ألمانيا تراجع قوائم معتقلي غوانتانامو قبل البت في قبول أي منهم

واشنطن طلبت رسميا من دول أوروبية استقبال بعضهم

TT

أكد مسؤولون ألمان أمس أن برلين ستراجع القوائم التي حصلت عليها برلين من واشنطن الأسبوع الماضي والتي تضم أسماء معتقلين في معسكر غوانتانامو الأميركي في كوبا للبت في أسماء المعتقلين الذين ستقبلهم بعد إفراج الولايات المتحدة عنهم.

وتسعى الولايات المتحدة للحصول على موافقة حكومات أوروبية لقبول معتقلين في غوانتانامو وإعادة توطينهم في أوروبا وذلك في ظل مخاوف واشنطن من أن يساء معاملة هؤلاء الإسلاميين من قِبل حكوماتهم الأصلية إذا تم تسليمهم لهذه الحكومات.

وحسب المسؤولين الألمان فإن واشنطن رشحت بعض الإسلاميين للإفراج عنهم من المعسكر وتسليمهم لعدة حكومات أوروبية، ولكن المسؤولين رفضوا الإفصاح عن عدد هؤلاء المرشحين واكتفوا بالقول إن هناك اتفاقا مع واشنطن بأن تبقى هذه التفاصيل سرية بين الطرفين.

ومن المنتظر أن تدرس السلطات المعنية في الحكومة الاتحادية والولايات الست عشرة في ألمانيا بيانات المعتقلين المرشحين لمعرفة ما إذا كان أي من هذه الأسماء المقترحة يمثل تهديدا على الأمن الألماني. وتأتي هذه الخطوة بعد نقاش طويل بين الأوساط المعنية في ألمانيا بشأن مدى استعداد برلين لقبول بعض هؤلاء المعتقلين. وأعلن ينس بلوتنر المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن ألمانيا ستقدم تصوراتها الخاصة بهذا الشأن بناء على تقييمها الخاص. وأضاف متحدث باسم الداخلية الألمانية: «سيتم اتخاذ القرارات بناء على كل حالة بمفردها». وردّا على سؤال عما إذا كانت ألمانيا تعتزم الحد من حركة أي من المعتقلين الذين من الممكن أن تقبلهم قال المتحدث باسم الداخلية: «نحن نعيش في بلد حر. إذا منح الأبرياء وطنا هنا فإنهم سيعيشون في حرية، وهذا هو بيت القصيد». وهناك من بين معتقلي غوانتانامو نحو 50 معتقلا من بينهم بعض مسلمي اليوغور بالصين ترفض الولايات المتحدة تسليمهم للصين خوفا من أن يعذَّبوا هناك. وذكرت مجلة «شبيغل» الألمانية على موقعها الإلكتروني أول من أمس أن عشرة من معتقلي غوانتانامو مصنفون على أنهم غير خطرين وأنهم سيسلَّمون لدول أوروبية. وأكدت المجلة أن دان فريد المسؤول الأميركي عن ملف غوانتانامو، سلم برلين الأسبوع الماضي قائمة المعتقلين المرشحين للإفراج عنهم من المعسكر.

وقال المدعي العام الأميركي إريك هولدر الأسبوع الماضي في برلين إن واشنطن تأمل الإفراج عن 30 من معتقلي غوانتانامو قريبا وأنها على ثقة من أن الحلفاء الأوروبيين سوف يسهمون في منح هؤلاء المعتقلين وطنا جديدا.

وأمر الرئيس الأميركي باراك أوباما في واحدة من أولى خطواته، بعد توليه الرئاسة، بإغلاق هذا المعتقل في غضون عام. وأشارت بعض الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا والبرتغال إلى استعدادها لقبول بعض سجناء غوانتانامو. وقالت مصادر المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل أمس، إن ملف معتقلي غوانتانامو كان أحد الموضوعات الرئيسية على أجندة المحادثات، التي أجراها خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسات الأمنية والخارجية بالاتحاد الأوروبي، نهاية الشهر الماضي مع عدد من كبار المسؤولين بالولايات المتحدة في واشنطن، وقال مصدر في المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن مفوض الأمن والعدل الأوروبي تلقى طلبا رسميا أميركيا، خلال زيارته الشهر الماضي لواشنطن. واشترطت الدوائر الأوروبية تلقيها مثل هذا الطلب، للبدء في التدابير اللازمة لاستقبال بعض السجناء، الذين لم يتم تحديد عددهم بعد. ويأتي ذلك بعد صدور تصريحات من مسؤولين في الاتحاد، تضمنت إعطاء كل دولة عضو فيه حرية اتخاذ القرار في استقبال أحد المعتقلين السابقين أو رفضه، مكلفين المفوضية الأوروبية إعداد وثيقة إطار قانونية حول الأمر. وتبنى البرلمان الأوروبي قرارا، يحث فيه الدول الأعضاء في التكتل الموحد على قبول معتقلين سابقين من غوانتانامو، مركزا على ضرورة وجود إطار قانوني أوروبي موحد يحكم مثل هذا القرار، نظرا إلى اختلاف تشريعات وقوانين اللجوء الإنساني بين بلد أوروبي وآخر.

وأجمع ممثلون عن منظمة «هيومان رايتس واتش»، و«العفو الدولية»، ومبادرة «الحرية والعدالة» لمعتقلي غوانتانامو، على مطالبة الدول الأوروبية بمساعدة الإدارة الأميركية الجديدة، في حل مشكلة معتقلي غوانتانامو، وإغلاق هذا المعتقل الذي يمثل «وصمة عار» في تاريخ الإنسانية.

ودعوا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى تحمل ما عليهم من المسؤولية، والعمل على حل مشكلة غوانتانامو، حيث «لا يمكن لأوروبا إنكار مسؤوليتها، خصوصا لجهة «تورطها في بعض جوانب ظروف اعتقال هؤلاء وما تعرضوا له»، حسب كلام ممثلة العفو الدولية كاميلا غالبيرت، في إشارة منها إلى تورط أجهزة استخبارات أوروبية في تنظيم رحلات جوية تابعة لـ«سي آي إيه» لنقل مشتبه بهم والتحقيق معهم على أراضٍ أوروبية.