أهالي الغجر يطالبون بألا تنسحب إسرائيل من قريتهم.. لأنهم يعتبرون أنفسهم سوريين لا لبنانيين

المجلس الوزاري المصغر للحكومة الإسرائيلية أجل بحث الموضوع

TT

توجه وجهاء قرية الغجر، الواقعة على الحدود السورية اللبنانية الجنوبية، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طالبين ألا يرضخ للطلب الأميركي بالانسحاب إلى الحدود الدولية مع لبنان، التي تشق قريتهم إلى نصفين وتفرق شمل عائلاتهم. وبناء على هذا الطلب، قرر نتنياهو تأجيل البحث في الطلب الأميركي، من يوم أمس إلى يوم غد، ليفحص موقف واشنطن من هذا التطور.

وكان جورج ميتشل، الموفد الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى الشرق الأوسط، قد توجه بطلبه إلى نتنياهو خلال زيارته الأخيرة في الشهر الماضي، معتبرا الانسحاب الإسرائيلي من الغجر «بادرة حسن نية» تجاه لبنان وتطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وقد أعطى نتنياهو موافقة مبدئية على الطلب، على أمل أن تخفف موافقته من حدة الخلافات مع إدارة الرئيس أوباما عشية زيارته إلى واشنطن المقررة ليوم الثامن عشر من هذا الشهر.

ولكن هذا القرار أثار موجة رفض شديدة من الناطقين بلسان أهالي الغجر، مؤكدين أنه لا يأخذ بالاعتبار الوقائع الجديدة على الأرض ومصالحهم واحتياجاتهم الناجمة عنها.

والمعروف أن الغجر هي واحدة من القرى الخمس التي سيطرت عليها إسرائيل وأبقت فيها السكان العرب خلال «حرب الأيام الستة» عام 1967. وفي حينه تأخر احتلال القرية لمدة شهرين، لأن القوات الإسرائيلية المحتلة لم تنبه لوجودها ضمن هضبة الجولان السورية التي احتلتها. وبعد انقضاء شهرين نفدت خلالها المواد الغذائية والطبية في القرية، توجه وجهاؤها إلى الجيش الإسرائيلي طالبين المساعدة على اعتبار أنهم باتوا مقطوعين ومنعزلين عن القيادة السورية، وأوضحوا يومها أنهم سوريون ولكن قريتهم الواقعة على الحدود السورية اللبنانية غير المرسمة جعلتهم تائهين بين الولاء لسورية أو لبنان. فكان أن شملتهم إسرائيل باحتلالها ومنحتهم الجنسية الإسرائيلية.

وخلال سنوات الاحتلال اتسع نطاق القرية وتضاعف عدد سكانها (حوالي ألفي مواطن اليوم)، وراحوا يبنون البيوت في الاتجاه الشمالي للقرية. وعندما رسمت الحدود اللبنانية الإسرائيلية في هذه المنطقة، تبين أن مسار خط الحدود يقسم المنطقة إلى نصفين، بحيث أن البناء إلى الشمال امتد داخل الأراضي اللبنانية. والانسحاب الإسرائيلي إلى خط الحدود سيؤدي إلى تفرق العائلة الواحدة ما بين دولتين، وسيحول دون لقاء الأهل ببعضهم البعض. ولذلك توجهوا إلى الحكومة الإسرائيلية وإلى الأمم المتحدة طالبين إيجاد تسوية تضمن وحدة القرية، فإما تبقى داخل نطاق الاحتلال كمنطقة سورية محتلة، أو تنضم إلى لبنان كوحدة واحدة. وقد رفضت إسرائيل ضمها إلى لبنان لأن ذلك يعني توسع الحدود اللبنانية إلى داخل إسرائيل، فضلا عن رفض الجيش الإسرائيلي ذلك لأسباب عسكرية استراتيجية.

ولكن إسرائيل كانت مستعدة للتجاوب مع الطلب الأميركي بالانسحاب من نصف قرية الغجر، خصوصا أن نشر الموضوع أدخل اللبنانيين في صراعات داخلية تمت بصلة إلى الانتخابات اللبنانية، فقوى المعارضة اللبنانية اعتبرت الأمر محاولة إسرائيلية لمساندة «المعتدلين» في الانتخابات، فيما دافعت قوى الأكثرية البرلمانية عن الانسحاب المحتمل، مؤكدة أن أي انسحاب إسرائيلي من أرض عربية محتلة هو مصلحة وطنية.. فيما كانت إسرائيل تتفرج، بفرح، على هذا الصراع.

وبعد أن حانت ساعة اتخاذ القرار. هرع وجهاء الغجر إلى نائب وزير التطوير الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، أيوب قرا، بوصفه من أعضاء حزب الليكود الحاكم ومقرب من نتنياهو، للمطالبة بعدم «تمزيق قريتهم». فطمأنهم قرا، الذي اجتمع بهم الليلة قبل الماضية في مطعم في قرية طمرة العربية في الجليل، بعيدا عن عيون الصحافة، وقال لهم ان نتنياهو أخبره بأنه سيؤجل بحث قضيتهم يومين حتى يطلع على موقف واشنطن منه.

وسوف يبحث الموضوع، حسب قرا، في اجتماع خاص للمجلس الوزاري الأمني المصغر، يعقد لهذا الغرض يوم غد.