تشاد تتهم السودان بالهجوم على أراضيها بعد 48 ساعة من توقيع اتفاق بينهما في الدوحة

وزير الخارجية التشادي لـ«الشرق الأوسط»: نحن في حالة حرب أعلنها السودان على بلادنا

TT

اتهمت الحكومة التشادية السودان مجددا بشن هجوم على أراضيها بدعمه متمردين توغلوا شرق البلاد صباح أمس من دون وقوع معارك مع الجيش التشادي. وتأتي الاتهامات بعد يومين من توقيع الحكومتين اتفاقا لتطبيع العلاقات بينهما في العاصمة القطرية الدوحة كان يتوقع أن يتوج بعقد قمة رئاسية تجمع الرئيسين السوداني عمر البشير والتشادي ادريس ديبي في العاصمة الليبية طرابلس في موعد لاحق من الشهر الجاري، لكن الأحداث الأخيرة أدت إلى تعليق كل الإجراءات التي تمت بعد أن أعلنت انجمينا أنها في حالة حرب مع السودان وتحتفظ بحق الرد العسكري في حال عاد المتمردون إلى داخل الأراضي السودانية، فيما نفت الخرطوم الاتهامات واعتبرت أن ما يحدث صراع داخلي في تشاد.

وقال وزير الخارجية التشادي موسى فكي محمد لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، من العاصمة القطرية الدوحة حيث وقع عن بلاده اتفاقا مع وزير التعاون الدولي السوداني دكتور التيجاني سليمان فضيل لتطبيع العلاقات بينهما برعاية قطرية ـ ليبية، إن ما وقعه مع المسؤولين السودانيين لم يجف مداده بعد لتقوم الخرطوم بإرسال من أسماهم المرتزقة التشاديين إلى داخل أراضي بلاده، وأضاف أن حكومته أبلغت المجتمع الدولي في بلاغ رسمي بالاعتداء الذي وقع صباح أمس ليتحمل مسؤولياته، وتابع «إننا في حالة حرب بعد أن هجون السودان علينا والآن نحن ندافع عن أراضينا من الاعتداء الذي وقع علينا وأمام المجتمع الدولي والوسيط القطري»، مشيرا إلى أن قوات المتمردين دخلت أراضي بلاده من داخل السودان في السادسة من صباح أمس بالتوقيت المحلي لانجمينا. وأعلن متحدث باسم الحكومة التشادية أن المتمردين التشاديين دخلوا شرق تشاد قادمين من السودان مع «مئات الآليات» لكن لم يقع أي اشتباك حتى الآن بينهم وبين الجيش التشادي. وأوضح محمد حسين الذي يشغل أيضا منصب وزير الإعلام أن «المتمردين موجودون منذ أول من أمس داخل البلاد على بعد نحو مائة كلم شرقي جوز بيضا. وهم يتنقلون على متن مئات الآليات». وتقع بلدة جوز بيضا شرق تشاد حيث تنتشر مخيمات لاجئي دارفور السودانيين، وتبعد نحو مائة كلم غربي الحدود مع السودان. وأضاف حسين «لقد تابعنا تحركاتهم انطلاقا من السودان. لكن حتى الآن لم يحدث تماس بينهم وبين القوات الحكومية». واتهم المتحدث الحكومة السودانية بشن هجوم على بلاده الأمر الذي نفاه السودان على الفور.

وقال وزير الخارجية التشادي إن «الاعتداء جاء صبيحة توقيع البلدين اتفاقا في الدوحة برعاية قطرية ـ ليبية وأن الوسطاء كانوا يعدون لعقد قمة في العاصمة الليبية طرابلس في موعد لاحق يجمع البشير وديبي»، وتابع «إننا أبلغنا الوسيط القطري خلال المفاوضات في الأيام الماضية مع الوفد السوداني أن الخرطوم لا تلتزم بأي اتفاق وأثبتنا ذلك اليوم وقد أحرجوا الوسطاء بفعلتهم المشينة»، مشيراً إلى أن الاتفاق الأخير نص على تطبيع العلاقات وتوطيدها، بناء الثقة لعقد في موعد يحدد في وقت لاحق، وقال «لن يتم عقد لقاء قمة بين ديبي والبشير بعد هذه الاعتداءات». وأشار فكي إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ذكر في تقريره الحشود التي يقوم بها السودان، وقال إن الأطراف الدولية رأت من هو المعتدي على أراضيه وأن حكومته أبلغت المجتمع الدولي بما قام به السودان من إرسال الحشود من داخل أراضيه بسيارات ضخمة ذات الدفع الرباعي وآليات عسكرية. وأضاف «نعلم أن المعسكرات كانت في الجنينة والآن لدينا حق الرد إذا هرب المرتزقة إلى داخل السودان وسنطاردهم».

من جهتها ردت الخارجية السودانية في بيان للناطق باسمها السفير علي الصادق تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بأن هذه الاتهامات ليست بالجديدة ولن تكون الأخيرة وسبق أن تم بثها قبل وأثناء مفاوضات الدوحة. وقال إن الحكومة السودانية وقبل المغادرة للدوحة رصدت كذلك تحركا مكثفا لحركة العدل والمساواة عبر الحدود ومن ثلاثة محاور مدعومة بقوات وأسلحة تشادية. وأضاف «رغما عن ما ورد أعلاه فقد ذهب الطرفان للدوحة وتبادلا تلك الاتهامات في إطار المصارحة والشفافية في الجلسة الأولى المغلقة بين الأطراف وبحضور الوساطة المشتركة». وأشار البيان إلى أن الأطراف قد توصلت لاتفاق الدوحة أملا في وضع لهذه الاتهامات والشكوك بوضع آليات المراقبة والتحقق والحماية موضع التنفيذ بعد تأكيد الرغبة في وقف هذه الأعمال المضرة لأمن البلدين وإعادة العلاقات بالتدرج لطبيعتها السابقة. وقال البيان «عقب عودة الوفد الحكومي من الدوحة التقى بالرئيس البشير وأطلعه علي الاتفاق وباركه ووجه كافة الأجهزة المعنية بوضعه موضع التنفيذ».

من جهته قال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية إن بلاده «ليست لها أي صلة» بهجوم عسكري على تشاد نافيا بذلك اتهامات بهذا المعنى للحكومة التشادية، وأوضح المتحدث عثمان الاغبش لوكالة الصحافة الفرنسية أن «ما يجري حاليا في تشاد يتعلق بالجيش التشادي والمتمردين التشاديين. وليس للسودان أي علاقة بذلك».

وبحسب فرنسا فإن مجموعات مسلحة «قد تكون دخلت تشاد قادمة من السودان». وقال اريك شوفاليه المتحدث باسم الخارجية الفرنسية «يبدو أنهم توغلوا عشرات الكيلومترات في الأراضي التشادية» معربا عن شعور فرنسا بـ «قلق بالغ» لذلك. وأشارت صحيفة «لي بروغوري» (التقدم) التشادية المقربة من السلطات في عددها أمس إلى «تحركات للمتمردين.. رصدت في محيط جوز بيضا». وأضافت «أن القيادة العسكرية تؤكد أنهم موضع مراقبة جيدة». وقررت مهمة الأمم المتحدة في تشاد من جهتها زيادة عدد دورياتها العسكرية حول جوز بيضا وأمرت بتقييد التحركات «كإجراء أمني» من دون أن تصرح بعلاقة هذه الإجراءات بتحركات المتمردين.