بدء الترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية.. وتقارير أن خامنئي يبحث بدائل للرئاسة

5 أيام لإزالة غموض موقف نجاد وأنصار موسوي ينددون بتأييد التلفزيون الرسمي للرئيس

TT

قالت وسائل إعلام إيرانية، إن السلطات الإيرانية بدأت أمس تسجيل الراغبين في الترشح لخوض انتخابات الرئاسة في إيران والتي تجري في 12 يونيو (حزيران). ولم يعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ترشحه لفترة رئاسية ثانية مدتها 4 سنوات. ويأتي عدم ترشحه وسط تقارير ذكرت أنه قد يعلن انسحابه من السباق الرئاسي لدواعٍ صحية، كما يأتي غموض موقفه من الترشح حتى الآن وسط خلاف بينه وبين المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي الذي نقض أول من أمس قرارا للرئيس الإيراني بضم هيئة الحج إلى منظمة التراث والسياحة الإيرانية التي يرأسها رحيم مشائي، وهو عديل أحمدي نجاد. ففي سابقة من نوعها، عارض خامنئي علنا، للمرة الأولى، قرارا اتخذه نجاد بإقالة رئيس هيئة الحج الإيرانية مصطفى قهرودي، وطلب في بيان إعادته إلى منصبه.

ونشرت الصحف الإيرانية بيان خامنئي الذي رأى فيه مراقبون دليلا على تراجع دعم المرشد لنجاد مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وقال البيان: «في ما يتعلق بالتغيير في هيئة الحج، جرى تنبيه الرئيس بقوة إلى أن ضم الهيئة إلى لجنة السياحة ليس ملائما»، وأضاف أنه يفضل «بقاء الوضع على ما كان عليه». وقالت الصحف إن خامنئي تجنب حتى مخاطبة نجاد في بيانه الذي وجهه إلى ممثله في الهيئة التي تشرف على تنظيم الحج إلى مكة المكرمة وتحظى بنفوذ لدى الإيرانيين.

غير أنه إذا ترشح نجاد فسيكون أبرز منافسيه حتى الآن هو المرشح الإصلاحي المعتدل مير حسين موسوي الذي كان رئيسا للوزراء في إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت من عام 1980 حتى عام 1988، والمرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي رئيس البرلمان الإيراني خلال ولاية الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، إضافة إلى مرشح المحافظين البرغماتيين محسن رضائي الرئيس السابق للحرس الثوري وأحد رجال الحلقة الضيقة المقربين من المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي. وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية «إرنا»: «بدأ تسجيل المرشحين... لانتخابات الرئاسة هذا الصباح بمقر الداخلية»، وذكرت أن التسجيل سيستمر 5 أيام، موضحة أن 6 مرشحين سجلوا أسماءهم في الساعة الأولى، لكنها لم تكشف عن هويتهم. وبحسب فقرات من الدستور نشرتها وزارة الداخلية الإيرانية على موقعها الإلكتروني، فإن المرشحين «يجب أن يكونوا شخصيات دينية وسياسية»، وأن «يكونوا حاملين الجنسية الإيرانية ومن أصل إيراني». كما يجب أن يكونوا «أوفياء لمبادئ الجمهورية الإسلامية ويدينون بالديانة الرسمية في البلاد» أي الإسلام الشيعي. ولا يمكن الترشح لأفراد الأقليات السنية والمسيحية واليهودية والزرادشتية المعترف بها رسميا. ولم تعلن الوزارة ما إذا كان هناك حد أقصى لعمر المرشحين. وبعد انتهاء مهلة تسجيل الترشيحات في التاسع من مايو (أيار) ستحال لائحة المرشحين إلى مجلس صيانة الدستور لدرسها. والمجلس الذي يهيمن عليه المحافظون سيعلن اللائحة النهائية للمرشحين المؤهلين خوض الانتخابات في 20 و21 مايو على أن تبدأ الحملة الانتخابية في 22 مايو. وبحسب أرقام وزارة الداخلية، يمكن لحوالي 46.2 مليون إيراني التصويت، من أصل عدد سكان إجمالي قدره 70 مليون نسمة.

وأفاد نائب وزير الداخلية كامران دانشجو المسؤول عن الانتخابات مؤخرا، أن النتائج ستعلن في 13 يونيو. وقال أول مرشح قام بتسجيل اسمه، وهو غير معروف إطلاقا، في تصريح لوكالة «إرنا» الرسمية، إنه يأمل في الفوز بمائة في المائة من الأصوات.

وقال محسن حجي نجف أبادي البالغ من العمر 45 عاما «إنني واثق من أنني سأحصل على مائة في المائة من الأصوات». وأضاف «إن أول قرار سأتخذه بعد فوزي سيقضي بإنشاء منظمة لإحلال العدالة لأن الظلم والفساد يمكن أن يلحقا الضرر بالجمهورية الإسلامية».

ورفض مجلس صيانة الدستور قبل 4 سنوات ما يزيد على ألف ترشيح، ولم يستبق في نهاية المطاف سوى 7 أسماء. وعمد هذا المجلس خلال السنوات الثلاثين الماضية بشكل منهجي إلى رفض الترشيحات النسائية، عملا بتفسير متشدد للدستور. غير أن المتحدث باسمه أعلن مؤخرا أنه يمكن للنساء أيضا تقديم ترشيحهن، مؤكدا أن السبب خلف رفضهن في الماضي كان افتقارهن إلى الكفاءات الضرورية لهذا المنصب.

ونقل موقع قناة «العالم» الإخباري عن وزير الداخلية صادق محصولي اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لتنظيم انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، قائلا: «الحكومة أعدت كل الأجواء والمقدمات واتخذت كل الإجراءات اللازمة لمرشحي الانتخابات الرئاسية العاشرة قبل الحملة الانتخابية».

من جانبه، قال كامران دانشجو مساعد وزير الداخلية رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات في البلاد: «يستمر التسجيل حتى السبت الموافق التاسع من هذا الشهر في مقر لجنة الانتخابات».

وأضح كامران أن إيران ستشهد يوم 12 يونيو القادم 4 انتخابات في آن واحد، هي الانتخابات التكميلية للمجالس الإسلامية في المدن والقرى لمنطقتي كرمانشاه وآروني، والانتخابات التكميلية لمجلس خبراء القيادة في محافظتي كلستان وطهران، وكذلك الانتخابات التكميلية لمجلس الشورى الإسلامي في ست مناطق، إضافة إلى انتخابات رئاسة الجمهورية في دورتها العاشرة التي ستقام في 368 مدينة ومنطقة في إيران. إلى ذلك ندد أنصار مير حسين موسوي بـ«التغطية المنحازة» للتلفزيون الإيراني الحكومي لصالح محمود أحمدي نجاد، بحسب ما جاء على موقعهم على الإنترنت. وتظاهر نحو مائة من أنصار موسوي أمام مقر الإذاعة والتلفزيون الحكومي (المحتكر من قبل الدولة) «للاحتجاج على الحملة الانتخابية المؤيدة لأحمدي نجاد في التلفزيون والإذاعة»، بحسب الموقع. وفي غياب وسائل إعلام سمعي وبصري خاصة طالب المحتجون بأن «يتاح لجميع السياسيين حيزا متساويا» خلال الحملة الانتخابية التي تبدأ في 22 مايو. وقال مهدي درويش أحد منظمي الاحتجاج إن هيئة «الإذاعة والتلفزيون أصبحت جهة مشاركة في حملة الحكومة.. وانحازت لجهة سياسية». وتقدم مسؤول في الإذاعة والتلفزيون عرف باسم جعفري من المتظاهرين نافيا انحياز المؤسسة لأحمدي نجاد. وأوضح أن «الحضور الكبير» للرئيس في برامج التلفزيون يعود لكون «هذه الحكومة أكثر نشاطا من سابقتها»، بحسب الموقع.

ومن الصعب في غياب استطلاعات للرأي بروز مرشح أوفر حظا من سواه، لكن يشار في هذا الصدد إلى أن الرؤساء الثلاثة الأخيرين فازوا كلهم بولاية ثانية، مما يجعل نجاد في حالة انسحابه أو عدم فوزه أول رئيس إيراني بعد الثورة لا يخدم ولايتين، باستثناء أبو الحسن بني صدر الذي تم الإطاحة به. وقال موسوي الذي يلقى دعم الرئيس الإيراني المعتدل السابق محمد خاتمي، إنه سيحترم الحريات الاجتماعية في إيران ويسعى لتحسين العلاقات مع الغرب. ومن بين المرشحين الآخرين لانتخابات الرئاسة مهدي كروبي رجل الدين المعتدل ورئيس البرلمان السابق الذي انتقل إلى معسكر الإصلاحيين خلال رئاسة خاتمي، وقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي وهو محافظ بارز له علاقات وثيقة مع المرشد والحرس الثوري، ولم يكن ليترشح لو لم يأخذ إذنا من خامنئي، مما يضع أسئلة أمام حجم دعم المرشد لأحمدي نجاد. وكان لافتا الانتقاد الشديد الذي وجهه محسن رضائي إلى أحمدي نجاد أول من أمس في مؤتمر صحافي انتخابي، حيث قال إن الطريق التي يتبعها أحمدي نجاد تقود إلى الهاوية. وهاجم رضائي السياسة التي يتبعها نجاد، مشيرا إلى أنه يسعى لإيجاد طريق ثالث، آخذا على الرئيس الإيراني نكرانه للمحرقة اليهودية ومعتبرا أنها مسألة تاريخية ينبغي عدم استخدامها سياسيا.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وعد رضائي بالتعاون مع واشنطن في المجالات الأمنية في حال انتخابه. وقال إن الغرب والولايات المتحدة بحاجة إلينا اليوم، ودعا إلى الاستجابة لمبادرات الإدارة الأميركية المنفتحة حيال إيران، معتبرا أن على طهران استغلال حاجتهم هذه لخدمة مصالحها الوطنية، رافضا السلبية والمجازفة.