قادة دول التعاون يختارون الرياض مقرا للبنك المركزي الخليجي

طالبوا في اجتماعهم التشاوري بالرياض بألا تكون مبادرة أوباما تجاه طهران على حساب المصالح العربية

قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم التشاوري الحادي عشر في الرياض أمس (أ.ب)
TT

حسم قادة دول الخليج في قمة تشاورية ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، موقف دولهم إزاء اختيار دولة مقر لاتحاد النقد الخليجي، بالتوافق على العاصمة السعودية الرياض كمقر دائم للاتحاد، وذلك بعد أن كانت قد تقدمت 4 دول بطلبات احتضان مقره.

وأعلن عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أمس، أن قادة (السعودية وقطر والكويت وعمان والبحرين والإمارات) قد اتفقوا على أن تكون العاصمة السعودية مقرا للاتحاد النقدي، والذي قال إنه يؤسس لإنشاء البنك المركزي الخليجي.

ولم يعط العطية المزيد من التفصيل حول ما إذا كان هذا الأمر يعني إطلاق العملة الخليجية الموحدة في موعدها المقرر في عام 2010، وقال في مؤتمر صحافي في أعقاب القمة «إن هذا الأمر لم يبحث».

وأقر قادة دول الخليج، مقترحَين: الأول تقدمت به سلطنة عمان، والآخر قدمته دولة قطر. وينص المقترح العماني على إشراك القطاع الخاص بأعمال اللجان الفنية التي تعمل في إطار منظومة مجلس التعاون، بما يكفل له المساهمة في صياغة القرارات الاقتصادية التي تعرض على القمم، فيما يقدم المقترح القطري رؤية جديدة لتفعيل دور مجلس التعاون.

وذكر عبد الرحمن العطية أن قادة الدول الخليجية عهدوا بتشكيل لجنة من وزراء خارجية دول المجلس لعقد اجتماعات في إطار الرؤية القطرية التي جاءت بالمقترح، وتتمحور حول الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.

وجاء من ضمن المقترح القطري تأسيس بنك خليجي مشترك، قال العطية إن عمله سيكون أقرب إلى عمل البنك الإسلامي للتنمية لناحية تقديم المساعدات التنموية للدول التي تستحق الدعم.

وفي سياق يتصل بالدعم الخليجي لجهود التنمية في اليمن، الذي يشهد توترا أمنيا في بعض محافظاته، أكد أمين المجلس الخليجي على دعم دول المجلس لاستقرار اليمن، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة التي حدثت في بعض المحافظات لن تثنيهم عن الوفاء بالمشاريع التي تم الالتزام بها في مؤتمرات المانحين.

واستعرض قادة الدول الخليجية الست في قمتهم التشاورية الـ11 عددا من الموضوعات السياسية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية على ضوء الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والوضع في العراق، واستمرار طهران في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، وجهود المصالحة العربية.

ورحب القادة بالاتفاق الذي تم بين السودان وتشاد ورعته قطر مؤخرا، معتبرين أن هذا الاتفاق «خطوة هامة على طريق تحقيق السلام في دارفور».

وبحث القادة الخليجيون في أبعاد التقارب الأميركي الإيراني على خلفية برنامج طهران النووي، ونقل العطية عن القادة مطالبتهم بألا تكون مبادرة الرئيس الاميركي باراك أوباما تجاه الإيرانيين على حساب المصالح الاستراتيجية العربية، وبالأخص الخليجية.

وأكد العطية على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وقال إن الدول الخليجية تعتقد بأن الوسائل السلمية هي الطريق الأمثل للتعامل مع الملف النووي الإيراني.

وشدد في موضوع آخر على رفض دول مجلس التعاون التصريحات النشاز التي تصدر عن بعض المسؤولين الإيرانيين تجاه دول الخليج، وأشار إلى حرص الدول الست على علاقات حسن جوار مع إيران دون الدخول في اتهامات متبادلة، مبديا قناعة بأن هناك هواجس كثيرة من الجار الإيراني، إلا أنه وبالرغم من ذلك قال إن دول الخليج لن تسمح بتهديد أمن أي دولة من دول المنطقة، ومن ضمنها إيران.

وأكدت الدول الخليجية على ضرورة حل القضية الفلسطينية على مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وقال عبد الرحمن العطية إن على أميركا أن تدفع بإسرائيل للقبول بهذه المبادئ والمبادرة العربية.

ولا تزال الدول الخليجية تصر على موقفها الخاص بتعليق مفاوضات التجارة الحرة مع الجانب الأوروبي، وأشار العطية إلى أنهم في الاجتماعات الأخيرة التي عقدت بين الجانبين في الدوحة قبل يومين تم العودة للتشاور وليس التفاوض مع الأوروبيين، وقال إن هذا الأمر تم بناء على رغبتهم.

واستعرض القادة الخليجيون تأثيرات الأزمة المالية العالمية على دولهم خلال الأشهر الخمسة الماضية، وأشار عبد الرحمن العطية إلى أن تأثر دول المجلس كان في الحدود الدنيا، مؤكدا متانة وقوة اقتصاديات الدول الست.

وتفاعلا مع إنفلونزا الخنازير الآخذ بالاتساع في عشرات الدول، استعرض القادة الخليجيون التدابير الاحترازية اللازمة التي اتخذتها دولهم، وكان من ضمنها توفير المخزون الدوائي، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تطورات هذا المرض.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد استقبل في قصر الدرعية بالرياض أمس قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركين في الاجتماع التشاوري الحادي عشر، وهم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى لمملكة البحرين، والسيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.

وقد رحب خادم الحرمين الشريفين بإخوانه قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون في المملكة العربية السعودية، متمنيا لاجتماعهم التشاوري الحادي عشر النجاح والتوفيق.

وشارك في الاجتماع من الجانب السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف وزير المالية.

من جهته قال السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان: «إن هذا الاجتماع الذي ينعقد اليوم بالمملكة العربية السعودية الشقيقة سيساعد على الإسهام في إعطاء المزيد من الدعم لمسيرة التعاون الخليجي التي يحرص عليها ويرعاها قادة دول المجلس لتحقيق تطلعات وطموحات الشعوب الخليجية في المزيد من التقدم والازدهار والمستقبل الواعد، الذي يعم خيره الأجيال المتعاقبة».

وتابع قائلا: «لقد شهدت الساحتان الإقليمية والدولية تطورات متلاحقة ومتسارعة اقتصاديا وسياسيا، ألقت بظلالها على دول المنطقة. إن التنسيق والتشاور كفيلان ببلورة فهم مشترك ورؤية استراتيجية موحدة للتعاطي مع المستجدات ومواجهة كافة التحديات حفاظا على استقرار هذه المنطقة، ومن هذا المنطلق وعلى الرغم مما حققته مسيرة التعاون الخليجي من إنجازات في العديد من المجالات، فإن المرحلة القادمة تتطلب تفعيل ما يتم التوصل إليه من قرارات، وخصوصا في المجال الاقتصادي. وفي هذا الصدد فإنه من المناسب إعطاء المزيد من الفرص للقطاع الخاص، وذلك من خلال المشاركة في صياغة القرارات الاقتصادية لما لها من انعكاسات إيجابية على دول المنطقة ورخاء شعوبها».

وأكد أن سلطنة عمان بقيادة السلطان قابوس بن سعيد تواصل دعمها لمسيرة مجلس التعاون الخيرة.. وحيا بكل اعتزاز المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لدورها البناء في خدمة قضايا المنطقة، داعيا المولى عز وجل أن يكلل هذه اللقاءات بين الأشقاء بالنجاح والتوفيق، وذلك خدمة للمصالح العليا المشتركة.