بعد نحو 22 عاما من الحرب.. الحركة الشعبية تتحول إلى حزب سياسي لخوض الانتخابات

تخلت عن جيشها.. وأودعت وثائقها لدى مسجل الأحزاب.. وتعهدت بالعمل على وحدة السودان بأسس جديدة

سودانيات نازحات يملأن أوعيتهن البلاستيكية بالماء في مخيم للاجئين في نيالا جنوب دارفور (رويترز)
TT

أودعت الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي خاضت حربا ضد حكومات الشمال في السودان على امتداد عقدين من الزمان، أمس، أوراق اعتمادها كحزب سياسي لدى مجلس الأحزاب والتنظيمات السياسية، لتتحول إلى حزب سياسي، وسط احتفال من جماهيرها في الخرطوم حضره قياداتها. وأكدت الحركة الشعبية، التي تأسست في مايو (أيار) عام 1983 كحركة عسكرية من أجل حقوق المواطنين الجنوبيين، ووقعت اتفاق سلام مع الخرطوم، في يناير (كانون الثاني) 2005، أنها جاهزة لخوض الانتخابات في فبراير (شباط) المقبل، وستعمل على تحقيق وحدة السودان على أسس جديدة، وضمان حق تقرير المصير لجنوب السودان.

وتأتي الخطوة قبل يومين من آخر مهلة منحها مجلس الأحزاب السوداني للقوى كافة لتسجيل نفسها ضمن كشوفاته للأحزاب السودانية، استعدادا للانتخابات المقبلة.

وأكد الأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، أن وفد حزبه قدم الوثائق الأساسية للتسجيل على أساس قانون الأحزاب الذي تمت إجازته في البرلمان نتيجة لاتفاقية السلام الشامل والدستور القومي الانتقالي (2005)، مشيرا إلى أن حزبه مع الديمقراطية والاستقرار في نظام الحكم والتداول السلمي للسلطة. وشدد على عمل الحركة مع القوى السياسية في الوصول إلى التبني الكامل لقانون الأحزاب السياسية واعتماد العمل بموجبه، مشيرا إلى أن الحركة، التي تعد ثاني أكبر شريك في الحكم في السودان بعد المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير، مرت بمراحل عديدة من بينها العمل المسلح ثم التحول إلى السلام ثم الفصل الدستوري بين الحركة والجيش الشعبي (جناحها العسكري)، مشددا على أن حزبه الآن ليس له أية علاقة بجيش أو قوات غير نظامية لأن الجيش الشعبي أصبح جزءا من القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة.

ودعا أموم القوى السياسية المختلفة لاحترام القانون والعمل في إطاره عبر التباري بالطرق السلمية والبرامجية، مشيرا إلى أن برنامج الحركة يشتمل على محورين: العمل على جعل خيار الوحدة جاذبا عبر إحداث تغييرات جذرية، ولضمان حق تقرير المصير لجنوب السودان وممارسته بنزاهة وحرية ورقابة دولية، بالإضافة لتنفيذ حق تقرير المصير على النيل الأزرق وجنوب كردفان ومنطقة أبيي وإنهاء الحرب بدارفور، مؤكدا تمسك حزبه بالدستور وقانون الأحزاب. وقال محمد بشارة دوسة، رئيس مجلس الأحزاب، خلال مخاطبته الاحتفال، إن تسليم الحركة الشعبية لوثائقها لمجلس الأحزاب يؤكد سعيها الجاد للتحول إلى حزب سياسي، واعتراف بالقانون والدستور، مشيرا إلى أن مجلس الأحزاب يتمسك بالقانون والدستور واتفاقية السلام الشامل ونأمل أن تحترم كافة الأحزاب ذلك». وطالب دوسة الأحزاب بتطبيق الديمقراطية داخلها وإتاحة الفرصة لإعمالها داخل قواعدها، مؤكدا أن الأحزاب التي عانت من الانشقاقات وعدم الاستقرار فهذا مرده إلى عدم إتاحة الفرص عبر الديمقراطية للقواعد، معربا عن أمله في أن تقدم الحركة الشعبية نموذجا طيبا في هذا المجال.

وأكد استعداد مجلس الأحزاب للتعاون مع الحركة الشعبية من أجل ترسيخ الديمقراطية في البلاد، مشيرا إلى أن المجلس سيشرع فورا في فحص الوثائق لإصدار القرار اللازم حولها. وكشف دوسة لـ«الشرق الأوسط» أن المجلس الآن بين يديه وثائق اعتماد وتسجيل من 12 حزبا سياسيا.

وتأسست الحركة الشعبية في 16 مايو 1983 بزعامة مؤسسها الراحل الدكتور جون قرنق، الذي لقي حتفه في يوليو (تموز) من العام 2005 في حادث غامض لتحطم طائرة كانت تقله من أوغندا إلى جنوب السودان ولم يكن قد مضى على تنصيبه نائبا أول للرئيس السوداني 22 يوما، وخاضت الحركة حروبا ضد الحكومات الشمالية بدءا من عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري في أغسطس (آب) من العام 1983، ثم الفترة الانتقالية التي أعقبت حكم النميري، التي رأسها المشير محمد عبد الرحمن سوار الذهب في العام 1985، وحكومة رئيس الوزراء الذي تم انتخابه الصادق المهدي (1986 ـ 1989)، ووسعت الحركة رقعة حربها في تلك الفترة لتشمل مناطق في شمال السودان منها جبال النوبة والنيل الأزرق بعد انقلاب الرئيس الحالي عمر البشير في يونيو (حزيران) من العام 1989. وخاضت الحركة حربا ضروسا مع الجيش الحكومي مدعوما مع مليشيات المؤتمر الوطني. ونقلت الحركة معاركها إلى شرق السودان إلى أن وقعت مع حكومة البشير اتفاقية السلام في العام 2005 بعد مفاوضات مطولة اتفق فيها الطرفان على فترة انتقالية لست سنوات تنتهي بتقرير المصير للجنوبيين في العام 2011، على أن تجرى انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية وولاياتية في فبراير (شباط) القادم. وتواجه اتفاقية السلام مشكلات كبيرة تتمثل في ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، والنزاع حول منطقة أبيي الغنية بالنفط والتي ستفصل فيها هيئة التحكيم الدولية في يوليو (تموز) القادم، ونتائج الإحصاء السكاني الذي تتحفظ عليه حكومة الجنوب، وتقاسم عائدات البترول.