الحدود الباكستانية الأفغانية تعوق عمل القوات الأميركية

اختبار «أكون أو لا أكون» للقوات المتحالفة في أفغانستان

TT

دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما بأكثر من 20 ألف جندي أميركي إلى أفغانستان، لخوض موسم القتال الجديد هذا العام، فيما أسماه الجيش الأميركي اختبار «أكون أو لا أكون» للقوات المتحالفة في أفغانستان.

لكن استراتيجيي طالبان يعرفون أين تطأ أقدامهم، ويشيرون إلى أن القوات القادمة إلى أفغانستان ستواجه تحديا شرسا، ليس لما تتمتع به طالبان من قدرات وإنما لأن الحدود الباكستانية الأفغانية تشكل أهم معاقل طالبان، الذين يعتمدون على حقيقة أن القوات الأميركية لن تتمكن من الوصول إليهم في معاقلهم الحصينة في باكستان. ووصف أحد الخبراء اللوجستيين الباكستانيين في صفوف طالبان، الذي يبلغ من العمر 28 عاما، ويقطن في المناطق القبلية الباكستانية، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «نيويورك تايمز»، استراتيجية طالبان بأنها تعتمد على حرية الحركة على الحدود وفي داخل باكستان، وكذلك قدرتهم على تجنيد الشباب الباكستاني والتعاون الكبير الذي يلاقونه من القرويين الأفغان. تقدم رواية ذلك الخبير الطالباني مدخلا لفهم وجهة نظر الخصوم لكل من الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، إضافة إلى خطط وطموحات طالبان واستعدادهم لمواجهة القوات الأميركية الإضافية. كما تلقي مزيدا من الضوء على كيفية توسيع طالبان، التي تشكل مظلة للعديد من الجماعات الجهادية المدعومة من «القاعدة»، حروبها على الجبهتين من الحدود فيما يعتبرونه حربا شاملة.

وخلال النقاشات التي أجرتها إحدى الصحف خلال الأشهر الستة الماضية مع الخبير الطالباني حول عدد من الموضوعات، أظهر الخبير صاحب الهندام الجيد الذي يسمح له بالتنقل عبر الحدود، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للعقاب من جانب زملائه في صفوف طالبان، معرفته بأنشطة طالبان، كما توافقت المعلومات التي قدمها مع المعلومات القادمة من المصادر الأخرى. وقد أبدى ـ دون اكتراث ـ معرفته بخطط قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس في تطبيق بعض التكتيكات التي استخدمها في العراق لثني القبائل السنية عن قتال القوات الأميركية. فقال: «أنا أعلم بتجربة بترايوس هناك، لكننا نعرف شعبنا الأفغاني جيدا، فسوف يقبلون المال من بترايوس لكنهم لن يتعاونوا معه، فهناك الكثير ممن يتلقون رواتبهم من القوات الأميركية والأفغانية لكنهم يعلموننا نحن بكل التفاصيل كما أنهم يبيعوننا الأسلحة».

واعترف بأن القوات الأميركية سوف تحظى بمزيد من الجنود والقوة هذا العام، لكنه أبدى ثقته في قدرة تحويل طالبان تلك الميزة إلى فائدة لصالحها فقال: «ليس بمقدور القوات الأميركية الاستيلاء على القرى، وحتى تتمكن من طردنا منها فإنها سوف تلجأ إلى القصف الجوي ومن ثم فإنهم سيوقعون المزيد من المدنيين». الأمر الوحيد الذي لا يزال يتذكره هو الضربات الصاروخية من الطائرات من دون طيار، التي تعتبر الوجود العسكري الأميركي الوحيد في المناطق الباكستانية وقال عنها: «كانت تلك الطائرات في غاية الفعالية»، واعترف بأنهم اضطروا إلى تفريق قيادة طالبان و«القاعدة» في المنطقة، وأشار إلى أن 29 من زملائه لقوا حتفهم في تلك الضربات. وقد دفعت تلك الضربات الصاروخية الأميركية قادة طالبان إلى قضاء المزيد من الوقت في أفغانستان أو التنقل في العمق الباكستاني والتمركز في كلا الجانبين من الصراع المتسع. وأشار إلى أن المقاتلين على استعداد للقتال في أي مكان في كلا البلدين.

ويأتي القتال الدائر الآن في مقاطعتي بونير ودير، في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في باكستان، بين طالبان الباكستانية والجيش جزءا من استراتيجية بعيدة المدى لزعزعة الاستقرار في البلاد والسيطرة على باكستان النووية. وتستهدف طالبان الباكستانية قوات الولايات المتحدة الأميركية والناتو عبر إرسال مقاتلي حرب العصابات لمساعدة طالبان الباكستانية في طرد المحتلين من أفغانستان. وفي الوقت الذي تبدو فيه تلك النزاعات بالنسبة لطالبان حربا مرنة ومتسعة، تمثل الحدود بين أفغانستان وباكستان عقبة كبيرة بالنسبة للقوات الأميركية. وعلى الرغم من أن باكستان حليف رئيسي للولايات المتحدة إلا أنها لن تسمح للقوات الأميركية بالوجود على الأراضي الباكستانية كقوات مقاتلة إلى جانب الجيش الباكستاني في المناطق القبلية التي تستخدمها طالبان و«القاعدة» كمعاقل لها. وقد ساعدت الولايات المتحدة كلا من باكستان وأفغانستان في إنشاء عدد من النقاط المشتركة في الآونة الأخيرة لتبادل المعلومات الاستخبارية وتطوير مراقبة الحدود. لكن تلك الجهود لا تزال ضعيفة مقارنة بطول حجم الحدود التي تمتد إلى 1600 ميل. وعلى الرغم من مناشدة قادة القوات الأميركية والناتو لباكستان بالسيطرة على تسلل طالبان عبر الحدود فإن الخبير الطالباني قال «إن نقل المقاتلين عبر الحدود لا يمثل مشكلة بالنسبة لهم، فالفرق شبه العسكرية الموجودة في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي التي تقوم بحراسة الحدود كانت مشغولة بتأمين سلامتها أكثر من الحدود».

إلى ذلك أجرى مراسل محطة «سي إن إن» مقابلة مع ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الملا عمر في مكان مجهول، تحدث فيها عن الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها طالبان لتأمين سلامة الناطق باسمها، بالرغم من أن المقابلة كانت لمدة 15 دقيقة فقط، وأكد فيها ذبيح الله أن عوامل النصر تصب لصالحهم. وقال ذبيح الله إن هدفهم الذي لن يتخلوا عنه هو تطبيق الشريعة الإسلامية وطرد القوات الأجنبية من أفغانستان. إلا أن ذبيح الله اعترف أن المفاوضات ربما ستؤدي إلى رحيل القوات الأجنبية، مشيرا إلى أن «الحرب وحدها لن تكون حاسمة».