الأمن الجزائري يباشر اتصالات «الفرصة الأخيرة» مع قيادة المسلحين

في إطار التحضير لمشروع «العفو الشامل» المرتقب

TT

دخلت مصالح الأمن الجزائرية منذ أيام في اتصال مع قيادة «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، حيث عرضت عليها التخلي عن الإرهاب نظير الاستفادة من عفو في إطار قانون «المصالحة». ووضعت مصادر موثوق بها القضية في إطار التحضير لعفو شامل عن الإرهابيين، الذين يسلمون أنفسهم طواعية، والذي وعد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بشروط. قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة الأمن المكلفة بمحاربة الإرهاب اعتقلت عضوا بشبكة دعم الإرهاب قبل أسبوعين بشرق العاصمة، وعثرت في مفكرة هاتفه الجوال على رقم هاتف عضو في «لجنة الاتصالات» التابعة لتنظيم القاعدة، فاتصلت به عن طريق نفس الهاتف وطلبت منه تبليغ أعضاء القيادة وعلى رأسهم عبد المالك دروكدال، أن السلطات تمنحهم فرصة أخيرة للانخراط في سياسة المصالحة والاستفادة من تدابيرها، شرط أن يضعوا السلاح ويسلموا أنفسهم.

ويدعى عضو «اللجنة» عمر شاوس، وهو مشهور حركيا بـ«عمر الجند». وتم الاتصال به، حسب المصدر، يوم 25 من الشهر الماضي، ونقل عنه أنه غير مؤهل للتفاوض مع السلطات في أي شيء يخص علاقة التنظيم بأي طرف خارجي، وأحال أجهزة الأمن على الناطق باسم التنظيم ومسؤول الدعاية به صلاح قاسمي المعروف بـ«صلاح أبو محمد»، على أساس أنه الجهة المخولة بتلقي ودراسة أي مبادرة تأتي من السلطات. وتعتبر أجهزة الأمن قاسمي، الرجل الثاني في التنظيم بعد دروكدال (أبو مصعب عبد الودود)، ويمثل النواة الصلبة في التنظيم المسلح، وأكثر القياديين تمسكا بمواصلة العمل المسلح.

وأوضحت مصادر عليمة، أن الاتصال مع عضو الجماعة المسلحة، يندرج في إطار التحضير لمشروع «العفو الشامل»، الذي أطلقه الرئيس بوتفليقة، كفكرة خلال تعاطيه مع إمكانية عودة السلم نهائيا إلى الجزائر خلال ولايته الثالثة (2009-2014). وكان ذلك خلال حملة انتخابات الرئاسة، التي جرت في 9 من الشهر الماضي والتي فاز فيها بوتفليقة بأغلبية ساحقة. ولا يعرف إلا الشيء القليل من المشروع، لكن الأكيد، كما قال بوتفليقة، أنه سيعرض على استفتاء شعبي وسيصدر بقانون تماما مثل قانون «الوئام المدني»عام 1999 وقانون «المصالحة» عام 2005. وذكر المصدر أن «العفو الشامل» يعد بمثابة «جرعة خامسة وأخيرة» على صعيد سياسة اليد الممدودة، تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة. وأصدرت السلطات في 1993 تدابير أسمتها «قانون الإرهاب» وفي 1995 أصدرت «قانون الرحمة»، ثم «الوئام» فـ«المصالحة». وتحصي وزارة الداخلية عدد الإرهابيين حالياً بنحو 800، بينما كان عددهم نحو 22 ألف مطلع تسعينات القرن الماضي.

إلى ذلك بث تنظيم «قاعدة المغرب الإسلامي» أمس، حوارا بالصوت مع مسؤول «اللجنة السياسية» و«أمين المال» بالتنظيم «أبو عبد الإله أحمد»، تضمن معطيات هامة بالنسبة لأجهزة الاستخبارات، التي تقتفي أثر السلفيين الجهاديين في المغرب العربي والساحل الإفريقي، أبرزها قوله إن التركيبة القيادية للتنظيم تغيرت منذ تغيير الاسم مطلع 2007 من «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وذكر أنه «تم إدراج إخوة من دول المغرب الإسلامي في مجلس الشورى وهو ما لم يحدث من قبل»، ويعد «المجلس» أعلى هيئة في التنظيم. وفهمت مصادر أمنية هذا الشق من الحوار، على أن القيادة العامة للجماعة يمكن أن تنتقل إلى شخص من جنسية غير جزائرية. وتعتبر أجهزة الأمن «أبو عبد الإله» الرجل الثالث في القاعدة.