كوريا الجنوبية مستاءة من صورتها في العالم وتشن حملة لزيادة جاذبيتها

وضعت هدفا لتحسين ترتيبها إلى المركز الـ13 عالميا في انطباع الأجانب بحلول 2013

TT

إذا ما شهد العالم إجراء مسابقة من حيث الشعبية، ستبدو كوريا الجنوبية وكأنها تشعر بأنها بطة قبيحة ترغب في أن يراها الجميع كإوزّ عراقي فائق الجمال. وينتاب مواطنيها ذعر بالغ عند الاستماع إلى محاولات استهزاء وسخرية ببلادهم باعتبارها الدولة التي تبادل فيها السياسيون اللكمات. ويشعرون بخيبة الأمل حيال استطلاع للرأي أُجري مؤخرا كشف عن أن أربعة من بين كل 10 أجانب أعربوا عن شعورهم بأن كوريا الجنوبية تفتقر إلى «الجاذبية». علاوة على ذلك، تعاني كوريا الجنوبية من شقيقتها الخارجة على القانون الواقعة إلى الشمال، ذلك أن الكثير من سكان العالم عندما يسمعون لفظ «كوريا»، تتداعى إلى مخيلتهم صور كيم يونغ إيل وكوريا الشمالية، لا كوريا الجنوبية الديمقراطية التي شكلت منذ أمد بعيد حليفا جديرا بالثقة بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

حسنا، يبدو أن كوريا الجنوبية، التي تهتم بصورتها على نحو بالغ، لم تعد على استعداد لتحمل هذا الوضع بعد الآن، وعليه، تنوي تحسين سمعتها المتداعية من خلال إنفاق ملايين الدولارات لخلق صورة إيجابية لها في الخارج. وتولدت لدى كوريا الجنوبية قناعة بضرورة مكافأة الجهود التي تبذلها شركات مثل «هيونداي» و«إل جي» و«سامسونغ» لتعزيز هويتها العامة، وذلك في إطار حملة أصابت الكثيرين بالذهول. وعليه، تشارك كوريا الجنوبية في نظام ترتيب دولي للتنافس مع دول أخرى في ما يخص الانطباعات الأولى للزائرين الأجانب.

وجاءت النتائج الأولى على هذا الصعيد غير مشجعة، حيث أشار أحد التقارير الصادرة حديثا عن «نيشن براندز إندكس» إلى أن كوريا الجنوبية تأتي في المرتبة الـ33 من بين 50 دولة في مرتبة أدنى من دول يعتقد المسؤولون هنا أنها أقل من بلادهم، مثل بولندا وجمهورية التشيك. جدير بالذكر أن الولايات المتحدة جاءت في المرتبة السابعة، بينما تحتل ألمانيا المرتبة الأولى. من جانبه، شكّل الرئيس لي ميونغ باك مجلسا رئاسيا حول الصورة الوطنية، معلنا أن هدف المجلس الانتقال إلى المرتبة الـ13 بحلول عام 2013.

وفي تصريحات أمام الصحافيين، قال لي: «تحتل كوريا الجنوبية المركز الـ13 بين أكبر الاقتصاديات عالميا، مع تمتعها بمستوى دخل للفرد يبلغ نحو 20.000 دولار، لكنها تأتي في المرتبة الـ33 في مؤشر صورة البلاد عالميا، وهذه مشكلة كبرى». من ناحية أخرى يرى البعض أن اهتمام كوريا الجنوبية بصورتها في أعين الآخرين يعد أمرا إيجابيا، بينما يلمح آخرون إلى أنه يعكس توترا عصبيا. في هذا السياق أوضح فيليب راسكين مستشار لجنة تحسين الصورة، أن «مشكلة كوريا أنها لا تملك معلما مثل برج إيفيل. باريس ليست بحاجة إلى شعار، فهي باريس. إن باريس ستبقى جذابة حتى لو كان شعارها (فلتذهب إلى الجحيم). في الواقع، قد يكون هذا شعارها بالفعل». والملاحظ أن بعض المحللين يعتقدون أن كوريا الجنوبية تعاني من حظ سيئ.

من جهته قال سيمون أنولت مستشار الحكومة البريطانية الذي صاغ نظام الترتيب: «من بين عناصر سوء الحظ تشارك كوريا الجنوبية في اسمها مع دولة مارقة. ولا شك أن الارتباط بكوريا الشمالية أمر سيئ بالنسبة إليها، فهي تقع في ذات الخانة». رغم حضارتها العريقة، تعد كوريا الجنوبية واحدة من العناصر الفاعلة الحديثة نسبيا على المشهد الدولي العصري. وعن ذلك قال أنولت: «لم تكن دولة ذات أهمية على مدار فترة طويلة للغاية، بينما كانت دول أخرى ترسل أفواجا من السفراء الثقافيين والسياسيين إلى الساحة العالمية على امتداد سنوات طويلة. لكن كوريا لم تقم بذلك».

لكن لي الطَّموح يرغب في تغيير هذا الوضع من خلال تنفيذ برامج للترويج للتايكوندو، أحد الفنون القتالية في كورية الجنوبية، وتعزيز صورة البلاد كدولة صديقة للبيئة. ويتمثل العنصر الرئيس لأجندة لي في الطعام، حيث أعلنت الحكومة خطة للترويج عالميا للمطبخ الكوري الجنوبي، متعهدة بوضعه بين أشهر مطابخ العالم بحلول عام 2017.

وكل يوم، تحمل الصحف مقالات تتناول جهود تحسين الصورة وقضايا مثل: هل ينبغي افتتاح متحف للروبوتات والتنافس مع اليابان في هذا المجال الناشئ؟ وهل ينبغي الشروع في بناء واحدة من أعلى ناطحات السحاب عالميا، أو افتتاح شاطئ للعراة بجزيرة مشهورة؟ من ناحيته، تحدث المسؤول الأول المعني بجهود تحسين صورة كوريا الجنوبية دوليا عن برنامج تطوعي جديد جرى وضعه على نهج فيالق السلام الأميركية و«كوريا قوس قزح»، وهي عبارة يُقصد منها التنويه إلى التعددية الثقافية المتنامية داخل البلاد.

من جانبه، قال إيو يون داي رئيس المجلس الرئاسي المعني بصورة البلاد: «أشعر بخيبة الأمل لأن الناس لا يقدرون ثقافتنا حق قدرها. على امتداد فترة طويلة، حوصرت كوريا ثقافيا واقتصاديا بين اليابان والصين». وحرص إيو على التمييز بين خطته وجهود التسويق أو الترويج السياحي العادية، حيث قال: «نحاول تعزيز هوية كوريا. إننا نهتم بالجوهر أكثر من الصورة ذاتها».

ومع ذلك تناولت الصحف والمدونون الجهود الجديدة بأسلوب طغى عليه الهزل. في هذا الصدد قال جون هور عالم الاجتماع الذي يكتب عمودا بإحدى صحف كورية الجنوبية: «هذا مجرد تشوش ذهني. الدولة ليست منتجا يمكنك ترويجه بين عشية وضحاها. لقد كانت صورة كوريا دوما جافة بعض الشيء. إنها ليست نيبال أو تايلاند، فكلتهما دولتان صديقتان للسياحة. يتطلب الأمر وقتا وصبرا كي تتعرف على بلد ما وأهله». وأعرب البعض عن اعتقادهم أنه من الأفضل أن تتحلى كوريا الجنوبية بالهدوء. في هذا الصدد قال مايكل هرت أحد المدونين المحليين والمصور والعضو بلجنة تحسين الصورة، إن «كوريا محصورة داخل هذا النمط من التفكير القائم على أنه يتعين عليها التفوق في الأداء ومستوى الإنفاق وبناء القصور عن الدول الأخرى. إن الأمر لم تكن له علاقة قط بمثل هذه الأمور. لقد تميزت كوريا دوما بطابع خاص». وقد اعترف إيو بأن كوريا الجنوبية قطعت شوطا طويلا على صعيد تحسين صورتها. وأكد أن «الأمر يستغرق بعض الوقت كي تتمكن من تغيير صورة بلد ما».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»