الصومال: حرب كلامية مع إريتريا بسبب فشل الوساطة بين الشيخ شريف وأويس

أسمرة أعلنت عدم اعترافها بحكومة مقديشو.. وتنفي تسليح ودعم المعارضة

قناص كوري جنوبي يطل من طائرة هليكوبتر تلاحق مركبا للقراصنة لإنقاذ سفينة كورية شمالية في خليج عدن أمس (أ.ب)
TT

تبادلت الحكومتان الإريترية والصومالية الاتهامات في ما بينهما على خلفية اتهامات رسمية لأسمرة بتسليح معارضي الرئيس الصومالي الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد، فيما ردت إريتريا بإعلان عدم اعترافها أساسا بسلطة الشيخ شريف وحكومته.. في وقت تصاعدت فيه الحرب الكلامية والإعلامية بين شريف وحليفه السابق الشيخ حسن طاهر أويس زعيم تحالف المعارضة الصومالية الذي عاد لتوه من أسمرة بعد إقامة دامت عامين. وكشفت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن مساعي محلية وجهود وساطة غير معلنة من فترة للجمع بين الشيخين شريف وأويس قد فشلت على خلفية تباين مواقف الطرفين من وجود قوات حفظ السلام الإفريقية. وقالت المصادر إن الهوة ما زالت كبيرة بين الرجلين اللذين عملا في السابق جنبا إلى جنب عندما سيطرت ميلشيات تنظيم المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو لفترة وجيزة انتهت مطلع عام 2007 بسحقها على أيدي القوات الإثيوبية والحكومية الصومالية. وفيما قال الشيخ شريف إنه يتعين على أويس عدم محاولة التدخل للإطاحة بحكومته والانتظار حتى نهاية فترته الرئاسية عام 2011 للترشح لمنصب الرئيس، شدد أويس على أنه لن يتحدث مع شريف متهما إياه بتغيير السياسات والمبادئ التي تأسس عليها تحالف المعارضة الذي احتضنته أسمرة منذ منتصف عام 2007.

من جهته دعا الدكتور إيمان أبو بكر عمر زعيم الحزب الإسلامي الذي يضم أربعة تنظيمات مناوئة للشيخ شريف، إلى عقد مؤتمر موسع تشارك فيه جميع الأطراف الصومالية دون إقصاء لطرف بعينه لتحقيق المصالحة الوطنية. وأضاف الدكتور إيمان لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو: «لاحقا يتعين التسليم بما يتمخض عنه المؤتمر. لقد شرحنا هذه الرؤية للمجتمع الدولي وللشعب الصومالي، وننتظر الإجابة، وإذا تحققت الأهداف نحن مستعدون للجلوس مع الجميع دون شروط مسبقة». وردّا على إعلان وزير الإعلام الإريتري عبدي على أن أسمرة لا تعترف بالسلطة الانتقالية في الصومال، وأنها مصرة على استمرار ارتباطها بكل الأطراف الصومالية الرامية إلى الإطاحة بها، وصف على جامع جنجلي وزير النقل والمواصلات الصومالي, هذه التصريحات بأنها سخيفة وفى غير محلها. وقال الوزير الإريتري إن حكومته لا تدعم المعارضة الصومالية لكنها تساند الشعب الصومالي، مشيرا أن إلى إريتريا لا تعترف بالحكومة الصومالية وليس عليه أن يرد على شخص لا يملك سلطة، على حد تعبيره.

في المقابل دعا وزير النقل والمواصلات الصومالي جنجلي نظام حكم الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى وقف تدخله في الشؤون الداخلية الصومالية، معتبرا أن حكومته التي تتمتع بدعم دولي وشعبي ليست في حاجة إلى تأييد أو رفض من أسمرة.

وجنجلي هو ثاني مسؤول صومالي يشن انتقادات حادة ضد إريتريا ويحذرها في تصريحات صحافية, من محاولة إرسال شحنات أسلحة إلى المدينة، بعد تصريحات مماثلة أول من أمس من وزير الأمن القومي الصومالي العقيد عمر حاشي الذي كشف النقاب للمرة الأولى عن تورط إريتريا في محاولة نسف جهود السلام عبر إرسالها طائرتين محملتين بالأسلحة هبطتا بمطار بلدوجلي العسكري الذي يسيطر عليه الإسلاميون المناوئون للشيخ شريف. وهدد حاشي بأن حكومته سترد على هذه التدخلات الإريترية وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، متهما أسمرة بالعمل على عدم وجود حكومة فاعلة بالصومال.

ويعتبر حاشي الذي كان من بين أعضاء تحالف المعارضة الذي أقام فترة طويلة في العاصمة الإريترية أسمرة، قبل انضمامه إلى حكومة الرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد، هو أول مسؤول صومالي يوجه اتهامات علنية في هذا الشأن إلى الحكومة الإريترية. وزار حاشي إثيوبيا عدة مرات منذ حصوله على عضوية الحكومة الانتقالية التي دشنها البرلمان في جيبوتي المجاورة مطلع العام الجاري. لكن إريتريا ردت بعنف على الاتهامات الصومالية ضدها، وقالت في المقابل إنها سئمت الاتهامات بأنها ترسل أسلحة إلى متشددين إسلاميين مرتبطين بتنظيم القاعدة يقاتلون الحكومة الصومالية. وقال يماني غبريمسكل رئيس مكتب الرئيس الإريتري في تصريحات له أمس: «لقد سئمنا ومللنا تلك الاتهامات الكاذبة.. تلك الاتهامات توجه لدوافع خفية».

وفي اتهامات أيدها خبراء أمنيون ودبلوماسيون قالت الحكومة الصومالية مجددا هذا الأسبوع إن أسمرة تواصل دعم متمردي حركة الشباب المجاهدين بشحنات أسلحة تشمل بنادق «إيه.كيه. 47» وقذائف صاروخية وأسلحة أخرى ترسلها في طائرات. وتتهم إريتريا قوى غربية بالتدخل في الشؤون الصومالية وتأجيج صراع أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص وأجبر أكثر من مليون آخرين على النزوح عن منازلهم خلال العامين الماضيين. ويقول محللون إن صراعا إقليميا طويلا على النفوذ بين إريتريا وإثيوبيا اللتين خاضتا حربا على الحدود من عام 1998 حتى 2000 أدى أيضا إلى تعقيد احتمالات السلام بالنسبة إلى الصومال. ودأبت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تراقب حظرا للتسلح على الصومال، ومراقبون آخرون بالمنطقة، على وصف إريتريا بأنها مزود للمتمردين بالسلاح.

لكن أسمرة تنفى في المقابل هذه الاتهامات على الرغم من التهديدات التي أطلقتها الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لأديس أبابا في عهد الرئيس السابق جورج بوش بوضع إريتريا على قائمتها للدول الراعية للإرهاب.

وأثار ذلك غضب أسمرة التي خاضت معارك ضد متمردين إسلاميين مرتبطين بتنظيم القاعدة في غربها الغني بالذهب والمتاخم للسودان في منتصف التسعينات.