشكل أدى إلى سقوط 265 شهيدا صحافيا منذ عام 2003 وحتى الآن يضاف لهم أضعاف هذا العدد من الجرحى»، وبين «أننا ورغم ما تحقق من امتيازات ديمقراطية ما زلنا بحاجة إلى تشريعات تحمي الصحافي العراقي وحقوقه، فمسودة قانون حماية الصحافيين أرسلت للبرلمان منذ أكثر من عام ونصف العام ولغاية الآن لم تشرع».

وبشأن رفع دعاوى كثيرة بحق مؤسسات إعلامية وصحافيين في الآونة الأخيرة، قال نقيب الصحفيين، «إن العديد من المسؤولين، الذين اعتقدوا أن من يقف ضدهم، صحافي أو مؤسسات، أقاموا دعوات قضائية وهذا من حقهم، والمحاكم تتعامل بشفافية كبيرة مع هذه القضايا، وحتى المسؤولون يتفهمون وجود الأخطاء، وإلى الآن لم يتمكن أي مسؤول من كسب دعوى قضائية ضد صحافي أو مؤسسة إعلامية». هادي جلو مرعي، المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحافية، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد 2003 ومع حصول تغيير غير مسبوق في واقع الحياة العراقية كان لوسائل الإعلام المختلفة حضور مختلف وتأثير في الحياة العامة والرقابة على أجهزة الدولة والتواصل مع العامة من الناس، ويبدو جليا التأثير الذي سببه الوجود الأميركي في العراق لما للولايات المتحدة من نمط خاص في استخدام وسائل الإعلام والحرية المتاحة، وصار ممكنا أن نلحظ جنوح الصحافيين العراقيين إلى التعاطي مع النموذج المتبع في الصحافة الأميركية من دون أن نسجل تابعية له في هذا الإطار».

من جهته، قال عدي حاتم، رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق «إنه وعلى الرغم من وصول عدد الصحف العراقية، التي صدرت بعد 9 أبريل (نيسان) 2003 (سقوط النظام العراقي السابق) إلى أكثر من مأتي صحيفة وانطلاق عشرات القنوات الفضائية والأرضية والإذاعات، إلا أن حرية الصحافة بقيت بين مطرقة القوانين الموروثة من الحقبة السابقة وسندان المادة 38 من الدستور العراقي الحالي، فقانون العقوبات العراقي رقم 111 المسن عام 1969 يحتوي على قوانين جرائم التشهير الجنائي التي تمنع الصحافي من انتقاد أي مسؤول أو موظف حكومي وتفرض عليه عقوبات تبدأ من الغرامة المالية وتنتهي بالإعدام». وأعتبر حاتم أن المادة  الدستورية 38 منقوصة ومشروطة ومجتزأة ومقسمة، فالمادة لا تحتوي على حق الوصول إلى المعلومات، وهذا يعطي مبررا للسلطات في منع الصحافي من دخول المؤسسات الحكومية فضلا عن حجب المعلومات، كما وضعت شرطا على حرية الصحافة هو النظام العام والآداب، وهذه كلمات فضفاضة من الممكن استخدامها في غلق قناة فضائية تبث أغنية معينة أو صحيفة تنشر على صفحتها الأخيرة صورة لممثلة بملابس صيفية».