نجاد: سورية وإيران متحدتان إلى جانب المقاومة.. وليبرمان يحذر: الدبلوماسية مع طهران 3 أشهر

نبيل عمرو: إيران ليست المكان الملائم لحماس * فلتمان في دمشق غدا للمرة الثانية خلال أسابيع

الرئيس السوري بشار الأسد يستقبل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى وصوله إلى قصر الشعب في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

جدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي يزور دمشق، هجومه على إسرائيل، بقوله «نحن نرى في الصهاينة مركزا للجراثيم المهلكة»، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس السوري بشار الأسد عقب محادثاتهما. وقال: «لقد خلقوا هذه الصهيونية للتهديد وللعدوان وللتعذيب وللإبادة، إنهم يمارسون التمييز العنصري، ولذلك فإن دعم المقاومة الفلسطينية هو واجب إنساني وشعبي». وأضاف: «ولحسن الحظ، فإن سورية وإيران متحدتان ومتفقتان إلى جانب المقاومة، وستكونان كذلك دائما».

وانتقد أحمدي نجاد الولايات المتحدة قائلا: «نحن نعتبر أن حضور المحتل والأجانب يؤدي إلى الفلتان الأمني وإلى مشاكل عديدة لشعوب المنطقة». وتابع: «لم يقدم لهم أحد دعوة.. إنهم ضيوف ثقلاء ويجب أن يغادروا». وأضاف: «نحن لا نتوقع منهم خيرا، وإذا أرادوا أن يقدموا الخدمات فليقدموا الخدمات لشعوبهم». من ناحيته، وصف الرئيس السوري بشار الأسد  العلاقات السورية ـ الإيرانية  بأنها «علاقة طبيعية وليست محورا كما يحلو للبعض أن يوحي». وتابع: «هذه العلاقة طبيعية لا ترتبط فقط بعلاقة سورية وإيران وإنما بعلاقة أي مجموعة دول يتجاور بعضها مع بعض. علاقة سورية مع كل الدول الأخرى الموجودة في المنطقة وعلاقة إيران مع كل الدول الموجودة في منطقتنا، وهذا النوع من العلاقات هو لمصلحة هذه الدول ولمصلحة الاستقرار ولمصلحة قوة هذه المنطقة الذي ننشده، وبالتالي من واجبنا كدول أن نسعى لتعزيز هذا النوع من العلاقات، وهو لمصلحة هذه الدول ولمصلحة الاستقرار ولمصلحة قوة هذه المنطقة».

وأوضح الرئيس السوري أنه اليوم تأكد من «ثبات صحة الرؤية السورية الإيرانية المشتركة تجاه المواقف التي اتخذها البَلَدان في السنوات السابقة، وأن ذلك تجلى في نقطتين: الأولى  أن العلاقة بين سورية وإيران علاقة استراتيجية، وأن زيارة السيد أحمدي نجاد تؤكد ذلك. والنقطة الثانية متعلقة بالعمل العربي المشترك المستمر والدؤوب للوصول بمنطقتنا إلى منطقة مستقرة ومستقلة».

وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني قال الأسد: «إن موقف سورية ثابت من موضوع الملف النووي الإيراني، وموقفنا معروف، من حق أي دولة في هذا العالم أن تمتلك الطاقة النووية السلمية، وهذا الحق تضمنه الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع». ورأى أنه على الجهات التي  تتحدث عن طرح شكوك حول وجود برنامج عسكري «أن ترينا فقط من أجل المصداقية ما الذي تفعله تجاه البرنامج النووي العسكري المطبق منذ عقود طويلة في إسرائيل، وعندها يكون لهذا الكلام مصداقية ولهذه الشكوك بعض المصداقية».

وحول المسألة الفلسطينية قال الأسد: «عندما نتحدث عن الاستقرار لا يمكن أن نغفل الموضوع الفلسطيني ومعاناة الشعب الفلسطيني تجاه ما يتعرض له من تنكيل وقتل وإرهاب من قِبل الإسرائيليين، ولا يمكن أن نغفل المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني». وأضاف: «لقد تطرقنا في مباحثاتنا إلى كيفية دعم الشعب الفلسطيني ودعم صموده من خلال توحيده، لأنه لا يمكن أن يصمد أو أن يقاوم، وهناك انقسام على الساحة الفلسطينية السياسية». كما تركزت المباحثات على كيفية «العمل على فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة، فكل هذه النقاط كانت نقاطا أساسية في حوارنا».  وفي الشأن العراقي عبّر الأسد ونجاد عن ارتياحهما للتطورات الأخيرة في العراق والاتفاق على ضرورة دعم الحكومة العراقية الحالية. وقال الأسد: «عندما نتحدث عن الاستقرار لا يمكن أن نغفل الموضوع العراقي، ونحن مرتاحون للتطورات الأخيرة في العراق وبخاصة انتخابات الإدارة المحلية التي حصلت مؤخرا وأعطت مؤشرات قوية وواضحة بأن الشعب العراقي يريد وحدة العراق وأن العراق لا يذهب في الاتجاه الذي ربما أراده البعض وتوقعه من انقسام وتفتت وصدام بين أبناء الوطن الواحد». وقالت مصادر فلسطينية في دمشق إن الرئيس الإيراني عقد لقاءات ثنائية مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وعدد من أعضاء المكتب السياسي، ومن ثم أمين عام حركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح، وبعد اللقاءات الثنائية تم عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية العشرة المتواجدة في دمشق، وذلك في الساعة التاسعة من مساء يوم أمس.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لقاءات نجاد مع الفصائل الفلسطينية «تمت في إطار التحالف الاستراتيجي بين الفصائل المقاومة وقوى الممانعة في المنطقة»، وإنه: «تم البحث في المرحلة الجديدة التي تشهد سياسة أميركية تسعى لتغيير بعض الخطوات بعد فشل سياسية بوش في تنفيذ برنامج المشروع الأميركي»، مشيرة إلى أنه تم التداول في كافة المعطيات، سواء الحوار الجاري بين أميركا وقوى الممانعة في المنطقة، أو الحوار بين الفصائل الفلسطينية. وعما إذا كان مطروحا على طاولة البحث نقل المكتب السياسي لحركة حماس إلى طهران، نفت المصادر الفلسطينية ذلك ووصفته بأنه تسريبات «مغرضة» و«لا أساس لها من الصحة»، وقالت المصادر «لا يوجد أي تغيير أو تبديل في أية إجراءات للفصائل في دمشق، وخاصة حركتي الجهاد وحماس». وفي بيان صادر عن أمانة سر لجنة المتابعة العليا لفصائل المقاومة الفلسطينية قال خالد عبد المجيد: «إن لقاء نجاد مع الفصائل الفلسطينية سيتطرق لبحث آخر تطورات القضية الفلسطينية، وخطوات المواجهة للسياسة الصهيونية العنصرية، وسبل تعزيز دور المقاومة في التصدي لعمليات التهويد والاستيطان العسكري» و«سيتم التطرق أيضا إلى الأوضاع في المنطقة وخطوات تعزيز تحالف قوى الممانعة في المنطقة والتصدي للحملات التي تستهدفها».

وأكد عبد المجيد أن اللقاء سيشكل رسالة واضحة للتطرف الإسرائيلي وسياسة حكومة نتنياهو العنصرية.

وتأتي زيارة أحمدي نجاد لدمشق بعد يوم من إعلان واشنطن رفضها أول من أمس فتح حوار مع حماس وحزب الله ردا على نداء وجهه الرئيس السوري بهذا المعنى، ودعت واشنطن دمشق في المقابل إلى استخدام نفوذها لدفع الحركتين إلى تغيير خطابهما. وقال روبرت وود المتحدث باسم الخارجية الأميركية لدى سؤاله عن تصريح الأسد: «ما نرغب به هو أن تدفع سورية المجموعتين إلى تغيير سلوكهما». وحض الأسد واشنطن على إقامة حوار «مباشر أو غير مباشر» مع كل من حماس وحزب الله من أجل التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط، وذلك في مقابلة بثتها الأحد القناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي.

كما تأتي زيارة نجاد لدمشق متزامنة مع فاعليات مؤتمر «إيباك» في واشنطن والمفترض أن يتحدث أمامه الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس الذي أجرى أمس مباحثات مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول خطر إيران النووي. وفيما قالت أميركا إنها تريد إتاحة الفرصة للمفاوضات مع طهران، ثم التحرك بناء على طريقة تصرف طهران، أوضحت إسرائيل أمس أن التفاوض مع طهران يجب أن يدور في إطار زمني محدد. وطالب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمس أن لا تتعدى مدة الجهود الأميركية لإنهاء الأزمة النووية مع إيران عن طريق الحوار ثلاثة أشهر يجب بعدها اتخاذ «إجراءات عملية». ونقل مكتب ليبرمان عنه قوله لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني: «من المهم أن ينحصر الحوار مع إيران بمدة زمنية، وإذا أصبح واضحا بعد 3 أشهر أن الإيرانيين يريدون كسب الوقت ولا يوقفون برنامجهم النووي، فإنه يتعين آنذاك على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عملية ضدهم». والشهر الماضي قررت 6 دول كبرى بقيادة واشنطن دعوة إيران إلى إجراء محادثات مباشرة حول برنامجها النووي، الذي تشتبه تلك الدول بأنه يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران، وتؤكد على الطبيعة السلمية للبرنامج.

إلى ذلك، أفاد مصدر في وزارة الخارجية الأميركية أن موفدا عالي المستوى سيتوجه الأسبوع الجاري إلى دمشق للمرة الثانية خلال شهرين في إطار سعي واشنطن لتحسين علاقاتها مع سورية التي تدهورت كثيرا في عهد الرئيس جورج بوش. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن مساعد وزيرة الخارجية بالوكالة المكلف الشرق الأوسط جيفري فلتمان سيغادر واشنطن اليوم متوجها إلى سورية التي زارها مطلع مارس (آذار) في أول زيارة بهذا المستوى منذ 2005. واعتبر فلتمان عقب لقاء مع وزير الخارجية وليد المعلم في السابع من مارس (آذار) أن بإمكان سورية لعب دور «بناء» في الشرق الأوسط.