نتنياهو يطرح على أوباما خطة لسلطة حكم ذاتي تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية

الرئيس الأميركي يطالب إسرائيل باختراق كبير في عملية السلام.. ورئيس وزرائها إلى شرم الشيخ الاثنين

TT

بعد ساعات من انتهاء اللقاء في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، سربت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خبرا مفاده أن إسرائيل تعد خطة تفصيلية للتقدم في عملية السلام ولكن ليس بروح الرسائل الأميركية وان هذه الخطة تعتمد على إقامة سلطة حكم ذاتي للفلسطينيين «كخطوة ضرورية إلى حين تنضج الظروف لتحويلها إلى دولة فلسطينية».

ويأتي الكشف قبل الزيارة المحتملة لنتنياهو لمصر يوم الاثنين المقبل التي ستكون أول زيارة خارجية له منذ توليه مهام منصبه في 31 مارس (آذار) الماضي. وأعلن مصدر رسمي إسرائيلي أمس في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «سيجري رئيس الوزراء محادثات مع الرئيس (المصري حسني) مبارك يوم الاثنين في شرم الشيخ» على البحر الأحمر.

وكان رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان سلم دعوة رسمية إلى نتنياهو لزيارة مصر خلال لقاء معه في 22 أبريل (نيسان) الماضي في القدس. ولكن مصر لم توجه أي دعوة إلى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي قال في تصريحات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أي قبل تعيينه في منصبه إن الرئيس المصري يمكنه «الذهاب إلى الجحيم» بسبب رفضه القيام بزيارة رسمية إلى إسرائيل. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أخيرا إنه لن يصافح ليبرمان لو التقاه صدفة في أي محفل.

وقالت مصادر سياسية عليا في القدس الغربية إن نتنياهو سيحاول إقناع الرئيس أوباما بهذه الخطة خلال لقائه معه في 18 مايو (أيار) الجاري، مبررا ذلك «بأن الظروف الحالية للفلسطينيين لا تسمح بإقامة دولة فلسطينية. فهم يعيشون حالة انشقاق كبيرة من غير المستبعد أن تتحول إلى صدامات دموية. قطاع غزة سلطة خاصة بقيادة حركة حماس التي تريد هدنة طويلة وليس اتفاق سلام مع إسرائيل والضفة الغربية سلطة أخرى تريد أن تجعلها إسرائيل دولة. ولا أحد يستطيع منهما التكلم باسم الشعب الفلسطيني أو التوصل إلى اتفاقيات سلام حقيقية يستطيعون الدفاع عنها». وادعت هذه المصادر أن نتنياهو لا يريد التهرب من مقتضيات عملية السلام، بل يريد أن يتوصل إلى تسوية تدريجية يمكن تجربتها على أرض الواقع خطوة خطوة، «حتى لا تنفجر عملية السلام في وجهنا جميعا».

ولكن هذه الفكرة حول الحكم الذاتي تبدو حتى في نظر سياسيين إسرائيليين، متناقضة مع روح الرسائل التي يبثها البيت الأبيض منذ تولي الرئيس أوباما الحكم. وآخر هذه الرسائل حملها أوباما إلى بيريس في لقائهما أول من أمس، أوضح فيها أن الإدارة الأميركية تريد اختراقا حقيقيا كبيرا في عملية السلام وليست معنية باقتراحات وخطط من شأنها أن تماطل في العملية. وتقول إن حساباتها تجاه تسوية الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني تندرج في إطار تسوية شاملة للمنطقة، تبدأ بتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي ترى فيه عثرة أساسية أمام التقدم في أي مسار آخر، خصوصا قضية التسلح النووي الإيراني.

وقال بيريس في حديث مع الصحافيين الإسرائيليين المرافقين له، عقب اللقاء مع أوباما، انه خرج مطمئنا للموقف الأميركي من الموضوع الإيراني. وانه على قناعة بأن الحكومة الإسرائيلية ستنسجم مع الطرح الأميركي. ولكن بعد ساعات من هذا التصريح، نشر نتنياهو تصوره حول الحكم الذاتي. وحسب مصدر مقرب من الرئيس الإسرائيلي فإن هذا التصور فاجأ بيريس وتلقاه بشيء من المرارة.

وكان بيريس قد أمضى في البيت الأبيض ساعة كاملة، انفرد خلالها لربع الساعة مع الرئيس أوباما، ثم عقدت جلسة موسعة بحضور كبير موظفي البيت الأبيض، رام عمانوئيل، ورئيس مجلس الأمن القومي، الجنرال جيمس جونز. وطلب أوباما ومساعداه من بيريس أن تبادر إسرائيل إلى خطوات فعلية وفورية تعيد الثقة للفلسطينيين والعرب وتقنعهم بأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ملتزمة بعملية السلام، مثل إزالة البؤر الاستيطانية العشوائية والإعلان عن تجميد البناء والاستيطان وفتح الطرق في الضفة الغربية أمام حركة تنقل الفلسطينيين وفك الحصار عن قطاع غزة. وعندما حاول بيريس تفسير صعوبات مثل هذه الخطوات في هذه المرحلة والتأكيد على أهمية عنصر الأمن الإسرائيلي في الموضوع، قال جونز إن الأمن يجب ألا يكون ذريعة للتقدم في عملية السلام، وذكر بيريس بأنه كان قد تولى مهمة فحص الموضوع الأمني إبان حكم الرئيس جورج بوش وتقدم في حينه بتقرير تفصيلي يحتوي على توصيات بعدة إجراءات يمكن أن تنفذها إسرائيل من دون أن تمس بأمنها.

وقال أوباما في هذا السياق إن إدارته متمسكة بتعهداتها لحفظ أمن إسرائيل ووضعه على رأس اهتماماتها وكل ما تقترحه في إطار دفع عملية السلام مرتبط بمبدأ الحفاظ على أمن إسرائيل. من جهة ثانية تقدم النائب نحمان شاي من حزب «كديما» المعارض في إسرائيل بطلب عاجل إلى الكنيست، يلزم نتنياهو، بعرض خطته السياسية على الكنيست قبل أن يطرحها على الرئيس أوباما. وقال: «نحن انتخبنا من الجمهور الإسرائيلي ونريد كشف حساب واضحا ولا يعقل أن نسمع من وسائل الإعلام عن مخططات رئيس الحكومة». وأضاف: «يبشروننا بمفاجأة مدوية حول عملية السلام، ويتجاهلون أن إسرائيل دولة ديمقراطية توجد فيها مؤسسات تشريعية، لها الحق الأول في سماع خطط رئيس الحكومة». لكن رئيس الكنيست، روبي رفلين، رفض عقد جلسة خاصة لهذا الموضوع قبل سفر نتنياهو إلى واشنطن. وقال إن القانون يعطيه 21 يوما لعقد جلسة كهذه وإنه ينوي استغلال بنود القانون حتى النهاية.