القضاء الإيطالي يناقش سجن طاقم باخرة تونسية أنقذ 44 مهاجراً من الموت

قائد الباخرة لـ«الشرق الأوسط»: آلمتنا مكافأتنا بالحبس لقاء تقديمنا مساعدة إنسانية

TT

يبتُّ القضاء الإيطالي اليوم في قضية طاقم باخرة صيد تونسية، كان أنقذ 44 مهاجراً غير شرعي من الموت، وذلك بتهمة تهريب هؤلاء المهاجرين. وروى عبد الباسط الجنزري قائد باخرة «مرتضى» لـ«الشرق الأوسط» قصة إنقاذ المهاجرين التي تمت في صيف عام 2007 قائلاً: «كان البحر هائجاً، وكانت الأمواج تتلاعب بنا في شتى الاتجاهات، وإذ نسمع صياحا وهرجا خارج باخرة الصيد. ظننا أن تلك الأصوات رياح البحر، لكننا بعد لحظات تأكدنا أن العملية لا شأن للبحر بها. خرجت إلى السطح، فبدا لي على بعد عشرات الأمتار قارب صغير يتكدس فيه أشخاص، ويكاد يغرق». وأضاف: «اتصلنا بالبحرية التونسية علها تقدم يد المعونة، لكن الاتصالات كانت مستحيلة ربما لقربنا من السواحل الإيطالية، إذ كنا على بعد 150 ميلا بعيدا عن مدينة طبلبة الواقعة في محافظة المنستير (حوالي 160 كلم عن العاصمة التونسية)». وقال إنه بعد ذلك قرر وزملاؤه في الباخرة الاتصال بخفر السواحل الإيطالية «الذين طلبوا منا مدهم بإحداثيات وجودنا في عرض البحر ثم انتظار التعليمات».

وبعد أن جاءت مجموعة تابعة للبحرية الإيطالية، طلبوا من الجميع مرافقتهم. ويقول الجنزري: «على بعد 12 ميلا من جزيرة «لمبادوزا» الإيطالية أطفأت المحرك وطلبت من الصيادين التونسيين عدم الدخول إلى المياه الإقليمية الإيطالية وتسليم الإيطاليين مجموعة المهاجرين البالغ عددهم 44 مهاجرا والعودة على أعقابنا، لكننا فوجئنا بالإيطاليين يدخلوننا إلى الميناء بالقوة في انتظار استكمال التحقيقات».

وقال إنه بعد إخضاع المهاجرين لفحوصات طبية، حولونا إلى السجن بتهمة مساعدة أجانب على دخول التراب الإيطالي خلسة. مشيراً إلى أن «كل المهاجرين كانوا من اريتريا والصومال والمغرب، ولم يكن بينهم تونسي واحد». ولاحقاً أحالوا الجميع على المحكمة، وهناك «تمت تغطية الجزء الكبير من الحقائق مثل أن راديو لمبادوزا وصله منا أكثر من 40 طلب استغاثة، وأن حرس السواحل المالطية سمع نداءات الاستغاثة، لكن الإيطاليين وحدهم لم يسمعوا شيئا ولم يصدقوا أقوالنا».

وقال أيضاً إنهم «كانوا يعاملوننا مثل السجناء وكان ذلك يؤلمنا لأننا سعينا إلى تقديم المساعدة الإنسانية، فإذا بنا نكافأ مكافأة غير منتظرة». وأوضح أن خمسة من زملائه البحارة قضوا 20 يوما في السجن، «أما أنا وزميلي باعتبارنا قائدي الباخرة فقد قضينا شهرا داخل السجن».

ورغم خروجهم من السجن وعودتهم إلى بلادهم، من دون الباخرة التي لا تزال موجودة في الموانئ الإيطالية منذ سنتين، يقول الجنزري إن القضاء الإيطالي عاود النبش في القضية في شهر مارس (آذار) الماضي، وطالب الادعاء العام الإيطالي سجننا لمدة سنتين ونصف وتغريمنا بحوالي مليون دينار تونسي.